بعد مرور أشهر قليلة على تشكيلها، يستعد رئيس الحكومة المغربي عزيز أخنوش إلى الإعلان عن تعديل حكومي أول، وذلك بإضافة حزب رابع إلى الأغلبية التي تتكون من الأحزاب الثلاثة الأولى في الانتخابات الأخيرة في البلاد.
علم "عربي بوست" أن الأغلبية الحكومية في المغرب تعيش أزمة جديدة، والسبب رغبة حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي يترأس الحكومة، بإضافة "حليفه" حزب الاتحاد الدستوري إلى هذه الأغلبية، من خلال منحه حقيبة وزارية على الأقل في التعديل الحكومي القادم.
وأسفرت انتخابات 8 سبتمبر/أيلول 2021، عن أغلبية حكومية تتكون من ثلاثة أحزاب هي "التجمع الوطني للأحرار" (يرأس الحكومة+ 7 وزراء)، حزب "الأصالة والمعاصرة" (7 وزراء)، وحزب الاستقلال (4 وزراء).
أخنوش يرضي الأحزاب الصديقة
وكشفت المصادر الخاصة لـ"عربي بوست" أن رئيس الحكومة عزيز أخنوش وحزبه يدفعان باتجاه توسيع الأغلبية الحكومية الحالية، من خلال إضافة حزب الاتحاد الدستوري.
وذهبت إلى أن الصيغة التي يقترحها رئيس الحكومة وحزبه تتمثل في منح حزب الاتحاد الدستوري حقيبة وزارية على الأقل في التعديل الحكومي المقبل.
وكان بلاغ الديوان الملكي الذي أعلن ميلاد الحكومة، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قد سجل أن الحكومة الجديدة "ستضم كتاباً للدولة في وقت لاحق" لم يُحدد.
وتابعت المصادر أن هذا المقترح أثار مخاوف حزب الاستقلال، الذي وجد دعماً من الأصالة والمعاصرة، والذي اعتبر أن الحكومة الحالية تملك أغلبية عددية مطلقة كافية في مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المغربي).
وتملك الأحزاب الثلاثة المشكلة للحكومة الحالية الأغلبية المطلقة في البرلمان، حيث تتوفر على 269 نائباً برلمانياً من أصل 395، فيما يقتضي نصاب الأغلبية المطلقة الحصول على 197 نائباً فقط.
وبحسب المصادر فرئيس الحكومة أخنوش يريد مكافأة وترضية حزب الاتحاد الدستوري (رمزه الحصان)، حليفه وشريكه في الحكومة السابقة، على حساب حلفائه الحكوميين الحاليين.
مخاوف الاستقلال
من جهة ثانية سجلت مصادر لـ"عربي بوست" من قيادة حزب الاستقلال أن فكرة توسيع التحالف الحكومي مرفوضة من حيث المبدأ، فالأمر منتهٍ بالنسبة للحزب، فالحكومة الحالية قائمة على أغلبية قوية عددياً وليست بحاجة إلى إضافات.
وتابعت المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هويتها، الأمر الثاني الذي يجب الانتباه إليه، أن هناك ميثاقاً للأغلبية الحالية يُلزم الجميع، وهو الذي حدد طريقة العمل والتعاون بين أحزاب الأغلبية، في إطار الاحترام المتبادل بين الجميع.
وأفادت المصادر نفسها أن الحديث عن إضافة حزب إلى هذه الأغلبية، عبر بوابة الحقائب الوزارية، هو محاولة تطويق حزب الاستقلال، ومواصلة التضييق عليه من داخل هذه الحكومة.
ووفق مصادر "عربي بوست" فإن رفضاً شديداً يسود داخل حزب الاستقلال لهذا المسعى، فالحزب بحسب مصادر خاصة يرفض فكرة إضافة حزب جديد للحكومة، وذلك ليقينه أن هذه الإضافة ستكون على حسابه.
وتابعت المصادر أن مقترح حزب التجمع الوطني للأحرار، في حال المضي فيه، يعني الانقلاب على الوعود التي قدمها لحزب الاستقلال، والتزامات ميثاق الأغلبية، إذ سبق للطرفين أن اتفقا على أن التعديل الحكومي القادم يعني "زيادة" عدد وزراء حزب الاستقلال.
وسجّلت أن حزب الاستقلال اعتبر وجوده في الحكومة الحالية أقل من حجم الحزب في عدد الحقائب وأهميتها، ودخل في مفاوضات مع ثنائي الأغلبية (الأحرار والأصالة والمعاصرة)، واتفق الجميع على أن التعديل المرتقب يعطي الأولوية لحزب الاستقلال من حيث الحقائب.
وجزمت المصادر بأن قبول القيادة الحالية للحزب مناقشة فكرة توسيع الأغلبية الحكومية، سيعني تفجراً جديداً للأوضاع داخل حزب الاستقلال، بعدما نجح بصعوبة في تطويقه بعد خروج الحزب بحقائب قليلة العدد وعديمة الأهمية في الحكومة الحالية.
غضب من تعديل حكومي مرتقب
مشاكل حزب الاستقلال داخل الأغلبية الحكومية في المغرب لا تتوقف، فبعد تقليص وجوده فيها من حيث عدد الوزراء، وأهمية المناصب داخل الحكومة الحالية، أصبحت الوعود التي تلقاها بزيادة غلته الوزارية في التعديل الحكومي المقبل مهددة.
حزب الاستقلال الذي تلقى وعوداً في المراحل السابقة، بأن التعديل الحكومي القادم سيضمن له إضافة عدد من الحقائب الوزارية، تراعي مكانته داخل التحالف الحكومي، وجد نفسه محاصراً بفكرة إضافة حزب رابع إلى الحكومة على حساب مناصبه هو.
وعاش حزب الاستقلال، بعد أكتوبر/تشرين الأول 2021، على صفيح ساخن، بعد خروج الحزب بأربع حقائب وزارية في حكومة عزيز أخنوش، وهو ما اعتبرته قيادات في الحزب لا يعكس القيمة الحقيقية ولا المكانة السياسية له.
وانعكس هذا الغضب والاحتجاج في مداخلات الحزب في مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، خاصة في كلمة لرئيس فريق حزب الاستقلال نور الدين مضيان.
مضيان هاجم البرنامج الحكومي، ووجه نقداً لاذعاً لرئيس الحكومة عزيز أخنوس، وحذر من أن حزب الاستقلال لن يدعم هذه الحكومة بشكل مجاني، وأن الحكومة مدعوة لتنزيل البرنامج الانتخابي للحزب.
هذا الموقف القوي قُرئ على أنه تحذير من "قيادات الظل" داخل حزب الاستقلال، الذين اعتبروا أن حزبهم "ظُلم" في الحقائب التي حصل عليها داخل الحكومة.
وظلَّ حزب الاستقلال يعيش غلياناً حتى حدود دورة مجلسه الوطني (برلمان الحزب)، في 10 ديسمبر/كانون الأول 2021.
ووفق مصادر متطابقة نجحت قيادة الحزب في تهدئة الاستقلاليين، من خلال حديثها عن "إعادة الاعتبار للحزب" في التعديل الحكومي المقبل، خاصة عبر بوابة "كتاب الدولة".
وكانت الصحافة المحلية قد نشرت بعيد تشكيل الحكومة وجود خلافات وصفتها بـ"القوية" داخل حزب الاستقلال، وذلك بسبب اقتراح كل وزراء الاستقلال من خارج اللجنة التنفيذية (هيئة القيادة) لثالث القوى السياسية في البلاد.
“لماذا المصادر مجهولة في هذه القصة؟
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة فقط للمعلومات التي نعتقد أنها تستحق النشر والتي تأكدنا من مصداقيتها، لكننا غير قادرين على الحصول عليها بأية طريقة أخرى.
نحن ندرك أن العديد من القراء يشككون في مصداقية ودوافع المصادر التي لم يتم الكشف عن أسمائها، لكن لدينا قواعد وإجراءات لمعالجة هذه المخاوف، منها أنه يجب أن يعرف محرر واحد على الأقل هوية المصدر، ويجب أخذ موافقة مسؤول القسم قبل استخدام المصادر المجهولة في أية قصة. نحن نتفهم حذر القراء، لكن يجب تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو علاقاتها التجارية، وسلامتها.”