لجأت قوات الأمن التونسية إلى إطلاق الغاز المسيل للدموع واستخدام خراطيم المياه؛ من أجل تفريق متظاهرين تجمعوا في العاصمة، الجمعة 14 يناير/كانون الثاني 2022، رافضين الإجراءات التي يقوم بها قيس سعيد ومشاركين في احتفالات بذكرى الثورة دعت إليها القوى السياسية
المحتجون تجمعوا في منطقة قريبة من شارع الحبيب بورقيبة، محاولين الوصول إلى الشارع، لكن سلطات الأمن أغلقته أمامهم، فيما استطاع بعض المحتجين الذين لجأوا إلى شارع محمد الخامس، كسر الطوق الأمني والتوجه إلى شارع بورقيبة.
قوات الأمن تمنع سياسيين من التظاهر
كذلك، أقدمت السلطات الأمنية على منع أعضاء من أحزاب "التيار الديمقراطي" و"الجمهوري" و"التكتل" من الوصول إلى شارع بورقيبة بالعاصمة؛ للمشاركة في الاحتجاجات التي انضم إليها عشرات التونسيين.
كانت مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب" في تونس قد أعلنت، الجمعة، أن الأمن أوقف محتجين بشارع "الحبيب بورقيبة" وسط العاصمة، من المشاركين في تظاهرات احتفالاً بذكرى الثورة ورفضاً لإجراءات الرئيس قيس سعيد.
حيث قالت المبادرة في تدوينة على صفحتها الرسمية بموقع "فيسبوك": تم "إيقاف عدد من المحتجين ضد الانقلاب في مركز (الأمن) شارل ديغول (بالعاصمة تونس)". وفي تدوينة ثانية لها على "فيسبوك"، قالت المبادرة إن "هناك تضييقاً على المحتجين الموقوفين بمركز الأمن شارل ديغول"، فيما لم تعلّق السلطات التونسية على ذلك فوراً.
انطلاق مظاهرات في تونس
يأتي ذلك في الوقت الذي انطلقت فيه مسيرات تضم العشرات من التونسيين، الجمعة 14 يناير/كانون الثاني 2022، في العاصمة تونس؛ لإحياء ذكرى ثورة 14 يناير، ورفضاً لإجراءات رئيس البلاد "الاستثنائية".
حيث أفاد مراسل الأناضول بأن المسيرات يشارك فيها سياسيون ونشطاء مجتمع مدني، واتجهت إلى شارع "محمد الخامس"، وسط العاصمة تونس، بعد أن منعتهم قوات الأمن من الوصول إلى شارع "الحبيب بورقيبة" القريب.
مظاهرات ضد قيس سعيّد
في حين ردد المحتجون شعارات، منها: "يا للعار يا للعار"، و"أوفياء لدماء الشهداء"، و"لا للحكم الفردي، نعم لعودة الدستور".
من جانبها، وفي حديثها لـ"الأناضول"، عبَّرت نائبة رئيس البرلمان المعلَّقة أعماله، سميرة الشواشي، عن استغرابها من "التضييق الحاصل ومنع المحتجين من بلوغ شارع الحبيب بورقيبة في العاصمة تونس".
الشواشي أضافت في تصريحاتها: "كل القوى السياسية والمدنية اصطدمت بحضور أمني كبير، ولا يمكن أن يشاهَد إلا في بلدان بأنظمة ديكتاتورية ومستبدة". وتابعت: "سنمضي في رفض الوضع القائم ولن يُخمد الحضور الأمني الكبير أصواتنا".
فيما لم يصدر تعليق فوري من السلطات التونسية حول ذلك حتى الساعة الـ12.45 ت.غ.
الأمن يطوّق وسط العاصمة
لمنع التظاهرات ضد الرئيس، طوَّق مئات من رجال الشرطة التونسية منطقة بوسط العاصمة، في تحدٍّ للقيود المفروضة لمكافحة كوفيد-19.
إذ تحتج أحزاب المعارضة، وضمنها حزب النهضة الإسلامي المعتدل، على تعليق الرئيس قيس سعيّد، عمل البرلمان وتوليه السلطة التنفيذية وتحركات لإعادة كتابة الدستور، وهو ما يصفونه بانقلاب.
يذكر أنه وقبل ساعات من الموعد المقرر لبدء الاحتجاج، نصبت الشرطة حواجز وانتشرت في المنطقة المحيطة بشارع الحبيب بورقيبة الذي ظل لفترة طويلة مركزاً للمظاهرات، وضمن ذلك خلال ثورة 2011 التي مهدت الطريق أمام الديمقراطية.
حيث توقفت عشرات من سيارات الشرطة في المنطقة ونصبت مدفعين للمياه خارج مبنى وزارة الداخلية الواقع بالشارع نفسه.
يأتي احتجاج الجمعة رغم حظر جميع التجمعات الذي أعلنته الحكومة يوم الثلاثاء؛ في محاولة للتصدي لتفشي كوفيد-19.
الاحتفال بذكرى ثورة تونس
من جانبها، دعت حركة "النهضة" التونسية، الجمعة، مواطني البلاد إلى الاحتفاء بذكرى "ثورة 14 يناير/كانون الثاني"، مُجددةً رفضها لإجراءات الرئيس قيس سعيد.
جاء ذلك في بيان للكتلة البرلمانية للنهضة (53 مقعداً من أصل 217 بالبرلمان المجمدة اختصاصاته)، بالتزامن مع انطلاق تظاهرات في العاصمة تونس دعت إليها كل من مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب"، وأحزاب "النهضة" و"التيار الديمقراطي" (22 مقعداً) و"التكتل" و"الجمهوري" و"العمال" (لا نواب لها)، احتفالاً بذكرى الثورة (14 يناير/كانون الثاني 2011) وتجديداً لرفض إجراءات سعيد "الاستثنائية".
دعوات للتظاهر في شوارع تونس
كتلة النهضة قالت في بيانها: "ندعو عموم التونسيين إلى الاحتفاء بذكرى الثورة المجيدة، الجمعة، والتعبير بكل الوسائل القانونيّة والسلميّة عن تشبثهم بقيم الثورة وأهدافها التي من أجلها سقط الشهداء من شمالي البلاد إلى جنوبها".
كما دعت التونسيين إلى "إدانة المسار الانقلابي الهادف إلى إرساء حكم فردي متسلّط يعيد تونس إلى حظيرة التخلف والاستبداد وتحكم اللوبيات والعائلات".
في حين عبّرت عن "اعتزازها وفخرها بذكرى الثورة المجيدة التي أطاحت بالنظام الاستبدادي وفتحت أفقاً جديداً أمام التونسيين لإطلاق تجربة ديمقراطية قوامها العدالة الاجتماعية والحريات العامة والخاصة".
كذلك فقد رأت كتلة حركة النهضة النيابية أنّه "على الرغم مما شاب التجربة (الديمقراطية) من صعوبات وأزمات هي من طبيعة الانتقال الديمقراطي، فإنها ليست مدعاة للارتداد عنها والانقلاب على مكتسباتها الدستوريّة والمؤسساتيّة وفتح الباب أمام الحكم الفردي والاستبداد والشعبويّة".
في المقابل لم يتسنّ الحصول على تعليق من السلطات التونسية حول ما ورد في بيان كتلة "النهضة"، فيما يؤكد الرئيس سعيد عادة أن إجراءاته هي "تدابير في إطار الدستور لحماية الدولة من خطر داهم"، مشدداً على عدم المساس بالحقوق والحريات.
تغيير موعد الاحتفال بالثورة
كان الرئيس التونسي أعلن، سابقاً، تغيير تاريخ الاحتفال الرسمي بالثورة، التي أطاحت بنظام حكم الرئيس زين العابدين بن علي (1987-2011)، ليصبح في 17 ديسمبر/كانون الأول، بدلاً من 14 يناير/كانون الثاني.
يذكر أن تونس تعاني أزمة سياسية منذ 25 يوليو/تموز 2021، حين فرض رئيس البلاد إجراءات استثنائية، منها: تجميد اختصاصات البرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقالة رئيس الحكومة، وتعيين أخرى جديدة.
في المقابل ترفض غالبية القوى السياسية والمدنية بتونس، وبينها "النهضة"، هذه الإجراءات، وتعتبرها "انقلاباً على الدّستور"، بينما تؤيدها قوى أخرى ترى فيها "تصحيحاً لمسار ثورة 2011″، التي أطاحت بحكم الرئيس آنذاك، زين العابدين بن علي (1987 ـ 2011).