أعلنت "لجنة أطباء السودان المركزية"، الأحد 30 يناير/كانون الثاني 2022، وفاة متظاهر جديد في العاصمة الخرطوم خلال مشاركته في احتجاجات حاشدة تندد بالحكم العسكري في البلاد، الأمر الذي يرفع عدد ضحايا التظاهرات الأخيرة إلى 79 قتيلاً.
حيث قالت اللجنة (غير حكومية)، في بيان: "ارتقت قبل قليل روح الشهيد، محمد يوسف إسماعيل (27 سنة)، إثر إصابته في الصدر، لم يتم تحديد طبيعتها بعد، من قبل قوات السلطة الانقلابية أثناء مليونية 30 يناير/كانون الثاني بمواكب الخرطوم".
فيما أضافت: "السلطة الانقلابية تواصل انتهاكاتها ضد الإنسانية بعنف مفرط وقمع دموي للمتظاهرين السلميين في أرضنا".
كما أردفت: "شعبنا يسير المواكب السلمية باستمرار ويستخدم كل أدوات المقاومة اللاعنفية المكفولة في كل القوانين والدساتير المحلية والدولية من أجل أن يقيم دولة الحرية والديمقراطية والعدالة".
بينما تابعت: "إلا أنه ظل يُجابه بالآلة العسكرية المغتصبة للسلطة بأبشع الجرائم ما أدى لفقدان 79 شهيداً منذ يوم الانقلاب وحتى هذه اللحظة".
لكن لم يصدر تعليق فوري من السلطات السودانية حول بيان اللجنة، إلا أنها عادةً تنفي مثل هذه الاتهامات.
"حظر التظاهر"
في وقت سابق من يوم الأحد، شهدت العاصمة الخرطوم، ومدن أخرى في السودان، مظاهرات للمطالبة بعودة "الحكم المدني الديمقراطي الكامل"، و"القصاص للشهداء".
إلا أن قوات الأمن أطلقت الغاز المسيل للدموع في محاولة لتفريق الحشود التي كانت تقوم بمسيرة في تحدٍّ لحظر المظاهرات، بحسب شهود عيان.
رغم ذلك، وصل المتظاهرون إلى مسافة كيلومترين من قصر الرئاسة على ضفاف النيل الأزرق قبل أن تقطع قوات الأمن طريقهم في وقت مبكر من بعد الظهر وبدأت في مطاردتهم.
كانت سلطات ولاية الخرطوم أصدرت، السبت، قراراً بحظر المواكب والتجمعات الجماهيرية بوسط العاصمة، وحثت الناس على التجمع بدلاً من ذلك في الساحات والمناطق المحلية، لكن بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الانتقال بالسودان "يونيتامس"، ناشدت السلطات السودانية السماح للمظاهرات "بالمرور دون عنف".
من جهته، قال المحتج محمد عبد الرحمن، الذي يبلغ من العمر 51 عاماً، ويعمل موظفا حكومياً: "نخرج للتظاهر حتى يتمكن أطفالنا من العيش في ظل دولة مدنية ديمقراطية في المستقبل. لن نسمح بمصادرة مستقبل أبنائنا".
كان جنود مسلحون وعربات عسكرية قد انتشرت في أنحاء العاصمة للمرة الأولى في الأسابيع القليلة الماضية في استعراض للقوة على ما يبدو.
وُنشرت على وسائل التواصل الاجتماعي صور ولقطات مصورة لمسيرات في بلدات ومدن أخرى في أنحاء السودان، غير أنه لم يتم التحقق بشكل مستقل من موعد التقاط تلك الصور.
أزمة حادة
يشار إلى أنه منذ 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، يعاني السودان أزمة حادة، إذ أعلن البرهان حالة الطوارئ وحلّ مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين وإعفاء الولاة، عقب اعتقال قيادات حزبية ووزراء ومسؤولين، مقابل احتجاجات مستمرة ترفض هذه الإجراءات، باعتبارها "انقلاباً عسكرياً".
مقابل اتهامه بتنفيذ "انقلاب عسكري"، يقول البرهان إن الجيش ملتزم باستكمال عملية الانتقال الديمقراطي، وإنه اتخذ إجراءاته الأخيرة؛ لحماية البلاد من "خطر حقيقي"، متهماً قوى سياسية بـ"التحريض على الفوضى".
كان البرهان وحمدوك قد وقعا، في 21 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، اتفاقاً سياسياً تضمَّن عودة الأخير لمنصبه، وتشكيل حكومة كفاءات، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، إلا أن الاتفاق لقي معارضة واسعة من قبل المحتجين.
أما في 2 يناير/كانون الثاني الجاري، فاستقال حمدوك من منصبه، بعد ساعات من سقوط 3 قتلى خلال مظاهرات، وفق "لجنة أطباء السودان".
قبل تلك الإجراءات كان السودان يعيش منذ 21 أغسطس/آب 2019، فترة انتقالية تستمر بموجب "الوثيقة الدستورية" 53 شهراً، تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية، وحركات مسلحة وقّعت مع الحكومة اتفاق سلام في 2020.