أعلن 54 عضواً بالمجلس الأعلى للدولة الليبي، الثلاثاء 15 فبراير/شباط 2022، رفضهم الكامل لقرار برلمان طبرق تكليف وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا بشغل منصب رئيس الحكومة الجديدة، عوضاً عن رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، مشدّدين على أن "إجراء سحب الثقة من الحكومة جاء مخالفاً للإعلان الدستوري والاتفاق السياسي، مما يجعله باطلاً".
حيث قال هؤلاء الأعضاء، في بيان: "إن ما صدر عن مجلس النواب لا يعد إلا مقترحات إلى حين نقاشها والتصويت عليها بجلسة رسمية ومعلنة بالمجلس الأعلى للدولة".
البيان أكد أن "التعديل الدستوري الثاني عشر، أقر من مجلس النواب قبل عرضه بصيغته النهائية في جلسة رسمية بالمجلس الأعلى للدولة"، لافتاً إلى أن "التعديل الدستوري المقترح جاء مخالفاً للمادة 12 من الاتفاق السياسي والمادة 36 من الإعلان الدستوري بشأن آلية التصويت بالأغلبية الموصوفة وليس المطلقة كما صرح بذلك رئيس مجلس النواب في الجلسة المنقولة على الهواء".
فيما أوضح بيان أعضاء المجلس الأعلى للدولة أن "التعديل الدستوري المقترح جاء متزامناً مع اختيار رئيس الحكومة، ما يعد مخالفاً لما جاء في التفاهمات المبدئية بين فريقي المجلسين"، مشدّداً على أن "بنود التعديل الدستوري المقترح تفتقد لأي ضمانات تنهي المرحلة، وتعد دسترة لتكريس وترحيل الخلاف بين أطرافه وتمديد لمرحلة انتقالية أخرى طويلة الأمد".
كما أردف: "جاءت بعض المواد مليئة بالفجوات والغموض منها المتعلقة باللجنة المشكلة من المجلسين وعدم تحديد توقيت لتغيير مجلس المفوضية، والغموض في المواد محل التعديل في مشروع الدستور، مما يزيد من الخلاف ويجعل المدد المذكورة غير قابلة للتنفيذ".
بينما لفت إلى أنه بالرغم من أن أولويات المرحلة "تتطلب البحث عن حلول عملية، تصل بنا إلى انتخابات من خلال مسار دستوري قابل للتنفيذ خلال وعاء زمني محدد وتفادي تكرار الفشل، إلا أن ذهاب مجلس النواب في المسار التنفيذي تضمن عدداً من المخالفات".
"مخالفات قرار مجلس النواب"
في حين استعرض بيان أعضاء المجلس الأعلى للدولة تلك المخالفات، التي كان على رأسها "عدم الالتزام بما تم من تفاهمات مبدئية بين ممثلي المجلسين، والمتعلق بفصل المسارات، وكانت ضمن الأولويات التركيز على معالجة المسار الدستوري للانتخابات، ولم تعرض على المجلس مجتمعاً أي صيغة نهائية تتعلق بهذا المسار لنقاشها"،
كذلك تمثلت تلك المخالفات من وجهة نظرهم في "آلية اختيار السلطة التنفيذية (أعضاء المجلس الرئاسي ورئيس الحكومة) لم تكن من اختصاص مجلس النواب، كما أن تعيين رئيس الحكومة وفقاً للمادة (176) من النظام الداخلي لمجلس النواب تعد من صلاحيات رئيس الدولة، والذي يمثله الآن المجلس الرئاسي".
واختتم البيان بالقول: "نضم أصواتنا إلى مطالب شعبنا المشروعة، وندعو شركاءنا من أعضاء مجلس النواب وزملاءنا بالمجلس الأعلى للدولة للعمل على إنهاء هذه المراحل من المعاناة وعدم الاستقرار والانقسام وتفادي اجترار الفشل، وذلك بالتوافق على انتخابات برلمانية خلال مدة لا تتجاوز نهاية شهر يوليو/تموز القادم، وتكون من مهام البرلمان القادم استكمال المسار الدستوري وتكليف حكومة وتوحيد المؤسسات".
كان مجلس النواب في طبرق (شرق) قد اختار، الخميس 10 فبراير/شباط، باشاغا ليشغل منصب رئيس الحكومة، الأمر الذي يرفضه الدبيبة ويتمسك باستمرار حكومته استناداً إلى مخرجات ملتقى الحوار السياسي، الذي حدد مدة عمل السلطة التنفيذية الانتقالية بـ18 شهراً تمتد حتى يونيو/حزيران 2022، وفق البعثة الأممية بالبلاد.
فيما تنذر هذه الخطوة وتلك التطورات الأخيرة بأزمة جديدة في ليبيا.
خلافات حادة بين المؤسسات الليبية
كان الاتفاق قد تم خلال ملتقى الحوار السياسي على تاريخ 24 ديسمبر/كانون الأول 2021 لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، لكن هذا لم يحدث جراء خلافات بين المؤسسات الرسمية حول قانون الانتخابات.
يذكر أن رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات عماد السايح، كان قد صرح، في 17 يناير/كانون الثاني الماضي، بأن استئناف العملية الانتخابية في البلاد يتطلب من 6 إلى 8 أشهر.
حتى الآن لم يتم الاتفاق على تاريخ جديد لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية يأمل الليبيون أن تساهم في إنهاء النزاع في بلدهم.
يشار إلى أن ليبيا عانت لسنوات، صراعاً مسلحاً وانقساماً في المؤسسة العسكرية، جرّاء منازعة ميليشيا حفتر للحكومات المعترف بها دولياً على الشرعية والسلطة في البلد الغني بالنفط.
ورغم نجاح الجهود الدولية والإقليمية والمحلية في توحيد العديد من المؤسسات الليبية مؤخراً، فإن الانقسام ما زال يسود المؤسسة العسكرية.