رصد تقرير نشرته صحيفة The Guardian البريطانية، الإثنين 27 ديسمبر/كانون الأول 2021، أزمة المدارس في اليمن، التي تأثرت بالحرب الدائرة فيه منذ أكثر من 6 سنوات، حيث بقيت معظمها دون مقاعد أو مكاتب، وحتى دون جدران وسقوف.
ففي إحدى مدارس محافظة الحديدة، جلس أكثر من 50 طفلاً على الأرضية المغطاة بالركام، في صفوف بلا سقف ولا مقاعد أو مكاتب، كما لا تحمل أصابعهم الصغيرة أقلاماً ولا أي أوراق.
يقول التقرير إن هؤلاء الطلاب لا يزالون برغم كل هذا، ضمن الأطفال الأوفر حظاً، لأن لديهم معلماً ومكاناً يتعلمون فيه، وهو شيء نادر في هذا البلد المنكوب.
ودخلت الحرب الكارثية عامها السابع، وأطلقت معها أسوأ أزمة إنسانية في العالم. ويبدو أن الصراع باليمن لا تلوح في آفاقه أية نهاية قريبة، ومع هذا الوضع يواجه مستقبلُ جيلٍ بأكمله خطراً وشيكاً.
أزمة تتفاقم
يعجز نحو 3 ملايين طفل في اليمن عن الذهاب إلى المدرسة، بجانب 8.1 مليون طفل في حاجة إلى مساعدة تعليمية عاجلة، وذلك وفقاً لتقديرات اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
قال خالد زياد، مصور وكالة Agence France-Presse الذي التقط صورة الصف الدراسي في شهر سبتمبر/أيلول 2021: "ثمة ضغط كبير من أجل ترك المدرسة والعمل لدعم العائلة. بعض الأطفال في اليمن يبلغون من العمر الآن 10 أعوام ولم يحظوا بأي فرصة للانضمام إلى أي مدرسة. إذا كانت العائلات لا تملك أموال الطعام أو الدواء أو تكاليف المستشفيات، فكيف تستطيع تحمُّل مصروفات التعليم؟!".
مع ذلك، لم تعلن الأمم المتحدة رسمياً أن اليمن يواجه مجاعة، بسبب عدم وجود بيانات موثوقة بما يكفي للوفاء بالمتطلبات الفنية للتعريف. لكن 16.2 مليون شخص -أي نحو نصف عدد السكان- يعانون من انعدام الأمن الغذائي، والأوضاع الاقتصادية المتقلبة التي تعادل ظروف المجاعة، أدت إلى إصابة نحو 2.3 مليون طفل تحت سن الخامسة بسوء التغذية.
تنتهي مرحلة الطفولة باليمن في عمر مبكر أكثر فأكثر. إذ إن متوسط سن الزواج للفتيات في بعض المناطق الريفية يصل إلى 14 عاماً، وكان هذا الرقم قائماً حتى قبل انطلاق الصراع؛ بل إنه انخفض منذ ذلك الحين. وفي المقابل يُجنَّد الصبية في عمر الحادية عشرة ليقاتلوا مع الأطراف المتحاربة، على جميع جوانب الصراع المعقد.
غالبية الأطفال الذين يحصلون على التعليم الأساسي والدروس الحسابية الأساسية، نزحوا بالفعل من مناطق أخرى؛ لأن العائلات تحاول الفرار من القتال.
قصف طال المدارس
تقول منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، إن أطراف الحرب هاجمت المدارس ما لا يقل عن 231 مرة منذ مارس/آذار 2015، عندما تدخَّل التحالف الذي تقوده السعودية.
وفي عام 2018، أسقطت غارة جوية تابعة للتحالف صاروخاً أمريكي الصنع على حافلة مدرسية في بمحافظة صعدة، معقل الحوثيين، مما تسبب في مقتل 44 من طلاب المدارس.
يقول زياد: "الطلبة لا يشعرون بالأمان في أثناء تلقي الدروس. ولا يستطيعون تحمُّل مستلزمات الدراسة. المدارس مدمرة، والمنازل مدمرة… تمر السنوات، ولاتزال فرص حصولهم على أي تعليم ملائم معدومة".
تجدر الإشارة إلى أن الموظفين الحكوميين في بعض المناطق لم يحصلوا على أجور منذ سنوات عديدة، مما يعني أن عديداً من الموظفين والأطباء يواصلون فعلياً عملهم مجاناً.
وبينما يملك اليمن نحو 170 ألف معلم موزَّعين بين المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية، لم يحصل ثلثا هؤلاء على رواتبهم بصفة منتظمة.
ويأمل زياد، الذي يعيش بمدينة الحديدة، أن يساعد عمله بالتصوير في نشر مأساة اليمن. إذ ينتابه القلق باستمرار من المستقبل الذي ينتظر ابنه البالغ من العمر عامين.
يقول: "إذا استمرت الحرب، فلا أعتقد أن طفلي أو بقية الأطفال في الحديدة سيقدرون على الحصول على مستقبل أفضل. يجب أن تنتهي الحرب".