انهيار وشيك لنظام الصحة في لبنان! كورونا يزيد أعباء المشافي، وغلاء الأدوية يحرم المواطنين من العلاج

عربي بوست
تم النشر: 2021/12/20 الساعة 07:07 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/12/20 الساعة 07:07 بتوقيت غرينتش
أزمة صحية في لبنان بسبب كورونا/رويترز

بعدما أطاحت الأزمة الاقتصادية بقدرة اللبنانيين على تلقي الرعاية الصحية المناسبة، ثمة خطر آخر ينذر بكارثة أكبر، يتمثل بعودة تفشي وباء كورونا في ظل تخوف من عجز المستشفيات عن استيعاب أعداد الإصابات.

إذ أفادت بيانات وزارة الصحة بأن أعداد الإصابات بوباء كورونا في ارتفاع مطّرد منذ أيام، وسجل مؤخراً حوالي 2000 إصابة يومياً، في حين أن العدد اليومي كان انخفض إلى أقل من 100 خلال يونيو/حزيران الماضي.

وبين تداعيات الانهيار المالي من جهة والموجة الجديدة من تفشي كورونا من جهة أخرى، بات النظام الصحي في لبنان يترنح ومعرّضاً للانهيار بسبب ضعف التجهيزات وتراجع أعداد الكادر التمريضي.

رئيس لجنة الصحة البرلمانية عاصم عراجي قال إن التدهور المستمر يدفع ثمنه المواطنون ويعرض حياتهم للخطر، محذراً من مخاطر موجة جديدة من تفشي كورونا في البلاد.

عجز مالي ونقص بالممرضين

ولفت عراجي إلى أن الانهيار المالي كان له تأثير كبير نظراً إلى أن لبنان يستورد 90% من الأدوية والمستلزمات الطبية، ولا تشكل الصناعة الوطنية سوى 10% فقط من تلك الحاجات.

هذا الأمر انعكس ارتفاعاً كبيراً في كلفة الطبابة، في ظل صعوبات مالية حادة تعانيها مؤسسات التغطية الصحية التابعة للحكومة إثر هبوط قيمة العملة المحلية، ما تسبب بانهيار موازنات تلك المؤسسات.

وإثر الأزمة الاقتصادية الحادة التي تعيشها البلاد، تدهور سعر صرف الليرة مقابل الدولار على نحو غير مسبوق خلال سنتين، إذ لامس مؤخراً عتبة الـ29 ألف ليرة في السوق الموازية، بينما ما زال سعر الصرف الرسمي يبلغ 1510 ليرة.

وما زاد معاناة هذا القطاع، النقص في عدد الممرضين والممرضات بعد عزوف نحو 2000 منهم عن تلك المهنة خلال العامين المنصرمين، إما بسبب الهجرة إلى الخارج أو الانتقال إلى قطاعات أخرى، وفق عراجي.

موجة كورونا جديدة تهدد النظام الصحي

وفي ظل كل تلك الصعوبات، فإن التخوف الأكبر اليوم يكمن في دخول البلاد موجة جديدة من تفشي وباء كورونا، فيما تعجز المستشفيات عن رفع جهوزيتها استعداداً للموجة الجديدة.

ويبلغ عدد الأَسرّة المخصصة لمرضى كورونا 913 في كل مستشفيات لبنان، إذ يشكل هذا العدد 40% من الذي كان متوافراً قبل نحو عام وهو 2500 سرير، ما يعكس ضعف الجهوزية الصحية.

لبنان كورونا القطاع الصحي
احتجاجات لبنان في تشرين/أكتوبر 2019/ رويترز

فيما حذر عراجي من أن نسبة الإشغال في عدد الأسرة المتوافر تبلغ نحو 75%، وهي نسبة مرتفعة وتدعو إلى القلق، في ظل تزايد عدد الإصابات بالفيروس وعدم التقيد بالإجراءات الوقائية من غالبية المواطنين.

وتشكو مستشفيات من صعوبات مالية تحول دون تجهيز غرف مخصصة لمرضى كورونا، وتقول إن كلفة علاج المريض الواحد يومياً تتراوح بين 8 و10 ملايين ليرة، وهو مبلغ يعجز كثير من المرضى عن تأمينه.

وفي ظل أوضاع اقتصادية ومعيشية صعبة جداً، استبعد عراجي فرض إقفال عام في البلاد، مشيراً إلى أن الخيار المتاح حالياً هو تشديد الإجراءات خلال فترة أعياد الميلاد، وتشجيع المواطنين على تلقي اللقاح.

وحتى اليوم، بلغت نسبة الملقحين في لبنان بجرعة واحدة 39%، و34% بجرعتين، و10% بثلاث جرعات، وفق بيانات وزارة الصحة.

مرضى من دون علاج

ليست كورونا وحدها الخطر الذي يحدق باللبنانيين، بل إن غلاء الأدوية وكلفة الاستشفاء يحرمان قسماً كبيراً منهم من تلقي الرعاية الصحية المناسبة، ما يهدد حياة كثيرين من المرضى، وفق عراجي.

ولفت إلى أن ذلك جعل العديد من المرضى يترددون في اللجوء إلى المستشفى بسبب عدم قدرتهم على دفع تكاليف العلاج، وعليه فإن تأخير دخول المستشفى يسبب تدهوراً في صحتهم ويهدد حياتهم.

كما الاستشفاء كذلك الأدوية، فإن غلاءها يجعلها بعيدة عن متناول فقراء البلد، الذين يشكلون 74% من مجمل السكان، وفق دراسة للأمم المتحدة، وقال عراجي إن الكثير من المواطنين لا يتناولون أدويتهم الضرورية، ومنهم من يضطر إلى تقليل عدد الجرعات، خصوصاً من يعانون أمراضاً مزمنة ويحتاجون أدوية يومية دائمة، كمرضى ضغط الدم والسكري والكوليسترول وغيرها، محذراً من تداعيات خطرة لهذا الواقع على حياة أعداد كبيرة من المواطنين، مشيراً إلى أنه "إذا لم يتلق لبنان مساعدات من الخارج ودعماً مالياً، فإننا نتجه نحو الكارثة"، وفق تعبيره.

ومنذ عامين، يعاني لبنان أزمة اقتصادية حادة، صنفها البنك الدولي واحدة من بين 3 أشد أزمات اقتصادية عرفها العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر، وتسببت بانهيار مالي ومعيشي وارتفاع بمعدلات الفقر والبطالة.

تحميل المزيد