رغم انتشار الأنباء عن آخر إحاطة "قاتمة" للبيت الأبيض بشأن أوكرانيا في وقت متأخر من مساء الجمعة، 11 فبراير/شباط 2022 في كييف، كانت المطاعم وأماكن السهر ممتلئة مثل أي ليلة جمعة أخرى، وظل الجو مرحاً بعيداً عن التوترات التي تحدث على الحدود.
بينما تنبّأ المسؤولون الأمريكيون، والصحفيون في واشنطن الذين اطلعوا على إحاطتهم، بشن حملة "مروعة ودموية" ضد أوكرانيا في القريب العاجل، صحيفة The Guardian البريطانية قالت إنه لم يكن أحد، باستثناء الصحفيين، يهتم كثيراً بما يبدو، بالنسبة للكثيرين في كييف، وكأنه مجرد أحدث حملة في سلسلة من الإحاطات التي تتوقع كارثة.
الأوكرانيون يضعون خططاً للطوارئ
فيما كتب العاملون في مؤسسات الفكر والرأي في واشنطن عن حملة قاسية ستُشَن في نهاية هذا الأسبوع، التي من شأنها حرمان أوكرانيا من الطاقة والتدفئة، وتقضي على القيادة العليا للجيش، بدت شوارع كييف، حيث تساقطت الثلوج الخفيفة، وكأنها حقيقة موازية، لكن بالطبع، تحت الهدوء الظاهري، يضع العديد من الأوكرانيين خططاً للطوارئ، بعضها لمحاربة الغزو، والبعض الآخر للفرار إلى أماكن أأمن حيث لا يمكن شراء مولد كهرباء في المدينة، ويناقش الكثيرون ما سيفعلونه إذا حدث الأسوأ.
كما ناقش الأوكرانيون اتخاذ الأقبية ومحطات المترو وحتى نوادي التعري ملاجئ للاحتماء من القنابل في حالة وقوع هجوم جوي روسي.
ويوم السبت 12 فبراير/شباط، احتشد الآلاف من الأوكرانيين في وسط كييف في "مسيرة الوحدة"، ملوحين بالأعلام واللافتات الأوكرانية التي كُتِب عليها "سنقاوم" و"الغزاة يجب أن يموتوا". ومع ذلك، كان الحشد الذي بلغ عدة آلاف صغيراً مقارنةً بمعايير مدينة معتادة على الاحتجاجات العملاقة، ويعكس الشعور بالضجر من التهديد المستمر والمزعج بالحرب.
فيما قال أندريه تيشكو، الذي شارك في مسيرة مع ابنته الرضيعة: "بوتين يرتكب خطأ فادحاً إذا اعتقد أنه سيكون قادراً على تدمير أوكرانيا"، وقالت إيرينا كوبرينكو، التي خرجت في نزهة بالقرب من الاحتجاج، إنها لم تفهم سبب الضجة؛ "نحن نعلم أنَّ بوتين قادر على فعل أشياء فظيعة، لكنه بالتأكيد ليس مجنوناً بما يكفي لمحاولة قصف كييف".
مع إعلان المزيد من السفارات عن إجلاء معظم الموظفين الدبلوماسيين وإخبار مواطنيها أنه ينبغي عليهم مغادرة أوكرانيا الآن وإلا سيعلَقون هناك، أصبح من الصعب تجاهل التوتر المتزايد. وتلقى المواطنون الأمريكيون في كييف مكالمات مساء الجمعة، 11 فبراير/شباط، من موظفي القنصلية المعنيين، يطلبون منهم التخطيط للمغادرة على الفور.
لكن بالنسبة للعديد من الناس في أوكرانيا، تظل فكرة الغزو الكامل شيئاً غريباً وغير قابل للتصديق. ويقول العديد من الأوكرانيين، ومنهم الرئيس، إنهم يدركون جيداً الخطر الذي تشكله روسيا، لكنهم لا يصدقون تماماً الإصرار الأمريكي على أنَّ التهديد وشيك.
كما قال نائب أوكراني سابق طلب عدم نشر اسمه: "لقد بدأت أشعر بالضيق الشديد من هذا. أنا مؤيد جداً للغرب، لكن الطريقة التي تظهر بها أخبار الغزو هذه تذكرني بـشائعات لم تتحقق صحتها، انتشرت على قنوات Telegram الروسية، حول مصادر غير مسماة ومعلومات سرية"، وأضاف: "الهستيريا الإعلامية مزعجة للغاية، وتجعلك تبدأ في فقدان الثقة في حكومتك، التي لا تطلب منّا سوى التزام الهدوء".