تراجع الإعلامي المصري المثير للجدل إبراهيم عيسى، الأربعاء 23 فبراير/شباط 2022، عن تصريحاته السابقة التي اتُّهم فيها بإنكاره "واقعة المعراج" والتي أثارت جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر وفي العالم العربي والإسلامي، مؤكداً أنه "لم ينكر الواقعة" وأن ما وقع هو "سوء فهم".
في تعليق له بقناة "القاهرة والناس"، عبر برنامج "حديث القاهرة"، صرح إبراهيم عيسى بأن ما وقع هو سوء فهم لتصريحاته حول حادثة المعراج، واتهم "البعض بالتربص به بسببها".
كما أوضح في المناسبة نفسها: "لم أتبنَّ الروايات الواردة، كما أني لم أنكر المعراج، بل قلت هناك روايات مختلفة، وإن بعض اللي بيتكلم عن واقعة المعراج يقول إنها لم تحدث".
وأضاف أنه طالب الفقهاء بأن "يخبروا الناس بأن هناك روايات مختلفة فقط".
الإعلامي المصري، الذي اشتهر بتناوله المواضيع "الجريئة في الشؤون الدينية"، أكد أنه تلقى تهديدات وتم اتهامه بأنه يطعن في المعراج وفي الدين الإسلامي.
كما وصف الانتقادات التي انهالت عليه بسبب تصريحاته، بأنها "محاكم تفتيش تعرض لها"، داعياً الجميع إلى "نقاش هادئ حولها".
تصريح مثير للجدل
صدر عنه الجمعة 18 فبراير/شباط 2022، قال فيه إن حادثة معراج النبي محمد- صلى الله عليه وسلم- "قصة وهمية"، على حد تعبيره، مهاجماً رجال الدين الذين يتحدثون عن المعراج على أنه "حقيقة"، وفق قوله.
عيسى، وفي برنامجه الذي يقدمه على قناة "القاهرة والناس"، هاجم رجال الدين، وانتقدهم بأنهم يقدمون للناس "نصف الحقيقة"، وقال إن بعضهم "يسردون قصصاً دينيةً غير كاملة"، واعتبر أن الناس ليسوا بحاجة إلى "المشايخ" من أجل أن يعلموهم الدين.
اعتبر عيسى أن من بين القصص "الوهمية" التي يروّجها رجال الدين، حادثة المعراج التي ينظر إليها المسلمون على أنها واحدة من المعجزات التي خصّ بها الله نبيه محمداً.
الإعلامي المصري قال: "ما رأيك بأنه لا يوجد معراج؟ هل ستصدق أنه لا يوجد معراج؟ وكل القصة عن أنه صعد للسماء (النبي محمد)، وأنه رأى الناس في النار هي قصة وهمية كاملة"، وزعم أن هذا "مذكور في كتب السيرة والحديث والتاريخ".
هاجم عيسى رجال الدين، الذين قال إنهم يقدمون للناس فقط "القصص التي تقول إن المعراج حدث"، ولكنهم يخفون القصص التي تنفي حدوثه، واعتبر أن ما قاله رجال الدين على مدار عقود من الزمن لم يكن يؤدي إلى أي تقدّم، وفق رأيه.
تحتل ذكرى حادثة الإسراء والمعراج أهمية لدى المسلمين حول العالم، ويحتفلون بها كل عام في الليلة السابعة والعشرين من شهر رجب.
حدثت رحلة الإسراء والمعراج ما بين السنة الحادية عشرة والسنة الثانية عشرة من البعثة النبوية الشريفة، والإسراء هي الرحلة التي قام بها النبي محمد على البراق مع جبريل ليلاً، وانتقل خلالها من مكة إلى بيت المقدس في فلسطين، ثم عرج به إلى الملأ الأعلى عند سدرة المنتهى.
غضب مصري عارم
أثارت تصريحات عيسى ردود فعل، من بينها تعليق الدكتور عباس شومان، الذي قال موقع "مصراوي" إنه المشرف على الفتوى بالأزهر الشريف.
شومان وفي حسابه على موقع فيسبوك، قال رداً على عيسى: "الإسراء والمعراج حقيقة رغم أنف الجهلاء، من الغريب والعجيب وبعد مرور هذه القرون على إجماع علماء الأمة على حدثي الإسراء والمعراج، يظهر علينا بين الحين والحين من يشكك في هذين الحدثين أو أحدهما، ولا يمكن وصف المشكك في الإسراء أو المعراج إلا بالجهل المطبق، أو رفض ما نطق به القرآن الكريم".
أضاف شومان أن الإسراء ورد في سورة حملت اسم الحدث "سبحان الذي أسرى بعبده، والمعراج في سورة النجم، إضافة إلى ما أورده علماء التفسير والحديث والسير نقلاً عن صاحب الحدثين -صلى الله عليه وسلم- ثم السؤال الذي يطرح نفسه: ماذا يستفيد الناس من التشكيك وإنكار ما استقر عليه الثقات عبر عصور إسلامنا؟!".
كذلك، هاجم الصحفي المصري مصطفى بكري، عيسى، وقال في تغريدة على تويتر: "مازال الإعلامي إبراهيم عيسى يواصل أكاذيبه وادعاءاته، بهدف التشكيك وإثارة الفتنة في البلاد، فبعد إهانته لأمهاتنا وسيداتنا في الصعيد والأرياف راح يواصل تشكيكه في ثوابت الدين والعقيدة".
من جانبه، أعلن الممثل المصري مصطفى درويش، على حسابه في فيسبوك، الاعتذار عن استكمال عمله في فيلم "الملحد"، وهو من تأليف الصحفي عيسى.
درويش قال: "إن الاعتذار عن فيلم الملحد اللي صوّرت فيه أربع أيام بسبب إن مؤلف القصة هو إبراهيم عيسي، لأن واضح إن الحرب دي ممنهجة، وأنا مقبلش أبداً أكون أداة للحرب ضد ديني ولو الثمن هيكون إيه". كذلك، أشار درويش إلى أنه سيقاطع أي برنامج لعيسى.
النيابة العامة تتحرك
الأحد 20 فبراير/شباط 2022، أمرت النيابة المصرية بالبدء في التحقيق ببلاغات ضد الإعلامي إبراهيم عيسى، إثر تصريحاته المذكورة.
النيابة المصرية قالت في بيان، إن "حمادة الصاوي، النائب العام، أمر باتخاذ إجراءات التحقيق في البلاغات التي قُدّمت إلى النيابة العامة ضدَّ الإعلامي إبراهيم عيسى"، وأضافت أنها "ستُعلِن لاحقاً عما ستُسفر عنه التحقيقات"، دون الإشارة لمضمون تلك البلاغات.
إلا أن وسائل إعلام محلية أشارت إلى أن عدداً من البلاغات قُدمت السبت 19 فبراير/شباط 2022، تتهم عيسى المعروف بإثارته للجدل بآراء فكرية ودينية، بـ"ازدراء الدين الإسلامي وإنكار ثوابته ونشر أخبار كاذبة".
كذلك، دفعت هذه التصريحات دار الإفتاء المصرية، إلى إصدار بيان، قالت فيه إنه "رداً على المُشكِّكين في رحلة الإسراء والمعراج"، مؤكدة بالآيات القرآنية حدوثها قطعاً، وعدم جواز إنكارها.
فقد أوضحت دار الإفتاء أيضاً أن "تعيين رحلة الإسراء والمعراج في 27 رجب (الشهر الهجري) حكاه كثيرٌ من الأئمة واختاره جماعةٌ من المحققين، وجرى عليه عمل المسلمين قديماً وحديثاً، وتواتر احتفال الأمة بذكراها في هذا اليوم يُعدُّ شاهداً على رجحان هذا القول ودليلاً على قوته".