من المتوقع أن يظهر تأثير حرب روسيا وأوكرانيا على المغرب والجزائر، هذه التأثيرات أغلبها سلبي، والقليل منها إيجابي، بالنظر إلى أن خارطة المصالح قائمة رغم البعد الجغرافي.
وبدأت مجموعة من دول العالم الثالث تحبس أنفاسها بسبب هذه الحرب، هذه الدول لا تُستثنى منها دول المغرب العربي، فالجزائر مثلاً متحالفة عسكرياً مع روسيا، والمغرب يعتمد على جزء كبير من قمح أوكرانيا لسد حاجاته.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أعلن في الساعات الأولى من صباح يوم الخميس، 24 فبراير/شباط 2022، عن انطلاق العملية العسكرية في إقليم دونباس شرقي أوكرانيا.
الغاز الجزائري.. هل يُعوّض روسيا؟
قد تكون الجزائر من الدول التي يمكن أن تتأثر إيجابياً من الحرب الروسية-الأوكرانية، باعتبار أن العالم سيصبح أكثر حاجة لصادراتها من الغاز؛ لأن روسيا ثاني دولة تمتلك الغاز تشُن حرباً على جارتها أوكرانيا.
وستستفيد الجزائر من حرب روسيا على أوكرانيا إذا ما فُرضت عقوبات على موسكو من طرف مجلس الأمن الدولي، وبالتالي فإن صادراتها من الغاز ستنخفض، مقابل ارتفاع صادرات دول أخرى مالكة للغاز منها الجزائر.
وحسب تحليل نشرته وكالة بلومبرغ الأمريكية، فإن الجزائر في مقدمة الدول التي يمكن الاعتماد عليها لتزويد أوروبا بالغاز في فترة الحرب بين روسيا وأوكرانيا لتعويض النقص.
وتعتبر الجزائر ثالث أكبر مصدر للغاز للاتحاد الأوروبي بعد روسيا والنرويج، كما أنها مزود رئيسي لكل من إيطاليا وإسبانيا بحكم القرب الجغرافي، الأمر الذي من المتوقع أن يوفر لها مردوداً مالياً، ويُكسبها نفوذاً سياسياً ودبلوماسياً.
لكن إنتاجية الغاز الجزائري تبقى ضعيفة، مقارنةً مع نظيرتها الروسية، الأمر الذي أكده رئيس تنفيذي أسبق لشركة "سوناطراك" الحكومية للمحروقات في الجزائر، في حديث لـ"الأناضول"، بقوله إن "الجزائر لا يمكنها تعويض الغاز الروسي لسبب بسيط، وهو فارق الإنتاج بين البلدين".
وأوضح الرئيس التنفيذي الأسبق لسوناطراك أن الجزائر تصدر في أحسن الأحوال ما بين 20 إلى 30 مليار متر مكعب إلى إيطاليا، ونحو 12 ملياراً إلى البرتغال وإسبانيا، وكميات أخرى أقل نحو فرنسا وتركيا واليونان ودول أخرى.
وعلَّق بالقول: "كميات الغاز التي تصدرها الجزائر سنوياً إلى أوروبا تفوق 42 مليار متر مكعب، بينما بإمكان أنبوب روسي واحد أن يضخ هذه الكميات".
وقال المتحدث في تصريحه: "بكل صراحة وموضوعية لا يوجد حالياً بلد بإمكانه مواجهة الإنتاج الروسي من الغاز، هناك محاولات أوروبية لتقليل التبعية للغاز الروسي، من خلال مصادر أخرى، على غرار الجزائر وقطر والولايات المتحدة".
السلاح الروسي في خبر كان
وعن تأثير حرب روسيا وأوكرانيا على الجزائر، ففي حالة فرض العقوبات على روسيا فإن الجزائر ستخسر أول مورّد أسلحة لها، إذ ضاعفت روسيا في الآونة الأخيرة صادراتها من الأسلحة إلى الجزائر، أكبر الدول العربية والإفريقية مساحة.
واستطاعت روسيا المحافظة على مكانتها كأول مزوِّد للجيش الجزائري، الذي تبلغ ميزانيته السنوية الخاصة بالتسليح نحو عشرة مليارات دولار، تحصل روسيا على نصيب الأسد منها.
وتعتبر موسكو أول مموّن للجزائر بالأسلحة، وحسب مراقبين فإن مشترياتها بلغت مليارات الدولارات على مدار السنوات الماضية، منها طائرات "سوخوي" و"ميغ"، وأخرى لنقل الجند ومروحيات ودبابات، إضافة إلى 6 غواصات، وأنظمة دفاع جوية متطورة.
ووقّعت الجزائر وروسيا في 2001 اتفاقية شراكة استراتيجية للتعاون في عديد من المجالات، على غرار القطاع العسكري والتجاري والطاقة، كما ترتبط سوناطراك الجزائرية للمحروقات بعلاقات وطيدة مع شركات طاقة روسية، على غرار غازبروم و"لوك أويل" وشركات أخرى.
وتتميز العلاقات الجزائرية-الروسية بكونها متينة منذ استقلال الجزائر عام 1962، في شقيها الدبلوماسي والعسكري، وفي الفترة الأخيرة قوّت الجزائر من علاقاتها الاستراتيجية مع روسيا.
بعد قمح أوكرانيا.. ما بديل المغرب؟
وإذا كانت الجزائر ستستفيد نسبياً من حرب روسيا وأوكرانيا، فإن المغرب سيبقى من بين أكبر المتضررين، باعتباره يعتمد على مجموعة من المنتجات الأوكرانية.
وفي يناير/كانون الثاني 2021، أعلنت وزارة الزراعة الأمريكية أن أوكرانيا في طريقها لتصبح المورد الرئيسي للقمح في المغرب، هذا الأخير الذي يُسجل في العادة ضعف الإنتاج المحلي.
وما سيزيد تعقيد الوضع في المغرب بسبب الأزمة في أوكرانيا، أن المملكة هذه السنة تعيش موسماً استثنائياً، بسبب موجة الجفاف التي ضربت البلاد، وبالتالي فإن الإنتاج المحلي للقمح سيتراجع بشكل كبير.
وقالت وزيرة الزراعة الأمريكية في بيانها إن واردات المغرب من القمح الأوكراني وصلت إلى 6.5 طن خلال الموسم الزراعي 2020-2021، أي ما يزيد على 35% من واردات الموسم الذي سبقه.
وكانت أوكرانيا قد ضاعفت من صادراتها من القمح اللين إلى المغرب في 2021، وأصبحت مورداً رائداً للقمح بالنسبة للمغرب، وذلك بعدما سمح لها بدخول المملكة معفاة من الرسوم الجمركية على شحنات القمح اللين.
سلاح أوكرانيا.. ما البديل؟
وبعيداً عن القمح كان المغرب في الفترة الأخيرة يضع أوكرانيا في مقدمة الدول التي يحاول أن يستورد منها أسلحة جديدة، وذلك بحسب ما أعلنه موقع "تاكتيكال ريبورت"، في 7 فبراير/شباط 2022.
وكشف تقرير "تاكتيكال ريبورت"، المتخصص في الشؤون العسكرية، أن القوات المسلحة الملكية المغربية تدارست مسألة الاقتناء، وبدأت فعلاً في اقتناء مركبات محمية من الكمائن المقاومة للألغام (MRAP) من أوكرانيا.
وأضاف الموقع أن مسؤولين عسكريين مغاربة قاموا بزيارة لمقر الشركة الأوكرانية؛ حيث قدمت هذه الأخيرة عرضاً حياً لإظهار القدرات القتالية للمركبات المدرعة "إم راب فارتا"، و"سيف نوفاتور"، بقذائف هاون وذخيرة عيار 60 ملم و82 ملم و12 ملم.
الصفقة التي دخلها المغرب لتوسيع ذخيرته من السلاح من أوكرانيا، أصبح من المؤكد أنها ستتوقف بسبب الحرب القائمة، التي انطلقت صباح اليوم الخميس 24 فبراير/شباط 2022.