في يوم ميلاد حكومة عزيز أخنوش في المغرب، أعلن الديوان الملكي في بلاغ رسمي له أنها تشكلت من 25 وزيراً، لكنها ستعرف إضافة عدد من كتاب الدولة في المغرب لشغل بعض الحقائب الوزارية، فتوقع الجميع أن الأمر لا يعدو ساعات وفقط.
بعد مرور أربعة أشهر على بلاغ ميلاد الحكومة، لم ترَ هذه التشكيلة النهائية للوزراء النور بعد، وهو ما فسح المجال للبحث عن أسباب هذا التأخر غير المفهوم وغير المتوقع.
رفض ملكي
وفي معرض عملية البحث هذه، حصلت "عربي بوست" على معلومات حصرية، من مصادرها الخاصة، تقول إن الديوان الملكي "رفض" اللائحة الأولى لكتاب الدولة في المغرب الذين عرضهم رئيس الحكومة من أجل استكمال تشكيلة الحكومة.
وتقضي الأعراف في المغرب بأن يرفع رئيس الحكومة أسماء الوزراء المقترحين إلى الديوان الملكي للموافقة عليها، وفي حالة وجود أسماء أو قطاعات تحتاج توضيحاً يتم عقد لقاءات من أجل ذلك.
وكانت بعض الصحف قد نشرت في وقت سابق أن اللائحة التي أعدتها الأغلبية وسلمها رئيسها للديوان الملكي تضمنت إحداث بين 4 و6 حقائب جديدة في الحكومة، في مهام كتاب الدولة في المغرب.
تابعت مصادر "عربي بوست" أن رئيس الحكومة لم يرفع للديوان الملكي لائحة تضم اسم واحد كمقترح لكل كتابة دولة، بل إن عزيز أخنوش تقدم بلائحة تضم 3 أسماء لكل حقيبة وزارية، وهو ما يعني أن الرقم اقترب من 18 اسماً.
وكان الديوان الملكي قد أعلن يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، في بلاغ له "سيتم لاحقاً تعيين كتاب الدولة في المغرب في بعض القطاعات الوزارية"، وذلك تطبيقاً للفقرة الأولى من الفصل 87 من الدستور، الذي ينص على: "تتألف الحكومة من رئيس الحكومة والوزراء، ويمكن أن تضم كتاباً للدولة".
ومضت مصادر "عربي بوست" تقول إن رئيس الحكومة أحال لائحة مقترحات كتاب الدولة المرفوضة على شركائه في الأغلبية، الذين يحاولون التفاهم حول الوزارات واقتراح أسماء جديدة لشغر حقائب كتاب الدولة.
كتاب الدولة في المغرب
ورغم أنه لم يتسرب شيء عن أسباب ودوافع الديوان الملكي لرفض تشكيلة كتاب الدولة في المغرب التي رفعها الحكومة، غير أن مصادر "عربي بوست" قالت إن هناك جانبين تتطلب مراعاتهما عند إقرار أي تعديل حكومي.
وأضحت المصادر أن الأمر الأول يعني بـ"الهندسة الحكومية"، إذ ينبغي ألا تمس التعديلات جوهر الوزارات القائمة، خاصة الوزارات ذات الأهمية الكبرى بالنسبة للقصر.
أما الأمر الثاني، حسب المصدر نفسه، فمتعلق بالأسماء المقترحة، من حيث الكفاءة والنزاهة، إذ يتطلب القصر امتلاك المرشحين للوزارة على كفاءات كبيرة، كما يشترط التوفر على النزاهة تفادياً للإحراج مع الرأي العام.
وتوقعت المصادر أن يرفع رئيس الحكومة لائحة جديدة لكتاب الدولة، بعد حسم خلافات الأغلبية، تتوفر فيهم أو على الأقل في أغلبهم الصفات المطلوبة.
وتابعت أن لائحة كتاب الدولة المكملة لتشكيلة الحكومة تواجه مشكلة أساسية وهي رغبة حزب الاستقلال في تعويض ما اعتبره انتقاصاً من حجمه ومكانته عند توزيع الحقائب الوزارية، خاصة مع مطالب بمنحه أفضلية عددية في اللائحة الجديدة لكتاب الدولة.
وأفادت بأنه في الوقت الذي كان متوقعاً فيه من أحزاب الأغلبية الثلاثة (التجمع الوطني للأحرار، الأصالة والمعاصرة، والاستقلال) الحسم السريع في لائحة ثانية، دخلت في صراع بيني حول كتابات الدولة المعنية.
وكان "عربي بوست" قد كشف جانباً من هذا الصراع، حين نشر في وقت سابق محاولة حزب "الأحرار" منح حقيبة وزارية على الأقل لحزب الاتحاد الدستوري من أجل إدخاله للحكومة وأغلبيتها، وهو ما يعتبره حزب الاستقلال استهداف حظوظه، واستمراراً للتضييق عليه.
تضارب وشائعات
وفق مصادر "عربي بوست"، فإن التوافق بين أحزاب الأغلبية يسير باتجاه تقديم لائحة كتاب الدولة تكون بين الأربعة والستة، على أساس مراعاة مطالب حزب الاستقلال في هذا الباب.
لكن هذا المسعى يواجه ارتباكاً حقيقياً، وهو ما تجسد في ندوة الناطق باسم الحكومة يوم 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 حين رفض الإفصاح عن أسباب تأخير كتاب الدولة بقوله "ما يهم هو أن الحكومة تشتغل، وكتاب الدولة سيتم تعيينهم في المستقبل القريب، كتاب الدولة مرتبطون بمسار المصادقة، وعندما تتوفر الظروف، سوف تشاهدون هذه اللحظة السياسية".
وأمام عدم الوضوح تتناسل الشائعات التي تعلن في كل مرة عن لائحة بأسماء كتاب الدولة الجدد، وعددهم، والقطاعات التي سيُكلفون بتسييرها.
وسبق لعدد من المواقع أن نشرت أسبوعاً بعد تشكيل الحكومة، لائحة تضم إحداث 5 كتابات دولة، وهي كتابة الدولة في الداخلية، وكتابة الدولة في التنمية القروية، وكتابة دولة في الماء، وكتابة دولة في الصناعة التقليدية، وكتابة دولة في الرياضة، وكتابة دولة في الجالية.
كما أن مواقع محلية أخرى نشرت قبل 3 أشهر، اتفاق رؤساء أحزاب الأغلبية على ألا يتجاوز عدد كتاب الدولة المقترحين خمسة كتاب دولة سيتم تكليفهم بملفات حساسة في قطاعات وزارية استراتيجية، وسيتم تعيينهم في وزارات الخارجية والداخلية والصحة والتربية الوطنية والسياحة.
وبحسب مصادر "عربي بوست"، فإن تأخر تعيين كتابات الدولة قد يؤثر بشكل سلبي على العلاقات داخل الأغلبية الحكومية، وهو ما تحاول تفاديه من خلال التوافق على لائحة جديدة من كتاب الدولة المقترحين وإحالتها في القريب العاجل على الديوان الملكي من جديد.
“لماذا المصادر مجهولة في هذه القصة؟
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة فقط للمعلومات التي نعتقد أنها تستحق النشر والتي تأكدنا من مصداقيتها، لكننا غير قادرين على الحصول عليها بأية طريقة أخرى.
نحن ندرك أن العديد من القراء يشككون في مصداقية ودوافع المصادر التي لم يتم الكشف عن أسمائها، لكن لدينا قواعد وإجراءات لمعالجة هذه المخاوف، منها أنه يجب أن يعرف محرر واحد على الأقل هوية المصدر، ويجب أخذ موافقة مسؤول القسم قبل استخدام المصادر المجهولة في أية قصة. نحن نتفهم حذر القراء، لكن يجب تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو علاقاتها التجارية، وسلامتها.”