قالت وزارة الخارجية الأمريكية الثلاثاء 1 فبراير/شباط 2022 إن الولايات المتحدة ترفض الرأي القائل بأن أفعال إسرائيل تجاه الفلسطينيين تشكل فصلاً عنصرياً. وذلك بعد أن اتهمت منظمة العفو الدولية السلطات الإسرائيلية باتباع مثل هذه السياسات.
المتحدث باسم وزارة الخارجية نيد برايس قال في تصريحات للصحفيين الذين حضروا مؤتمره الصحفي: "نرفض الرأي القائل بأن أفعال إسرائيل تشكل فصلاً عنصرياً. ولم تستخدم تقارير الوزارة مثل هذه المصطلحات مطلقاً".
أمنيستي ودولة إسرائيل
نيد برايس أضاف في تصريحاته للصحفيين: "نعتقد أنه من المهم ألا يُحرم الشعب اليهودي من حقه في تقرير المصير خاصة أن إسرائيل الدولة اليهودية الوحيدة في العالم، ويجب علينا ضمان عدم تطبيق معايير مزدوجة".
تأتي تصريحات الخارجية الأمريكية تفاعلاً مع تقرير لمنظمة العفو الدولية نقلته عنها وكالة فرانس برس يوم الثلاثاء 1 فبراير/شباط 2022 قالت فيه إن إسرائيل ترتكب جريمة "الفصل العنصري" ضد الفلسطينيين، ودعت إلى "مساءلة السلطات الإسرائيلية" على ذلك.
حسب تقرير أمنيستي ، فإن استخدام مصطلح "الفصل العنصري" أثار غضب السلطات الإسرائيلية. واعتبر وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد أن المنظمة "تستشهد بأكاذيب تنشرها منظمات إرهابية".
ترحيب فلسطيني بتقرير منظمة العفو الدولية
فيما استقبل الفلسطينيون التقرير بترحيب كبير. وقال متحدث باسم الحكومة الفلسطينية إن "هذا التقرير من أكثر التقارير جرأة وإنصافاً للشعب الفلسطيني".
كذلك فقد جاء في تقرير "أمنستي" أنه "ينبغي مساءلة السلطات الإسرائيلية على ارتكاب جريمة الفصل العنصري ضد الفلسطينيين". وأضاف: "إسرائيل تفرض نظام اضطهاد وهيمنة على الشعب الفلسطيني أينما تملك السيطرة على حقوقه. وهذا يشمل الفلسطينيين المقيمين في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، فضلاً عن اللاجئين النازحين في بلدان أخرى".
في حين يعيش قرابة 6.8 ملايين يهودي وعدد مماثل تقريباً من العرب في إسرائيل والقدس والضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، وفق المعطيات الرسمية.
الفصل العنصري في إسرائيل
كذلك فقد نقل التقرير عن الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنياس كالامار: "تقريرنا يكشف النطاق الفعلي لنظام الفصل العنصري في إسرائيل. وسواء كان الفلسطينيون يعيشون في غزة، أو القدس الشرقية، أو الخليل، أو إسرائيل نفسها، فهم يُعامَلون كجماعة عرقية دونية ويُحرمون من حقوقهم على نحو ممنهج".
فيما أثار استخدام مصطلح "الفصل العنصري" غضب السلطات الإسرائيلية التي شجبت التقرير واعتبرته "منشوراً دعائياً" غير متصل "بالحقائق والأرض" واستبقت تل أبيب نشر التقرير برفضه على لسان وزير خارجيتها. واعتبرت الإثنين أنه "ينكر عملياً بشكل مطلق حق (إسرائيل) في الوجود".
وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد قال في بيان: "كانت منظمة العفو يوماً ما منظمة موقرة نحترمها جميعاً"، مضيفاً: "اليوم هي على عكس ذلك تماماً". وتابع: "بدلاً من البحث عن الحقائق، تستشهد منظمة العفو بأكاذيب تنشرها منظمات إرهابية".
كما لفت لابيد إلى أن دولة "إسرائيل ليست كاملة لكنها ديمقراطية ملتزمة بالقانون الدولي ومنفتحة على التدقيق".
اتهامات لمنظمة العفو الدولية
كذلك فقد اتهم لابيد منظمة العفو الدولية بمعاداة السامية، قائلاً: "أكره استخدام الحجة بأنه لو لم تكن إسرائيل دولة يهودية، فلن يتجرأ أحد في منظمة العفو الدولية على التحدث ضدها، لكن في هذه الحالة لا يوجد احتمال آخر".
من جانبه علق رئيس المؤتمر اليهودي العالمي رونالد لودر وقال إن "إسرائيل مستهدفة باعتبارها الدولة اليهودية الوحيدة. هذا التقرير المتحيز والمسيس يتجاهل أعمال الإرهاب الفلسطينية والتزام إسرائيل بالدفاع عن مواطنيها ضد هذا الإرهاب نفسه".
لكن في المقابل رحبت الحكومة الفلسطينية بتقرير منظمة العفو الدولية. وقال متحدث باسمها إبراهيم ملحم إن "هذا التقرير من أكثر التقارير جرأة وإنصافاً للشعب الفلسطيني". وأضاف أنه "يمثل تحشيداً للعدالة الدولية لأول مرة، وهو مرحب به خصوصاً بالنسبة إلى مطالبة المجتمع الدولي بالتحرك ومعاقبة إسرائيل، وفضح نظام الفصل العنصري".
فيما اعتبرت حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة أن تقرير منظمة العفو الدولية جزء "أساسي ومفصلي في الجهود الدولية والقانونية الساعية إلى إنصاف شعبنا الفلسطيني الذي يواجه آخر احتلال عنصري بشع على وجه الأرض".
كما رأت أن "الحملة الإسرائيلية ضد المنظمة وتقريرها جهد آخر يضاف إلى عنصرية الاحتلال اللاإنسانية، من خلال سعيه لشطب الحقيقة، ومحو الحقائق، وتغييبها عن الرأي العام العالمي".
يذكر أن إسرائيل احتلت الضفة الغربية منذ عام 1967، وضمت القدس الشرقية. وتزايد منذ ذلك الحين عدد المستوطنين اليهود في المنطقتين، ويبلغ اليوم قرابة 700 ألف.
فيما تحتفظ إسرائيل بالسيطرة العسكرية على 4.7 مليون فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتتهم "هيومن رايتس ووتش" إسرائيل بتقييد حركتهم وبرفض إعطائهم تصاريح بناء ومصادرة أراضيهم وحرمانهم من حقوق الإقامة.
حظر بيع الأسلحة لإسرائيل
في حين حثت منظمة العفو الدولية مجلس الأمن الدولي الثلاثاء على فرض "حظر" على مبيعات الأسلحة لإسرائيل، وعلى فرض "عقوبات" على المسؤولين الإسرائيليين "الأكثر تورطاً في جريمة الفصل العنصري".
يأتي تقرير منظمة العفو الدولية بعد عام من فتح المحكمة الجنائية الدولية تحقيقاً في "جرائم ضد الإنسانية" في الأراضي الفلسطينية وإسرائيل.
كذلك فمن المتوقع أن يركز هذا التحقيق جزئياً على جرائم الحرب المحتملة التي يمكن أن تكون ارتكبت خلال حرب 2014 في قطاع غزة بين حركة حماس والجيش الإسرائيلي.
في ما دعت منظمة العفو الدولية المحكمة الجنائية الدولية إلى النظر في "جريمة الفصل العنصري" في سياق تحقيقاتها الحالية في الأراضي الفلسطينية، كما ناشدت جميع الدول لممارسة الولاية القضائية الشاملة وتقديم "مرتكبي جرائم الفصل العنصري إلى العدالة".
كانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" المدافعة عن حقوق الإنسان، ومقرها نيويورك، اتهمت كذلك، في نيسان/أبريل 2021 إسرائيل بارتكاب "جريمتين ضد الإنسانية" عبر اتباعها سياسة "الفصل العنصري" و"الاضطهاد" بحق عرب إسرائيل.