أصدرت شرطة مكافحة الإرهاب البريطانية توصيات إلى المعارضين الباكستانيين المنفيين، الذين يلتمسون اللجوء في المملكة المتحدة، بالابتعاد عن الأنظار بناءً على تحذيرات وردت إلى السلطات من أن حياتهم قد تكون في خطر بعد انتقادهم الجيش الباكستاني ذي النفوذ الواسع، بحسب ما أوردته صحيفة The Guardian البريطانية، السبت 5 فبراير/شباط 2022.
فيما تضمنت التوصيات الصادرة عن جهاز "شرطة مكافحة الإرهاب"، الذي يقوم على تعاون بين قوات الشرطة البريطانية وجهاز الاستخبارات، حثّاً للأشخاص المحتمل استهدافهم على إبلاغ الشرطة إذا كانوا يعتزمون السفر داخل المملكة المتحدة.
"قتلة مستأجرون"
من جهتها، قالت معارِضة باكستانية مقيمة في بريطانيا إنها تلقت معلومات تفيد بأن قتلة مرتبطين بعصابات مخدرات باكستانية جرى التعاقد معهم لاستهدافها.
تأتي حالة التأهب القصوى في أعقاب محاكمة جرت حديثاً وأُدين فيها قاتل مأجور مُقيم في لندن بتهمة المشاركة في خطة لقتل معارض باكستاني.
في حين استمعت المحكمة البريطانية إلى شهادات وتسجيلات أفادت بأن محمد جوهر خان عُرض عليه 100 ألف جنيه إسترليني (نحو 136 ألف دولار) لقتل أحمد وقاص غورايا، وهو مدوِّن باكستاني معارض ومنتقد شرس لأجهزة الاستخبارات الباكستانية، في هولندا خلال العام الماضي.
وسيط غامض
إلا أن الوسيط الغامض وراء التخطيط لهذه المؤامرة- المعروف باسم "مزَّمِّل"- لا يزال طليقاً؛ فقد أشارت شرطة العاصمة البريطانية، الجمعة، إلى أنها لا تزال تحاول التثبُّت من هويته ومكان وجوده، ولكنها لم تكشف ما إذا كانت على اتصال بالسلطات الباكستانية لتحديد مكانه أم لا.
كما أصدرت الشرطة البريطانية مناشدةً للجمهور للحصول على أي معلومات متوفرة عن "مزَّمِّل"، الذي أخبر خان أن مزيداً من "المهمات" تنتظره في المستقبل بعد قتل غورايا، وفقاً لرسالة صوتية استمعت إليها المحكمة.
على إثر ذلك، زار ضباط من شرطة مكافحة الإرهاب منزل المعلق السياسي الباكستاني رشيد مراد في المملكة المتحدة، قبل أيام من المحاكمة التي جرت وقائعها في الشهر الماضي، لمراجعة تدابيره الأمنية، وتضمن ذلك فحص أجهزة الإنذار وكاميرات المراقبة، وتبادل التوجيه والتواصل مع الأمن الشخصي.
بدوره، قال مراد: "زار ضابطا شرطة منزلي في عام 2021، وأبلغاني بأن الشرطة اعترضت اتصالاً تبيَّن منه أن بعض الأشخاص كانوا يخططون لإيذائي. ولم يخبروني بمن هم هؤلاء الأشخاص، ولكنهم أشاروا إلى أنهم من السلطات الباكستانية".
كذلك تواصلت السلطات البريطانية مع شقيقه، المقيم في مدينة مانشستر، وأبلغته بوجود تهديد محتمل.
من جانبه، أكد فضل خان، وهو محامٍ وهدف آخر معروف للسلطات الباكستانية، أن ضباطاً من قيادات جهاز مكافحة الإرهاب أخبروه أن عليه إخطار الشرطة البريطانية إذا كان ينوي السفر خارج العاصمة.
الموت الغامض للمعارضين
"خان" لفت إلى أن الضباط استشهدوا بحوادث الموت الغامضة لمعارضين باكستانيين، مثل كريمة بلوش، التي كانت تدعو إلى استقلال بلوشستان، وعُثر عليها ميتة في بحيرة في كندا في عام 2020.
في السياق ذاته، حُذرت عائشة صديقة، وهي عالمة سياسية ومعارضة باكستانية مفوَّهة ومقيمة في لندن، من تهديدات على حياتها، وكشفت أن محامياً له صلات بذوي الشأن أخبرها أن الطريقة المستخدمة لاستهدافها قد تشمل عصابات مخدرات باكستانية تتخذ من بريطانيا مقراً لها.
فيما تعتقد الشرطة البريطانية أن السبب الراجح وراء استهداف المدون قاص غورايا هو "آراؤه السياسية"، وهو نفسه أخبر صحيفة The Observer البريطانية بأن محاولة اغتياله كانت "جريمة عابرة للحدود"، وأن "خان" ليس إلا مجرد أداة فيها.
في المقابل، قالت الحكومة الباكستانية إن "توجيه مزاعم كيدية مثل استهداف السلطات الباكستانية لمنتقديها وقتلهم في دول أجنبية ليس سوى أكاذيب صريحة وسخافة محضة".
الحكومة تابعت: "أولئك الذين يشوهون سمعة الجيش الباكستاني ووكالات الاستخبارات وينشرون الدعاية المضادة لهما يفعلون ذلك لأغراض خفية أو خدمة لرُعاتهم".