في واقعة عصيان نادرة، أضرم مجهولون النار في تمثال القائد السابق لفيلق القدس الإيراني قاسم سليماني في جنوب غربي البلاد، تزامناً مع إحياء طهران الذكرى السنوية الثانية لاغتياله على يد القوات الأمريكية في العراق، طبقاً لما أوردته صحيفة The Telegraph البريطانية، الخميس 6 يناير/كانون الثاني 2022.
هذه الواقعة، التي تُقوّض التوقير الرسمي للقائد العسكري الإيراني الراحل، حدثت بعد ساعات من تدشين التمثال (الذي يبلغ ارتفاعه ستة أمتار) للمرة الأولى بحضور الأهالي ومسؤولين محليين في مدينة شهركرد عاصمة محافظة تشهارمحال وبختياري، القريبة من أصفهان يوم الأربعاء 5 يناير/كانون الثاني 2022.
بينما لم تُعرف هوية الجناة حتى الآن، بحسب محمد علي نكونام، ممثل المرشد الأعلى الإيراني في المحافظة، الذي وصف الحادث بأنّه "عمل تدنيسي وقح".
كما لم يتبيّن ما إذا كان التمثال قد تعرض لأضرارٍ جسيمة أم لا، لكن العمل التخريبي يتناقض بشكلٍ صارخ مع تصوير سليماني على أنّه بطلٌ محبوب للغاية داخل إيران.
كان مئات الآلاف من الإيرانيين قد حضروا مواكب جنازة سليماني في مختلف المدن خلال شهر يناير/كانون الثاني عام 2020. وقد مات 56 شخصاً على الأقل وأُصيب المئات بسبب حوادث التدافع حينها، بينما كانت الحشود تجوب شوارع مدينة كرمان، مسقط رأس سليماني.
"القاتل الجماعي"
من جهتها، أعلنت جماعة المعارضة المنفية، المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، أنّ "وحدات المقاومة" هي التي أضرمت النيران في تمثال شهركرد، واصفة سليماني بـ"القاتل الجماعي".
يعد المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية هو الجناح الدبلوماسي لحركة مجاهدي خلق الإيرانية، وهي حركةٌ معارضة تسعى للإطاحة بحكومة طهران. وقد اتهمها بعض أعضائها السابقين بأنّها تحوّلت إلى طائفة منعزلة في المنفى، لكنها نفت ذلك بشدة.
يُذكر أنه خلال حملةٍ قمعية ضد جماعات المعارضة في إيران عام 1988، تعرض الآلاف من السجناء وأعضاء حركة مجاهدي خلق للقتل في إعدامات بدون محاكمة. وقد قال المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية إنّ سليماني كان متورطاً في تلك الأحداث.
في غضون ذلك، نقلت "إسنا"، عن إمام الجمعة في محافظة تشهارمحال وبختياري، حجة الإسلام محمد علي نكونام، قوله إن "هذه الجريمة التي ارتكبت بشكل جبان تحت جنح الظلام، تشبه الجريمة التي ارتكبت أيضاً في الليل قرب مطار بغداد"، وهذا في إشارة الى توقيت اغتيال سليماني.
اغتيال سليماني
يُشار إلى أنه في 3 يناير/كانون الثاني 2020، قُتل سليماني في غارة أمريكية بطائرة مسيرة، قرب مطار بغداد الدولي، حيث استهدفت سيارة كان يستقلها رفقة أبو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي.
منذ عملية الاغتيال تُهدد الجماعات الشيعية المسلحة في العراق وكذلك إيران، بـ"الثأر" لسُليماني والمُهندس، ومع كل تهديد يتوقع العراقيون أن تكون العاصمة بغداد مسرحاً لردة الفعل الإيرانية.
بدوره، طالب الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، الإثنين 3 يناير/كانون الثاني 2022، بضرورة محاكمة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وزير الخارجية الأمريكي السابق مايك بومبيو، على قتل سليماني، متوعداً بالثأر ما لم يحدث ذلك.
جاء ذلك في خطاب ألقاه رئيسي ضمن إحياء الذكرى السنوية الثانية لمقتل سليماني.