قال الرئيس التونسي قيس سعيد، الخميس 30 ديسمبر/كانون الأول 2021، إن "وجود قضاء مستقل خير من ألف دستور"، مشدّداً على أنه لا تراجع عما وصفها بالثوابت، وأنه سيواصل "العمل بنفس العزيمة لدحض الافتراءات والأكاذيب والتصدي لكلّ محاولات ضرب الدولة، واتخاذ القرارات التي ينتظرها الشعب التونسي صاحب السيادة".
جاء ذلك خلال كلمة له أثناء افتتاحه جلسة لمجلس الوزراء بقصر قرطاج.
حيث قال إنه "لا يمكن تطهير البلاد إلا بقضاء عادل"، داعياً من وصفهم بالقضاة الشرفاء إلى "المساهمة في تحقيق العدالة، وعلى القضاة أن يكونوا معنا في موعد مع التاريخ، حتى نطهر بلادنا من الأدران، وممّن عبثوا بمقدراتها"، على حد قوله.
فيما ذكر سعيد أن وضع القانون المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء كان "نتيجة لتدخل عدد من الأطراف غير المختصة وجملة من قوى الضغط (لم يسمّها)"، مؤكداً على ضرورة "إصلاح المنظومة القضائية ككل".
كما طالب سعيد، في كلمته، بضرورة مراجعة التنظيم الإداري داخل المحاكم حتى يتعافى القضاء من بعض "التجاوزات" التي قال إنها حدثت سابقاً في عدد من المحاكم، دون مزيد من التفاصيل.
في حين دعا وزارتي الداخلية والعدل إلى تعقب مَن يقف وراء أي محاولات اغتيال سواء كانت سابقة أو يتم الإعداد لها، بحسب قوله.
الرئيس التونسي أكد أيضاً على "أهمية بناء مستقبل أفضل لتونس يقطع مع الأعوام الصعبة التي مرّت بها ويُخلّصها من الظلام الذي ساد".
"يوم غضب عارم ضد الانقلاب"
في غضون ذلك، دعت مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب"، الخميس، التونسيين إلى المشاركة في "يوم غضب عارم ضد الانقلاب"، في ذكرى ثورة 14 يناير/كانون الثاني المقبل، داعية الشعب التونسي إلى مقاطعة ما تصفه بالانقلاب.
فخلال مؤتمر صحفي بتونس العاصمة، حث عضو الهيئة التنفيذية للمبادرة (شعبية)، جوهر بن مبارك، الشعب التونسي على "الاستعداد ليوم 14 يناير/كانون الثاني المقبل ليكون يوم احتفاء حقيقي بعيد الثورة، ويوم غضب عارم ضد الانقلاب".
بينما حذر "المؤسسات المالية الدولية من الانخراط مع سلطة الانقلاب والتعامل معهم وتمويل ميزانية الدولة لسنة 2022″، معتبراً أن الميزانية "تضمنت تدابير مالية مجحفة وغير شرعية مغزاها مزيد تفقير المفقرين وإثقال كاهل الشعب".
تابع "بن مبارك": "قانون المالية، الذي وضعته حكومة (نجلاء) بودن، اختلاس للمال العام ولأموال دافعي الضرائب، نرفض كل الالتزامات المالية الدولية والداخلية التي تعقدها حكومة الانقلاب".
من جهته، قال عياض اللومي، عضو المبادرة: "سنقدم قضية بالمسؤولين عن هذه الميزانية، أي رئيس الدولة ورئيس الحكومة ووزير المالية"، مشدّداً على أن "قانون المالية الحالي سيؤدي بالبلاد إلى الإفلاس وسيعمق الأزمة الاقتصادية أكثر".
يشار إلى أن الدستور ينص على أنه "يُقدم ﻣﺸﺮوﻉ ﻗﺎﻧﻮﻥ اﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠبرلمان ﻓﻲ أﺟﻞ أﻗﺼﺎﻩ 15 أﻛﺘﻮﺑﺮ/تشرين الأول وﻳﺼﺎدﻕ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ أﺟﻞ أﻗﺼﺎﻩ 10 دﻳﺴﻤﺒﺮ/كانون الأول من كل عام".
مقاطعة الاستشارة الإلكترونية
في السياق ذاته، أعلن "الحزب الجمهوري" التونسي، الخميس، عن رفضه "تسخير مقدرات الدولة والمال العام لتنفيذ بنود الأجندة السياسية الخاصة بالمشروع السياسي لرئيس الجمهورية".
أكد الحزب، في بيان له، أن الاستشارة الإلكترونية التي أعلن سعيد عن انطلاقها بداية من 1 يناير/كانون الثاني المقبل "تعد أسئلتها على مقاس الجهة التي دعت إلى تنظيمها والمتحكمة في كامل مسارها من انطلاقتها إلى الإعلان عن نتائجها ستكون معلومة النتائج وفاقدة لكل شرعية"، داعياً إلى "عدم الانخراط في هذه الاستشارة الموجهة".
كان سعيد قد أعلن، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أنه سيتم إطلاق "حوار وطني" عبر منصة رقمية يشارك فيه الشباب ويتطرّق إلى مواضيع من بينها "النظامان السياسي والانتخابي" في البلاد.
لكن سعيد لم يدل بتفاصيل بشأن هذه الاستشارة، إلا أنه أكد، في تصريحات سابقة، أن "أزمة تونس تعود إلى نظاميها السياسي والانتخابي، وأن أفضل النظم هو النظام الرئاسي، مع سحب الأحزاب من الحياة السياسية واعتماد التصويت على الأفراد محلياً والانتخاب غير المباشر للهيئات التمثيلية المحلية والمركزية"، لافتاً لإمكانية "إدخال تعديلات" على الدّستور.
منذ 25 يوليو/تموز الماضي، تشهد تونس أزمة سياسية، جراء إجراءات استثنائية للرئيس سعيد، منها: تجميد اختصاصات البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه، وإلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقالة رئيس الحكومة، وتعيين أخرى جديدة.
إلا أن غالبية القوى السياسية والمدنية في تونس ترفض إجراءات سعيد الاستثنائية، وتعتبرها "انقلاباً على الدّستور"، بينما تؤيدها قوى أخرى ترى فيها "تصحيحاً لمسار ثورة 2011″، التي أطاحت بحكم الرئيس آنذاك زين العابدين بن علي (1987-2011).