قالت أمانة منظمة معاهدة الأمن الجماعي الخميس 6 يناير/كانون الثاني 2022، إن قوات روسية انتشرت في كازاخستان ضمن قوة لحفظ السلام تضم جنوداً من أربع جمهوريات سوفييتية سابقة أخرى، في خطوة جاءت رداً على نداء من رئيسها للمساعدة في تحقيق الاستقرار بعد موجة من الاحتجاجات التي تفجَّرت وتحوَّلت إلى أعمال عنف وتخريب بعد ارتفاع أسعار الوقود.
وقالت الأمانة العامة للتحالف الأمني، الذي تقوده روسيا، إن المهمة الرئيسية لقوات حفظ السلام هي حماية المنشآت الحكومية والعسكرية المهمة ومساعدة قوات حفظ القانون والنظام في البلاد.
يأتي ذلك في الوقت الذي دعت فيه واشنطن، عبر وزارة خارجيتها، جميع الأطراف في كازاخستان إلى ضبط النفس والتحلّي بالهدوء.
دعوة من رئيس الدولة
كان رئيس وزراء أرمينيا، نيكول باشينيان قد قال إن تحالفاً أمنياً تقوده روسيا، سيرسل قوات لحفظ السلام إلى كازاخستان.
وكتب باشينيان عبر حسابه على فيسبوك أن عدداً من قوات حفظ السلام، لم يحدده، ستذهب إلى كازاخستان لمدة محدودة لإعادة استقرار الوضع بعد إحراق مبان حكومية والسيطرة على مطار ألما آتا الدولي.
فيما نقلت وكالة سبوتنيك الروسية للأنباء عن وزارة الداخلية في كازاخستان قولها، الأربعاء، إن الاحتجاجات أودت بحياة ثمانية من أفراد الشرطة والحرس الوطني على مدار الثلاثاء والأربعاء.
وفي وقت لاحق نقلت وكالات أنباء روسية عن وسائل إعلام في كازاخستان قولها إن جنديين قتلا أيضاً فيما وصفته بأنه عملية لمكافحة الإرهاب في مطار ألما آتا.
احتجاجات تحولت لأعمال عنف
اندلعت الاحتجاجات في بادئ الأمر بسبب غضب من زيادة أسعار الوقود واتسع نطاقها سريعاً لتشمل معارضة للرئيس السابق نور سلطان نزارباييف الذي لا يزال يحتفظ بسلطات واسعة في الجمهورية السوفييتية السابقة رغم استقالته عام 2019 بعدما حكم البلاد ما يقرب من ثلاثة عقود.
ويُنظر إلى نزارباييف، البالغ من العمر 81 عاماً، على نطاق واسع باعتباره القوة السياسية الرئيسية في العاصمة نور سلطان، التي سميت تيمناً به، ويُعتقد أن عائلته تسيطر على جزء كبير من اقتصاد البلاد، الأكبر حجماً في آسيا الوسطى.
ولم يظهر نزارباييف علناً أو يدلِ بتصريحات منذ بدء الاحتجاجات.
وساعدت صورة كازاخستان كبلد مستقر سياسياً في عهد نزارباييف في جذب استثمارات أجنبية بمئات المليارات من الدولارات في قطاعي النفط والمعادن.
وفي محاولة على ما يبدو لتهدئة الغضب العام، أقال الرئيس قاسم جومارت توكاييف سلفه نزارباييف من منصب رئيس مجلس الأمن القومي الأربعاء واضطلع بمسؤولياته. كما عين رئيساً جديداً للجنة أمن الدولة، وأقال أحد أقارب نزارباييف من ثاني أعلى منصب في اللجنة.
كما تقدمت حكومة توكاييف باستقالتها.
لكن مصدراً مطلعاً قال لرويترز إن الاحتجاجات استمرت وسيطر المتظاهرون على مطار في ألما آتا كبرى مدن كازاخستان. وألغيت الرحلات الجوية من المدينة وإليها.
ونقلت وكالة إنترفاكس في وقت لاحق عن مسؤول قوله إن المطار أُخلي من المحتجين. ولم تتمكن رويترز من التحقق بشكل مستقل من الأمر.
وفي وقت سابق، استخدمت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت لتفريق المتظاهرين في ألما آتا، لكنها انسحبت بعد ذلك على ما يبدو.
مناشدة للتدخل
وفي خطاب تلفزيوني هو الثاني في غضون ساعات قليلة، قال توكاييف في الساعات الأولى من صباح الخميس إنه طلب مساعدة منظمة معاهدة الأمن الجماعي، وهي تحالف عسكري يضم روسيا وروسيا البيضاء وأرمينيا وكازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان.
وأضاف أن عصابات "إرهابية" تلقت تدريباً في الخارج استولت على مبان ومرافق بنية تحتية وأسلحة، ووضعت يدها على خمس طائرات، بينها طائرات أجنبية، في مطار ألما آتا.
وقال: "هذا تقويض لسلامة البلد والأهم أنه هجوم على مواطنينا الذين يطلبون مني مساعدتهم بسرعة".
ونقلت وكالات أنباء روسية عن ديمتري روجوزين، رئيس وكالة الفضاء الروسية، قوله إنه تم تعزيز إجراءات الأمن حول منشآت رئيسية في قاعدة بايكونور الفضائية في كازاخستان التي تستخدمها بلاده في عمليات الانطلاق إلى الفضاء.
فوضى عارمة
قال أحد سكان ألما آتا كان قد اختلط بالمحتجين، الأربعاء، إن معظم الذين التقى بهم أتوا فيما يبدو من ضواحٍ فقيرة على مشارف المدينة أو من القرى والبلدات المجاورة. وأضاف: "هناك فوضى عارمة في الشارع".
وشاهد مراسلون لرويترز الأربعاء آلاف المحتجين يشقون طريقهم نحو وسط المدينة.
وفي مدينة أكتوبي، تجمع مئات المتظاهرين في إحدى الساحات وهم يهتفون "ارحل أيها المسن". وفي مقطع مصور نُشر على الإنترنت، ظهر رجال الشرطة وهم يستخدمون مدافع المياه والقنابل الصوتية لتفريق المتظاهرين بالقرب من مكتب رئيس البلدية هناك.
وأعلنت حالة الطوارئ في نور سلطان وألما آتا وإقليم مانجيستاو بغرب البلاد. كما انقطعت خدمات الإنترنت.
وبعد قبول استقالة الحكومة، أمر توكاييف الوزراء بالإنابة بإلغاء زيادة أسعار الوقود التي تسببت في مضاعفة تكلفة غاز البترول المسال وهو وقود سيارات يستخدمه الكثير من السكان.
من جانبها، قالت وزارة الخارجية الأمريكية، في بيان، إن الولايات المتحدة تندد بالعنف وتدمير الممتلكات في كازاخستان وتدعو المحتجين والسلطات للتحلي بضبط النفس.
ووصف البيان البلد "بالحليف القديم"، وحث جميع مواطني كازاخستان على "احترام المؤسسات الدستورية وحقوق الإنسان وحرية الإعلام والدفاع عنها بما يشمل إعادة خدمة الإنترنت".
وكازاخستان حليف وثيق لروسيا. وقال الكرملين إنه يتوقع أن تنجح في حل مشاكلها الداخلية بسرعة، وحذر الدول الأخرى من التدخل. وقالت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض جين ساكي إن الاتهامات الروسية بأن الولايات المتحدة حرضت على الاضطرابات "كاذبة تماماً".