ذكرت وكالة "رويترز" للأنباء، الخميس 17 فبراير/شباط 2022، نقلاً عن دبلوماسيين، أن اتفاقاً أمريكياً إيرانياً في طور التكوين لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015 يرسم خطوات متبادلة من الجانبين على مراحل وصولاً إلى الامتثال الكامل، لكن أولى هذه الخطوات لا تتضمن إعفاءات من عقوبات النفط.
وفق "رويترز" فإنه لا يزال المبعوثون من إيران وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يتفاوضون على التفاصيل، وسط تحذيرات غربية من أن الوقت ينفد قبل أن يصبح الاتفاق الأصلي شيئاً من الماضي ويتجاوزه الزمن، ويقول المبعوثون إن قسماً كبيراً من نص المسودة تمت تسويته، لكن بعض القضايا الشائكة مازالت قائمة.
يتمثل الهدف العام في العودة إلى الاتفاق الأصلي الذي يقايض رفع العقوبات، وضمنها قيود تقلص مبيعات النفط المهمة لإيران، مقابل فرض قيود على أنشطتها النووية. وتطيل القيود النووية الأمد وتطيل الوقت الذي تحتاجه طهران لإنتاج ما يكفي من اليورانيوم المخصب لصنع قنبلة ذرية، إذا اختارت ذلك.
مسودة الاتفاق
تتكون المسودة من 20 صفحة، وتنص على مجموعة من الخطوات واجبة التنفيذ بمجرد إقرارها، بدءاً بمرحلة تتضمن تعليق إيران للتخصيب فوق 5%، حسبما يقول ثلاثة دبلوماسيين مطلعين على المفاوضات.
يتضمن النص أيضاً إشارات إلى إجراءات أخرى يقول الدبلوماسيون إنها تشمل رفع التجميد عن نحو 7 مليارات دولار من الأموال الإيرانية المجمدة في البنوك الكورية الجنوبية بموجب عقوبات أمريكية، إضافة إلى إطلاق سراح سجناء غربيين محتجزين في إيران، وهو إجراء يشير إليه كبير المفاوضين الأمريكيين روبرت مالي باعتباره شرطاً لإبرام اتفاق.
بمجرد تنفيذ هذه المجموعة الأولية من الإجراءات والتأكد منها، تبدأ المرحلة الرئيسية لرفع العقوبات، وتبلغ ذروتها عند ما يسميه كثير من الدبلوماسيين بيوم إعادة التطبيق.
يقول دبلوماسيون إنه لم يتم الاتفاق على أمد هذه المراحل، وإن النص يتضمن العلامة (إكس) في موضع الإشارة إلى الفترة بين الأيام المهمة مثل يوم إعادة التطبيق. ويقدر مسؤولون المدة الزمنية من يوم الاتفاقية حتى يوم إعادة التطبيق بما يتراوح بين شهر واحد وثلاثة أشهر.
فيما أكد دبلوماسيون أن إيران ستعود إلى الحدود الأساسية مثل الحد الأقصى للتخصيب عند درجة نقاء 3.67%.
إعفاءات نفطية
مثلما كان الحال في الاتفاق الأصلي، الذي يُطلق عليه رسمياً اسم (خطة العمل الشاملة المشتركة)، يستلزم الاتفاق الجديد أن تمنح الولايات المتحدة قطاع النفط وهو شريان حياة في إيران، إعفاءات من العقوبات المفروضة عليه، وليس رفعها تماماً. ويستلزم هذا تجديد الإعفاءات كل بضعة أشهر.
يقول دبلوماسي من الشرق الأوسط مطلع على المحادثات: "فيما يتعلق بصادرات النفط، بموجب الاتفاق، كان (الرئيسان الأمريكيان السابقان (باراك أوباما وترامب) يصدران إعفاءاتٍ مدتها من 90 إلى 120 يوماً مع تجديدها باستمرار إلى حين توقف ترامب عن ذلك بعد الخروج من الاتفاق".
كذلك، صرح دبلوماسيون مشاركون في المحادثات، التي بدأت قبل عشرة أشهر، بأنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كان سيتم التوصل لاتفاق بالفعل، مستشهدين بمقولة "لا اتفاق على شيء إلى حين الاتفاق على كل شيء".
أيام حاسمة
وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان، طالب الأربعاء 16 فبراير/شباط، إيران بأن تقرر في غضون أيام ما إذا كانت ستنتهز الفرصة، وقال مسؤولون آخرون إن اليومين المقبلين سيكونان حاسمين.
من بين القضايا الأخرى التي لا تزال تستعصي على الحل، طلب إيران الحصول على ما يضمن عدم انسحاب الولايات المتحدة مرة أخرى، إذ يقول المسؤولون الغربيون إن من المستحيل إعطاء ضمانات قوية؛ نظراً إلى صعوبة إلزام الحكومات في المستقبل.
رغم ذلك، أشار الدبلوماسي الشرق أوسطي ومسؤول إيراني إلى أن طهران مستعدة لقبول إجراء أخف، من خلال النص على أنه في حالة انتهاك الولايات المتحدة للاتفاق، يُسمح لإيران بالتخصيب بدرجة نقاء حتى 60% مرة أخرى.
وقع خلاف في السابق بين إيران والقوى الغربية حول ما إذا كان الانسحاب الأمريكي يمنح إيران الحق في انتهاك الاتفاق بموجب النص الأساسي، مثلما فعلت طهران، وأيضاً بخصوص تعريف ما هو الانتهاك.
إذ صرح عدد من الدبلوماسيين بأنّ رفع بعض العقوبات الحساسة على نحو خاص قد يتطلب أيضاً لقاء مباشراً بين مسؤولين إيرانيين وأمريكيين، فيما ترفض إيران حتى الآن عقد اجتماعات مباشرة.
يُذكر أن إيران تؤكد أن أهدافها سلمية بالكامل وأنها تريد التكنولوجيا النووية للاستخدامات السلمية.
غير أن القوى الغربية تشير إلى أنه لا توجد دولة وصلت إلى هذا المستوى من التخصيب دون تطوير أسلحة نووية، وأن التقدم الذي أحرزته إيران منذ انسحاب الولايات المتحدة يعني أن اتفاق 2015 سيصبح فارغاً من مضمونه في القريب العاجل.