قالت صحيفة Intelligence Online الفرنسية، الخميس 3 فبراير/شباط 2022، إن الرئيس عبد الفتاح السيسي أوكل ملفات المخابرات العامة المصرية عن إسرائيل إلى نجله الأكبر محمود السيسي، الذي سيعمل إلى جانب مدير جهاز المخابرات الراسخ عباس كامل.
الموقع الاستخباراتي الفرنسي أشار إلى أن قرار السيسي يوضح الخطط الكبرى التي يضعها الرئيس لابنه، الذي يبدو أنه في طريقه "لتولي دور رئيسي داخل نظام الأمن" في البلاد، الذي تأسَّس منذ عام 2013، على حد قول الموقع.
نجل الرئيس السيسي الذي كان قبل 6 سنوات ضابطاً برتبة رائد، ثم أصبح عميداً بالمخابرات العامة، تردَّد اسمه كثيراً على أسماع المصريين بصفته العقل الذي يدير الأجهزة الأمنية للدولة، ويتحكم في عديد من الملفات الكبرى.
كما أن نشطاء مثل وائل غنيم ومسعد أبو فجر حمّلوه المسؤولية المباشرة عن كثير من الانتهاكات، خاصةً تلك التي شهدتها سيناء.
دور جديد في العلاقات مع إسرائيل
حسب الصحيفة الفرنسية فقد أثرت زيارة نجل الرئيس المصري، محمود السيسي، الأولى إلى تل أبيب، التي أجراها في 16 يناير/كانون الثاني بصفته الجديدة، في مضيفيه الإسرائيليين.
إذ التقى مع مدير الموساد ديفيد بارنيا، وزعيم الشاباك رونين بار، ورئيس المخابرات العسكرية "أمان"، أهارون هاليفا، وأثار الرجل الثاني في قيادة المخابرات الموضوع الحساس المتمثل في إعادة تقييم اتفاقيات كامب ديفيد لعام 1978.
الموقع أشار أن مصر ترغب في إقامة منطقة صناعية في شمال سيناء بالقرب من قطاع غزة. وتطرّق أيضاً إلى القضايا العالقة لإعادة إعمار قطاع غزة وتبادل الأسرى.
كما أنه وبمجرد عودته إلى مصر شرع محمود السيسي في تنظيم اجتماع رباعي مستقبلي بين ممثلي مصر والأردن وإسرائيل وفلسطين، في منتجع شرم الشيخ، لمناقشة المحادثات الإسرائيلية الفلسطينية المتوقفة.
لا تزال إيران خارج نطاقه
بعد نفي محمود السيسي سابقاً إلى موسكو، بناءً على توصية من ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان؛ بسبب سوء إدارته المزعومة لوسائل الإعلام المصرية، رُحِّب بعودته إلى جهاز المخابرات المصرية في وقت مبكر من 2020، ولم يُواجَه مكانه هناك بتساؤلات منذ ذلك الحين.
كان كامل، الذي يتمتع بثقة الرئيس الكاملة، قد أراد تكليف محمود بمسؤولية العمل المخابراتي الخاص بإيران، لكن والده لم يعطِ الضوء الأخضر له بعد.
تقول الصحيفة إن هذا الدور أصبح أكثر أهمية منذ بدء التقارب المصري الإيراني، في يونيو/حزيران، رغم أنَّ الاجتماع بين وزارة الاستخبارات والأمن الوطني الإيرانية والمخابرات العامة المصرية، في 28 ديسمبر/كانون الأول، تعرَّض لتقويض بالغ بسبب الهجمات الأخيرة التي شنتها جماعة الحوثي الموالية لإيران على أبوظبي، التي ترتبط مصر معها بتحالف صلب.
إذ أشار الموقع الاستخباراتي الفرنسي إلى أن القائم بالأعمال الإيراني في القاهرة، ناصر الكناني، قطع بالفعل الاتصالات بدرجة كبيرة مع نواب عباس كامل.
محمود السيسي وقصة الصعود السريع
محمود السيسي هو الابن الأكبر للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وهو متزوج بنهى التهامي، ابنة رئيس شركة "بيبسي مصر" سابقاً.
فور تخرجه في الكلية الحربية التحق بسلاح المشاة فترة وجيزة، ثم التحق بجهاز الاستطلاع قبل انتقاله إلى جهاز المخابرات العامة، حيث انضم إليها برتبة رائد.
لكن خلال 4 سنوات فقط، قفز محمود السيسي سريعاً عبر ترقيات استثنائية ليصل إلى رتبة عميد، وأُسند إليه منصب مدير المكتب الفني بالجهاز في أثناء تولي اللواء خالد فوزي إدارة جهاز المخابرات العامة.
فكرة "الانقلاب" هي كلمة السر في حياة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إذ إن تاريخ الرجل قصة مكررة: تبدأ بالتقارب مع أحدهم ثم تبدأ علاقة ثقة متبادلة بينهما، لتنتهي بانقلاب على هذا الصديق والإطاحة به.
بدأ الأمر مع المشير محمد حسين طنطاوي، وزير الدفاع ورئيس المجلس العسكري في فترة ما بعد ثورة يناير/كانون الثاني 2011، والذي كان يعتبر عبد الفتاح السيسي ابناً له، وهو من أدخله المجلس العسكري رغم حداثة سنه.
تكررت القصة مؤخراً مع نسيبه وصديق عمره، الفريق محمود حجازي، الذي تولَّى رئاسة أركان حرب القوات المسلحة منذ 2014، قبل أن يطيح به السيسي.
بالطبع حدث ذلك أيضاً مع الرئيس الراحل محمد مرسي، الذي عيَّنه وزيراً للدفاع، ليطيح به وبحكمه، والبرادعي وجبهة 30 يونيو، اللذين تحالف معهما ثم أطاح بهما واحداً تلو الآخر بعد الوصول لمنصب الرئاسة.
إذ بات واضحاً أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لا يثق بأحدٍ حوله، وهو ما يُفسر لماذا خصّ ابنه محمود بهذه المكانة دون غيره، فدفع بمحمود إلى جهاز المخابرات العامة والذي أصبح عملياً الرجل الثاني في مصر، بحسب مصادر متطابقة.