تركت استقالة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك الجيش السوداني أمام مهمة صعبة تتمثل في محاولة إيجاد بديل يحظى بدعم محلي ودولي واسع في وقت تخشى فيه الولايات المتحدة والجهات الفاعلة الدولية الأخرى أن تمثل ضربة أخرى للانتقال الديمقراطي المتعثر في السودان.
وقال مسؤول قوى الحرية والتغيير، وفقاً لما نشره موقع Axios الأمريكي، إنَّ أمام الجيش خيارين إما العودة إلى عهد البشير من القمع الداخلي والصراع مع المجتمع الدولي، أو السعي إلى تسوية مقبولة لدى الفاعلين الأساسيين لإعادة الانتقال إلى المسار الصحيح، وأضاف المصدر أنَّ كلا الأمرين متساوٍ، مشيراً إلى أنَّ الأزمة الاقتصادية في السودان قد تكون حافزاً للتوصل إلى حل.
في غضون ذلك، قُتل أكثر من 50 شخصاً في الاحتجاجات ضد الجيش التي بدأت بعد إطاحة حمدوك في انقلاب 25 أكتوبر/تشرين الأول واستُؤنِفت منذ إعادته لمنصبه بعد شهر، حيث ظهر حمدوك بوجهٍ متشائم على شاشة التلفزيون الوطني مساء الأحد 2 يناير/كانون الثاني، معلناً استقالته وأعرب عن أسفه، لأنه حاول يائساً، لكنه فشل في تحقيق توافق وطني.
كواليس استقالة حمدوك
كانت استقالة حمدوك قيد الإعداد لعدة أسابيع، لكنها تأخرت بسبب ضغوط من الجيش والقوى السياسية في السودان واللاعبين الدوليين الذين سعوا للحفاظ على اتفاق 21 نوفمبر/تشرين الثاني، الذي أُطلِق بموجبه سراح حمدوك من الإقامة الجبرية، وأعيد إلى منصبه.
ودعت الاتفاقية، التي وُقّعَت مع اللواء عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، حمدوك إلى تشكيل حكومة "تكنوقراط" و"غير حزبية"، إلا أن ذلك تركه محاصراً، مع تدخل من الجيش وحلفائه السياسيين من جانب وضغط من المتظاهرين وقوى الحرية والتغيير -التحالف السياسي المؤيد للديمقراطية الذي رشحه لأول مرة للمنصب في عام 2019- من الجانب الآخر.
فيما كشف مصدر كبير في قوى الحرية والتغيير أنَّ حمدوك أدرك أنه حتى لو تمكن من تشكيل مثل هذه الحكومة، فسيرفضها المحتجون، وانتقدت قوى الحرية والتغيير أيضاً حمدوك لتوقيعه صفقة دون استشارتهم، لكن تراجع أحد مساعدي حمدوك عن هذا النقد، وصرح لموقع Axios بأنَّ حمدوك كان يحاول منع المزيد من إراقة الدماء.
في غضون ذلك، زعم الجيش أنَّ السياسيين المتنازعين أخلّوا بالمرحلة الانتقالية التي بدأت بعد إطاحة الديكتاتور عمر البشير في عام 2019.
رسالة الدول الغربية إلى السودان
أرسل الاتحاد الأوروبي والنرويج والولايات المتحدة والمملكة المتحدة، يوم الثلاثاء 4 يناير/كانون الثاني، رسالة عامة إلى الجيش السوداني يحذرون فيها من أنهم "لن يدعموا رئيس وزراء أو حكومة مُعيَّنة دون مشاركة مجموعة واسعة من أصحاب المصلحة المدنيين".
إضافة إلى ذلك تحدث وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن مع وزيري خارجية المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وكلاهما له تأثير في الجيش السوداني.