قالت روسيا الخميس 27 يناير/كانون الثاني 2022، إنه بات من الواضح أن الولايات المتحدة لا تعتزم تلبية مطالبها الأمنية الرئيسية في المواجهة حول أوكرانيا، لكنها تعتزم أن تترك الباب مفتوحاً أمام مزيد من الحوار.
وقدَّمت الولايات المتحدة وحلف الأطلسي رداً مكتوباً، الأربعاء، على مطالب قدمتها روسيا بخصوص إعادة صياغة الترتيبات الأمنية لحقبة ما بعد الحرب الباردة في أوروبا منذ حشدت قواتها قرب الحدود مع أوكرانيا. وأثارت الخطوة الروسية مخاوف في الغرب من وقوع غزو.
وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين، إن موسكو تحتاج إلى وقت لمراجعة الرد ولن تسارع بالقفز إلى استنتاجات، وإن كانت تصريحات الولايات المتحدة وحلف الأطلسي التي تصف مطالب موسكو الأساسية بأنها غير مقبولة لا تترك حيزاً كبيراً للتفاؤل.
وأضاف بيسكوف: "استناداً لما قاله زملاؤنا (في الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي) أمس، بات من الواضح تماماً أنه فيما يخص الموضوعات الرئيسية الموضحة في مسودات الوثائق، لا يمكننا القول إن أفكارنا وُضعت في الاعتبار أو إنه تم إظهار نية لأخذها بعين الاعتبار. لكننا لن نتسرع في تقييماتنا".
ويوضح رد الفعل الدقيق من جانب الكرملين أن روسيا لا ترفض ردود الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي ولا تغلق الباب أمام الدبلوماسية.
وقالت مساعدة وزير الخارجية الأمريكي للشؤون السياسية فيكتوريا نولاند، الخميس، إن الولايات المتحدة تأمل في أن تدرس روسيا ما عرضته واشنطن وتعود إلى طاولة المفاوضات.
وأضافت نولاند للصحفيين: "موقفنا موحّد في تفضيلنا للدبلوماسية. لكننا متحدون أيضاً في عزمنا على أن تكون هناك تكلفة سريعة وكبيرة في حال رفضت موسكو عرضنا للحوار".
موسكو ترفض الغزو
وقالت وزارة الخارجية الروسية إن أفضل السبل لتخفيف حدة التوتر هي أن يسحب الأطلسي قواته من أوروبا الشرقية، لكنها سعت أيضاً إلى تبديد المخاوف من حدوث غزو.
حيث قال أليكسي زايتسيف المتحدث باسم الوزارة: "قلنا بالفعل مراراً إن بلادنا لا تعتزم مهاجمة أحد. نحن نعتبر أنه حتى فكرة الحرب بين شعبينا غير مقبولة تماماً".
وارتفعت السندات السيادية بالدولار التي أصدرتها أوكرانيا، الخميس، مستمتعة بأفضل يوم لها منذ ما يقرب من عامين، في حين حققت الديون الروسية مكاسب أيضاً بعد رد فعل الكرملين.
وفي مؤشر على استمرار القلق الدولي، سجل النفط أعلى مستوياته في سبع سنين فوق سعر 90 دولاراً للبرميل. وروسيا هي ثاني أكبر منتج للنفط في العالم. وتثير الأزمة الأوكرانية المخاوف من تعطل إمدادات الطاقة إلى أوروبا.
المطالب الروسية
تشمل المطالب الأمنية الروسية، التي قُدمت في ديسمبر/كانون الأول 2021، وقف توسع حلف الأطلسي، ومنع انضمام أوكرانيا إليه إلى الأبد وسحب قوات الحلف وأسلحته من دول شرق أوروبا التي انضمت إليه بعد الحرب الباردة.
ولم يتم الكشف عن ردود الولايات المتحدة وحلف الأطلسي، لكنهما يرفضان بالفعل هذه المطالب، فيما يرغبان في التواصل حول قضايا مثل الحد من التسلح وإجراءات بناء الثقة وفرض قيود على التدريبات العسكرية من حيث حجمها ونطاقها.
وقالت تركيا، عضو الأطلسي التي تتمتع بعلاقات جيدة مع كل من كييف وموسكو، إن من المهم بمكان مواصلة المحادثات. وقال وزير خارجيتها مولود جاويش أوغلو في أنقرة: "كل المشاكل لا يمكن حلها بوثيقة أو باجتماع أو اجتماعين".
وأبلغت الصين الولايات المتحدة رغبتها في أن تلتزم جميع الأطراف المعنية بأوكرانيا الهدوء.
ونقلت الخارجية الصينية عن وزيرها وانغ يي قوله لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في اتصال هاتفي: "ندعو جميع الأطراف إلى التزام الهدوء والامتناع عن القيام بأي شيء يثير التوتر ويزيد حدة الأزمة".
ووجَّهت الدول الغربية تحذيرات بأنها ستفرض عقوبات اقتصادية على روسيا إذا غزت أوكرانيا، علاوة على الإجراءات المفروضة منذ 2014، عندما ضمت موسكو شبه جزيرة القرم وبدأ الانفصاليون المدعومون منها في قتال قوات الحكومة في شرق أوكرانيا.
كان دبلوماسيون أوكرانيون وروس وألمان وفرنسيون ناقشوا الصراع في شرق أوكرانيا في باريس، أمس الأربعاء، واتفقوا على مواصلة المحادثات في برلين في غضون أسبوعين.
وقال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا إن الاتفاق على إجراء مزيد من المحادثات يعني ترجيح مواصلة روسيا المسار الدبلوماسي لمدة أسبوعين على الأقل.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إن هناك بارقة أمل في بدء حوار جاد مع الولايات المتحدة، ينصبّ فقط على المسائل الثانوية، وليس القضايا الجوهرية. وأضاف، في تعليقات نُشرت على الموقع الإلكتروني للوزارة، أن الرئيس فلاديمير بوتين هو من سيقرِّر الخطوة التالية لروسيا.
وحذر بوتين، الذي لم يتحدث علناً عن الأزمة منذ أسابيع، من "رد عسكري-تقني" غير محدد، وهو ما يقول محللون في مجال الدفاع إنه قد يعني شيئاً من قبيل نشر الصواريخ إذا قوبلت مطالب روسيا بالتجاهل.
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن إنه لن يرسل قوات من الولايات المتحدة أو الحلفاء لقتال روسيا في أوكرانيا، لكن حلف الأطلسي قال إنه يضع قواته في حالة تأهب ويدفع بتعزيزات في شرق أوروبا بإرسال مزيد من السفن والطائرات المقاتلة.
وتوجَّهت أربع طائرات مقاتلة من طراز إف-16 إلى ليتوانيا قادمة من الدنمارك، أمس الخميس. وهبطت ست طائرات أمريكية من طراز إف-15 في إستونيا أمس الأول الأربعاء، في الوقت الذي يعزز فيه الأطلسي جناحه الشرقي.