التأم شمل رضيع في أفغانستان بأقاربه في كابول، السبت 8 يناير/كانون الثاني 2022، عقب العثور عليه بعد فقدانه عندما سلمه والده لجندي عبر سياج مطار كابول وسط الفوضى التي سادت عملية الإجلاء الأمريكية من أفغانستان.
كان عمر الطفل سهيل أحمدي شهرين فقط عند انفصاله عن الأسرة، في 19 أغسطس/آب 2021، حين اندفع الآلاف في محاولة لمغادرة أفغانستان عقب سقوطها في أيدي حركة طالبان.
العثور على الرضيع المفقود
في أعقاب تقرير حصري نشرته رويترز، في نوفمبر/تشرين الثاني، مع صور الطفل المفقود، تم تحديد مكانه في كابول، حيث عثر عليه سائق سيارة أجرة يدعى حامد صافي (29 سنة) في مطار كابول وأخذه إلى بيته لتربيته.
بعد مفاوضات ومناشدات استمرت أكثر من سبعة أسابيع، بل واعتقال شرطة طالبان لصافي لفترة قصيرة، وافق سائق سيارة الأجرة في النهاية على إعادة الطفل إلى جده وأقاربه، الذين لا يزالون في كابول، وسط فرحة عارمة.
قال أهل الطفل إنهم سيعملون الآن من أجل أن يجتمع شمله بوالديه وأشقائه الذين تم إجلاؤهم قبل أشهر إلى الولايات المتحدة.
كيف ضاع الرضيع الأفغاني
خلال البلبلة التي صاحبت عملية الإجلاء من أفغانستان أثناء الصيف، كان ميرزا علي أحمدي، والد الطفل، الذي عمل حارساً أمنياً بالسفارة الأمريكية، وزوجته ثريا، يخشيان أن ينسحق ابنهما في الزحام أثناء اقترابهم من بوابات مطار كابول، في طريقهم لاستقلال طائرة متجهة إلى الولايات المتحدة.
قال أحمدي لرويترز، في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني، إنه سلّم سهيل بدافع الشعور باليأس في ذلك اليوم عبر سياج المطار إلى جندي أمريكي فيما يعتقد، وهو يتوقع تماماً أنه سيتمكن من اجتياز الأمتار الخمسة الباقية حتى البوابة لاستعادته.
في تلك اللحظة دفعت قوات طالبان المتجمهرين إلى الوراء، لتمر نصف ساعة أخرى، قبل أن يتمكن أحمدي وزوجته وأطفالهما الأربعة الآخرون من الدخول، لكنهم لم يعثروا للطفل الرضيع على أثر.
قال أحمدي إنه بحث باستماته عن ابنه داخل مطار كابول، ورجح له المسؤولون أن يكون قد نُقل بالفعل إلى خارج البلاد على رحلة منفصلة، ومن الممكن أن يلحق بالأسرة فيما بعد.
بينما تم إجلاء بقية أفراد الأسرة وانتهى بها الحال في النهاية في قاعدة عسكرية بتكساس. ومرت شهور دون أن تعرف الأسرة شيئاً عن مصير ابنها.
وجده يبكي في مطار كابول
في اليوم ذاته الذي انفصل فيه أحمدي وأسرته عن الطفل الرضيع تسلل السائق صافي عبر بوابات مطار كابول، بعد أن قام بتوصيل أسرة شقيقه التي كان من المقرر إجلاؤها أيضاً.
قال صافي إنه وجد سهيل يبكي وحيداً على الأرض، وبعد أن فشل في محاولة العثور على والدي الطفل داخل مطار كابول قرر العودة به إلى البيت لزوجته وأطفاله. ولصافي ثلاث بنات، وقال إن أعظم أمنيات والدته قبل وفاتها أن يكون له ولد.
قال صافي لرويترز في مقابلة، في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني، إنه قرر في تلك اللحظة أن "يحتفظ بهذا الرضيع. وإذا ظهرت أسرته فسأعطيه لها، وإذا لم تظهر فسأربيه أنا".
كما قال صافي لرويترز إنه أخذ الطفل إلى الطبيب لفحصه بعد العثور عليه، وسرعان ما أصبح الطفل فرداً من أفراد الأسرة. وأطلقت الأسرة على الطفل اسم محمد عابد، ونشرت صوره مع صور أطفالها على صفحة على فيسبوك.
جيران سائق التاكسي يبلغون عنه
بعد نشر تقرير رويترز عن الطفل المفقود تعرّف بعض جيران صافي، الذين لاحظوا عودته من مطار كابول قبل أشهر ومعه رضيع، على الصور، ونشروا تعليقات عن مكان وجوده على نسخة مترجمة من التقرير.
طلب أحمدي من أقاربه المقيمين في أفغانستان، ومنهم والد زوجته محمد قاسم رضوي (67 عاماً)، الذي يعيش في إقليم بدخشان في الشمال الشرقي، البحث عن صافي والمطالبة بإعادة الطفل للأسرة.
قال رضوي إنه سافر على مدى يومين وليلتين إلى العاصمة، حاملاً هدايا من بينها خروف مذبوح وعدة كيلوغرامات من الجوز وبعض الملابس لصافي وأسرته.
لكن صافي رفض التخلي عن سهيل وأصر أنه يريد أيضاً إجلاءه عن أفغانستان هو وأسرته. وقال شقيق صافي الذي تم إجلاؤه إلى كاليفورنيا، إن صافي وأسرته لم يتقدموا بطلبات لدخول الولايات المتحدة.
بينما طلبت أسرة الرضيع مساعدة الصليب الأحمر، الذي تشتمل أهدافه على لم شمل مَن فرّقتهم الأزمات الدولية، لكنها قالت إنها لم تتلق معلومات تذكر منه. وقال متحدث باسم الصليب الأحمر إن المنظمة لا تُعلق على حالات فردية.
تعويض عن الرعاية
في النهاية، وبعد الشعور بأن كل الخيارات نفدت، اتصل رضوي بشرطة طالبان المحلية للإبلاغ عن خطف الطفل. وقال صافي لرويترز إنه نفى الاتهامات في أقواله للشرطة وإنه يرعى الطفل ولم يخطفه.
حققت الشرطة في البلاغ، وقال قائد الشرطة المحلية لرويترز إنه ساعد في ترتيب تسوية تضمنت اتفاقاً وقّعه الطرفان ببصمات الأصابع.
قال رضوي إن أسرة الطفل وافقت في النهاية على تعويض صافي بنحو 100 ألف أفغاني (950 دولاراً) عن المصروفات التي أنفقها لرعاية الطفل على مدار خمسة أشهر.
في حضور الشرطة، ووسط دموع منهمرة عاد الطفل أخيراً يوم السبت إلى أقاربه.
قال رضوي إن صافي وأسرته حزنوا حزناً شديداً لفراق سهيل. وأضاف "كان حامد وزوجته يبكيان، وأنا بكيت أيضاً، لكني طمأنتهم قائلاً إنكما شابان، وسيمنحكما الله الولد، ليس واحداً فقط، بل عدداً من الأولاد، وشكرتهما على إنقاذ الطفل من مطار كابول".
كما قال والدا الرضيع لرويترز إن الفرحة غمرتهما عندما تمكنا من رؤيته ومشاهدة التئام الشمل بالعائلة عبر مكالمة بالفيديو.
الآن يأمل أحمدي وزوجته وأطفالهما أن يتم قريباً نقل سهيل للعيش معهم في الولايات المتحدة، بعد أن تمكنوا في أوائل ديسمبر/كانون الأول الماضي، من الانتقال من القاعدة العسكرية للإقامة في شقة بميشيغان.