شنّ مستوطنون إسرائيليون، الجمعة 17 ديسمبر/كانون الأول 2021، سلسلة هجمات، استخدموا في بعضها الأسلحة النارية، على قرى فلسطينية بمحيط مدينة نابلس، شمالي الضفة الغربية المحتلة، الأمر الذي أدى لوقوع العديد من الإصابات والخسائر في الممتلكات.
إذ قال جهاد صلاح، رئيس مجلس محلي قرية بُرقة شمال غرب نابلس، إن عشرات المستوطنين هاجموا القرية وأطلقوا النار على منازل الفلسطينيين.
صلاح أضاف: "المستوطنون أحرقوا أيضاً بركسا (منشأة من الصفيح) لأحد المواطنين في القرية، ورشقوا المنازل بالحجارة وكسروا زجاج نوافذها".
فيما لفت إلى أن العشرات من السكان الفلسطينيين تصدوا لهجوم المستوطنين في المدخل الغربي للبلدة، واحتشدوا هناك بالتزامن مع وصول جيش الاحتلال، الذي استخدم قنابل الغاز المسيل للدموع، وتسبب بإصابة بعض السكان الفلسطينيين بالاختناق.
من جهتها، قالت وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية "وفا" إن مستوطنين هاجموا بلدة "سَبَسْطية" شمال نابلس، وحطموا عدداً من المركبات الفلسطينية وورشة لتصليح السيارات قرب مدخل البلدة.
كما هاجم مستوطنون إسرائيليون، فجر الجمعة، منزلاً فلسطينياً في بلدة "قَريوت" جنوبي مدينة نابلس، وأصابوا صاحبه بجراح.
حيث أكدت الفلسطينية سميحة غفري أن مستوطنين هاجموا منزلها قرابة الساعة الثالثة فجراً (بالتوقيت المحلي) واعتدوا على زوجها وائل مقبل (65 عاماً) وأصابوه بثلاثة كسور في أضلاع الصدر، ورضوض في الوجه والرأس، نُقل على إثرها إلى مستشفى رفيديا بمدينة نابلس.
في حين لفتت غفري إلى أن المستوطنين المهاجمين، وعددهم ما بين 15 و20، اقتحموا المنزل الذي تعيشه فيه مع زوجها وحطموا محتوياته فبدأت بالصراخ، حتى وصل جيرانها وفر المستوطنون من المكان.
بدوره، قال مسؤول ملف الاستيطان شمال الضفة الغربية، غسان دغلس، إن المستوطنين مارسوا سياسة إجرام في "قَريوت"، حيث هاجموا المنازل واعتدوا على المواطنين ما أدى إلى وقوع إصابات نقلت للمشافي.
كذلك أوضح أن "المستوطنين حاولوا خطف المواطن وائل مقبل إلا أن تصدي الأهالي لهم حال دون ذلك"، محذراً من تصاعد هجمات المستوطنين واستهداف المنازل والقرى خاصة المحاذية للمستوطنات.
تصريحات بينيت
تأتي هجمات المستوطنين الجديدة في أعقاب التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، والتي قالها يوم الثلاثاء 14 ديسمبر/كانون الأول، دفاعاً عنهم وتأييداً لممارستهم "العدوانية".
جاء ذلك في تغريدة لبينيت، وهو زعيم سابق لحركة الاستيطان الرئيسية في الضفة الغربية، انتقد فيها استخدام وزير الأمن الداخلي "عومر بارليف" مصطلح "عنف المستوطنين".
حيث زعم بينيت أن المستوطنين في الضفة الغربية يعانون من "العنف والإرهاب يومياً لعشرات السنين"، متابعاً: "المستوطنون هم الدرع الواقية لنا جميعاً، ويتعين علينا تقويتهم ودعمهم بالقول والفعل، ومن الخطأ تعميم وصمهم جميعاً بممارسة العنف ضد الفلسطينيين".
كان وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي بارليف (حزب العمل/7 مقاعد) قد أثار مؤخراً ضجة واسعة داخل أحزاب اليمين اليهودي في الحكومة والمعارضة، عقب نشره لتغريدة قال فيها: "التقيت بمساعدة وزير الخارجية الأمريكية السيدة فيكتوريا نولاند، حيث كانت مهتمة من بين أمور أخرى، بعنف المستوطنين وكيفية الحد من التوترات في المنطقة وتقوية السلطة الفلسطينية".
تصاعد حوادث عنف المستوطنين
في غضون ذلك، حضر المئات من الإسرائيليين، الجمعة، جنازة مستوطن يدعى يهودا ديمينتمان قُتل مساء الخميس، إثر إطلاق نار من مركبة مسرعة، قرب بؤرة "حومش" الاستيطانية شماليّ الضفة.
فيما نقلت حافلات مصفحة المعزين إلى "حومش" لحضور مراسم الجنازة التي دعا فيها البعض إلى إعادة إنشاء المستوطنة بالكامل. ولم يتم إحضار جثمان ديمينتمان إلى الموقع ومن المقرر دفنه في القدس في وقت لاحق من يوم الجمعة.
كما أرسل بينيت "تعازيه الحارة" لأسرة ديمينتمان. وقال على تويتر: "قوات الأمن ستضع أيديها قريباً على الإرهابيين وسنضمن تحقيق العدالة".
من جهتها، رصدت منظمة "السلام الآن" الحقوقية الإسرائيلية، في تقرير نشرته، الأربعاء، "ارتفاعاً ملحوظاً في عنف المستوطنين الإسرائيليين ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم".
وأشارت في هذا الصدد إلى أن عدد حوادث عنف المستوطنين في عام 2020، وفي النصف الأول من عام 2021، كانت أعلى بمرتين مما كانت عليه في عام 2019.
خلال الشهر الماضي، وثّق مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي المحتلة، التابع للأمم المتحدة، منذ بداية العام الجاري، 427 حادثاً (اعتداء) تتعلق بالمستوطنين بالضفة بما فيها القدس، بينها 312 حادثاً أدت إلى وقوع أضرار بالممتلكات، و115 حادثاً أدت إلى وقوع إصابات بين الفلسطينيين.
في حين تشير بيانات "السلام الآن" إلى وجود نحو 666 ألف مستوطن و145 مستوطنة كبيرة و140 بؤرة استيطانية عشوائية بالضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية.