في وقت تعيش فيه دول غربية حالة من التوتر بسبب حربٍ روسيةٍ محتملة على أوكرانيا، اتّجهت بعض وسائل الإعلام الأمريكية والبريطانية إلى تحديد تاريخها وتوقيتها، فسخرت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا من توقعات الإعلام الغربي؛ إذ طالبتهم بازدراء أن يحددوا موعد غزو موسكو للعام المقبل أيضاً، حتى تخطط إجازاتها السنوية. من جانبه، قال نائب السفير الروسي لدى الأمم المتحدة ديمتري بوليانسكي، إن الغرب مصابون بـ"البارانويا"، وعليهم زيارة الطبيب. أما وزير خارجية روسيا لافروف فاكتفى "بابتسامة ساخرة".
اقرأ أيضاً
روسيا تسخر من الغرب
المسؤولة الروسية زاخاروفا كتبت على قناتها في موقع "تليغرام"، وفقاً لما نشره موقع روسيا اليوم الروسي: "طلب موجَّه إلى وسائل التضليل الإعلامي الأمريكية والبريطانية، بلومبيرغ ونيويورك تايمز وذا صن وغيرها، أعلِنوا الجدول الزمني لـ"غزونا" للعام المقبل، نود أن نُخطط لإجازاتنا!".
وهذا التعليق ليس الأول للمسؤولة الروسية، ففي وقت سابق قالت في تعليقها على تقرير وسائل إعلام أمريكية، يفيد بأن روسيا ستشنّ حرباً على أوكرانيا، بتاريخ 15 فبراير/شباط، إن 15 فبراير سيُذكر في التاريخ باعتباره "يوم سقوط الدعاية الغربية".
وأضافت زاخاروفا: "ساعتان للتوبة قبل أن تتحول "بلومبرغ" إلى "يقطينة"، والذين استخدموها للترويج للحرب إلى "جرذان"، في إشارة إلى القصة العالمية "سندريلا" عندما أخبرتها الساحرة الطيبة بضرورة العودة إلى المنزل قبل منتصف الليل، وعودة الأمور إلى ما كانت عليه، حيث ستعود العربة الفاخرة إلى شكلها الأصلي وهي اليقطينة، والخدم إلى جرذان".
نائب السفير الروسي لدى الأمم المتحدة من جانبه وجّه نصيحة للغرب، قائلاً إن الزعماء الغربيين يجب عليهم زيارة أطباء مختصين بمرض "البارانويا" أو "جنون الارتياب"، بسبب مخاوفهم وشكوكهم المتعلقة باحتشاد الجنود الروس على حدود أوكرانيا.
ديمتري بوليانسكي قال "أعتقد أنهم بحاجة إلى استشارة طبيب جيد، أوصيهم بالقيام بذلك، وأن يكون الطبيب مختصاً في حالات البارانويا"، نافيا أن يكون لدى روسيا أي نية لمهاجمة جارتها الجمهورية السوفييتية السابقة، وأضاف "جنودنا يتواجدون على أرضنا ولا يشكلون تهديداً لأحد"، وفقاً لما نشرته وكالة الأنباء الفرنسية.
وعندما سئل عن حجم الانتشار الروسي الذي تقول موسكو إنه جزء من مناورات عسكرية مع حليفتها بيلاروسيا، أجاب "لا علم لدي عن الأعداد، لأن هناك الكثير من التكهنات حول ذلك".
وقال بوليانسكي "أعتقد أن المناورات مع بيلاروسيا ستنتهي في غضون أسبوع، بالنسبة للجنود الآخرين لا أعرف".
وفي رسالة أخرى ساخرة من موسكو، تداول رواد مواقع التواصل فيديو لرد فعل وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الذي دفع الصحفيين للضحك، في رد على سؤال حول "غزو أوكرانيا".
إذ ظهر لافروف في مقطع الفيديو المتداول وهو يومئ برأسه مبتسماً، كإجابة عن سؤال أحد الصحفيين عن غزو أوكرانيا.
اقرأ أيضاً
"الحرب بدأت"!
جاءت تعليقات المسؤولة الروسية بعدما نشرت وسائل إعلام أمريكية وأوروبية، بشكل مستمر، توقعاتٍ باندلاع حرب في أوكرانيا، كما كشف البعض عن التاريخ والساعة، وهو ما أثار سخرية روسيا.
في بريطانيا، قالت صحف كبيرة، أمس الثلاثاء، إن "الهجوم" الروسي على أوكرانيا سيقع صباح الأربعاء، وحدّدت الساعة 3 فجراً لبدء الغزو.
الصحيفة البريطانية قالت إنها حصلت على معلومات استخباراتية أمريكية، تفيد ببدء الغزو قريباً، فيما كتبت عن ذلك أيضاً صحيفة "Mirror" البريطانية.
من جهتها، قالت صحيفة "The Sun"، إن روسيا تستعد لشنّ هجوم على أوكرانيا باستخدام ضربة صاروخية مكثفة و200 ألف عسكري، كما تؤكد الاستخبارات الأمريكية".
بوتين يُرحب بالمحادثات الدبلوماسية
يأتي ذلك بعد ساعات فقط من ترحيب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين علانية بالمحادثات الدبلوماسية، وقال إن الكرملين لا يريد الحرب.
بوتين قال الثلاثاء 15 فبراير/شباط، إن موسكو لا تريد حرباً في أوروبا، لكنه وصف الوضع في المناطق الانفصالية بشرق أوكرانيا بأنه "إبادة جماعية"، مؤكداً في الوقت ذاته أنه تلقّى ضمانات من الغرب بعدم انضمام أوكرانيا إلى حلف "الناتو".
خلال مؤتمر صحفي مشترك بعد محادثات مع المستشار الألماني أولاف شولتز، في موسكو، أكد بوتين أن بلاده قررت سحب قواتها جزئياً من المناطق القريبة من أوكرانيا، وأنها ترى مجالاً لمزيد من المناقشات مع الغرب بشأن مطالب موسكو الأمنية، لكنه أضاف أن روسيا لم تتلقَّ رداً بناء على مطالبها.
بخصوص ملف انضمام أوكرانيا إلى حلف الأطلسي، شدد المتحدث نفسه على أن بلاده أُبلغت بأن أوكرانيا لن تنضم إلى حلف شمال الأطلسي في المستقبل القريب، لكن موسكو لا تعتقد أن هذا ضمان جيد بما يكفي، وتريد حل المسألة برمتها الآن.
إذ صرّح بهذا الخصوص قائلاً: "نريد حل موضوع انضمام أوكرانيا إلى الناتو اليوم وليس غداً".
حسب "رويترز"، فإن ما جاء على لسان بوتين يندرج في إطار الضغط الذي تمارسه موسكو من أجل الحصول على ضمانات أمنية من الغرب، ومنها عدم انضمام أوكرانيا للتحالف العسكري الأمريكي الأوروبي.
تشكيك بايدن في نوايا بوتين
من جهته، طالب الرئيس الأمريكي جو بايدن، الثلاثاء، روسيا بالتراجع عن خوض الحرب، وقال إن التقارير التي تفيد بأن روسيا سحبت بعض قواتها من الحدود الأوكرانية لم يتم التحقق منها، مؤكداً أن واشنطن لا تسعى إلى مواجهة مباشرة مع روسيا، لكنها مستعدة لكل الاحتمالات.
في تصريحات أذاعها التلفزيون من البيت الأبيض، وجَّه بايدن نداء إلى الشعب الروسي، جاء فيه: "إلى مواطني روسيا: أنتم لستم أعداءنا، ولا أعتقد أنكم تريدون حرباً دموية مدمرة على أوكرانيا".
كما أضاف أن الولايات المتحدة "لا تسعى إلى مواجهة مباشرة مع روسيا"، لكن إذا هاجمت روسيا الأمريكيين في أوكرانيا "فسنردّ بقوة".
المتحدث نفسه أوضح أن الولايات المتحدة وشركاءها في حلف شمال الأطلسي مستعدون لكل ما سيحدث، وأن روسيا ستدفع ثمناً اقتصادياً باهظاً إذا أقدمت على غزو أوكرانيا.
كذلك، اعتبر بايدن أن هجوم روسيا على أوكرانيا لا يزال محتملاً، وأن التقارير التي تفيد بأن بعض القوات الروسية ابتعدت عن الحدود الأوكرانية لم تتحقق منها الولايات المتحدة حتى الآن.