قتل واختطاف واستهداف للأطفال.. موقع بريطاني يكشف عن الأهوال التي ارتكبتها الهند ضد سكان كشمير (صور)

عربي بوست
تم النشر: 2021/12/17 الساعة 17:22 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/12/17 الساعة 17:24 بتوقيت غرينتش
نساء كشمير/ رويترز

كشف تقرير لموقع Middle East Eye البريطاني، الجمعة 17 ديسمبر/كانون الأول 2021، عن جانب من الأهوال التي ارتكبتها الهند ضد المدنيين في كشمير، كالاختفاء، وقتل المئات، والكثير من الجرحى، والعمى بسبب طلقات الخرطوش، علاوة على الرقابة المستمرة والوجود العسكري القمعي والخطير والدائم. 

فقد زادت الأوضاع سوءاً بسبب قرار رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، في عام 2019، إلغاء كلِّ المادة 370 تقريباً من الدستور الهندي، والتي وضعت أساس العلاقة الحسَّاسة لكشمير مع الهند على مدار سبعة عقود، وبسبب هذه الخطوة المثيرة للجدل، أُزيلَ الحكم الذاتي المحدود الممنوح لكشمير، التي تسيطر عليها الهند، وضمن ذلك عَلمها وحرية تمرير القوانين الخاصة بها. 

مع ذلك، فإن الهجمات التي تشنُّها القوات الهندية على الكشميريين في الشطر الخاضع للسيطرة الباكستانية لم يُبلَغ عنها. وحتى الوقت الذي أُعلِنَ فيه وقف إطلاق النار في فبراير/شباط الماضي، يقول القرويون إنهم عاشوا في خوفٍ دائمٍ من التعرُّض للقصف أو إطلاق النار من مواقع هندية. وقالت مصادر عسكرية باكستانية لموقع Middle East Eye البريطاني، إن 67 مدنياً قد قُتِلوا على الجانب الباكستاني من خطِّ السيطرة -الحدود الفاصلة بين جزء كشمير الذي تسيطر عليه الهند، وذلك الذي تسيطر عليه باكستان- في السنوات الخمس الماضية، بينما أُصيبَ 398 مدنياً. 

عند الاتصال بالجيش الهندي من أجل التعليق، لم يردَّ بشكلٍ مباشرٍ على هذه الأرقام، لكنه قال إن القوات الباكستانية تسبَّبَت في سقوط عشرات المدنيين على الجانب الهندي من الخط في السنوات الأخيرة، إذ سقط 22 قتيلاً و71 مُصاباً بإصاباتٍ خطيرة في عام 2020. 

سافَرَ ديفيد هيرست، رئيس تحرير موقع Middle East Eye، والصحفي بيتر أوبورن، إلى خط السيطرة مع الجيش الباكستاني، إذ استقلَّا مركباتٍ مدنية؛ لتجنُّب جذب الانتباه من المواقع العسكرية الهندية في التلال، وهناك تحدَّثا إلى العديد من ضحايا القصف الهندي، وسمعا قصصهم المروِّعة. 

إصاباتٌ وعمليات بتر 

خَرَجَ عمر أجيد، الطالب بالمدرسة والبالغ من العمر 13 عاماً، من باب منزله لجلب الكتب المدرسية من الفناء. أصابته رصاصةٌ في رقبته. 

كان المزارع نظيم خان (55 عاماً)، نائماً في حديقته عندما أصابته رصاصةٌ في فخذه. وكان عبد العزيز (62 عاماً)، نائماً أيضاً في حديقته عندما أُصيبَ بشظايا متعدِّدة من انفجار قذيفة هاون تسبَّبَت في إعاقةٍ دائمةٍ له. 

فيما أُصيبَ المزارع محمد صادق (45 عاماً)، بعيارٍ ناري هندي في أثناء رعي الماشية، وكان الشاب  "دارامصال" يقطع الحطب عندما أصابته رصاصةٌ هندية في الكتف اليمني، وكان ياسرا ياسا، البالغ من العمر 9 أعوام، يلعب مع أصدقائه حين انفجرت قذيفة هاون هندية، وبُتِرَت ساقه من جرَّاء الإصابة. 

Victims of the shooting and shelling formed a circle outside the offices of the Pakistan brigade headquarters in Battal (Photo: Huthifa Fayyad/MEE)

كذلك، أُصيبَ نور أحمد دين (67 عاماً)، ويعمل حفَّار قبور، بشظيةٍ من قذيفة هاون، والشخص الذي كان يحفر قبره لقي حتفه بالأساس متأثِّراً بجراحه من رصاصةٍ هندية. 

فَقَدَ قيصر سلرام إحدى ساقيه عندما داس على لغمٍ مضاد للأفراد أسفل الجبال. لقد كان لاعب كريكت رائعاً من قبل، وهو الآن يصرُّ على الاستمرار في اللعب، قائلاً: "مازلتُ رجل مضربٍ جيِّداً". 

لم يرتكب أيٌّ من الأشخاص الذين تحدَّث إليهم هيرست وأوبورن أيَّ خطأ. كانت جريمتهم الوحيدة هي العيش بالقرب من خط السيطرة، الذي وصفه الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، بأنه "أخطر مكانٍ في العالم اليوم". وكان يشير إلى خطر أن تؤدِّي التوتُّرات إلى حربٍ بين القوَّتين النوويَّتين، وهو خطرٌ يظلُّ قائماً حتى يومنا هذا. 

مخابئ في التلال 

في الجزء الذي زاره هيرست وأوبورن من خطِّ السيطرة، تحتلُّ المخابئ الهندية قمة التلال فوق قمة شاهمانغ، كانت مخابئ الجيش الباكستاني على بُعدِ أمتارٍ قليلة من التلال التالية، وعلى حدِّ تعبير العميد في الجيش الباكستاني الذي رافق الصحفيين، كان الجيشان المتقابلان "عيناً بعينٍ"، في مواجهةٍ مباشرة، بهذه الجبال. 

كانت القرية نفسها على بُعدِ 2.5 كيلومتر، يساعد فهم التضاريس في تفسير سبب العجز عن إنقاذ المدنيين، ولم يبرز أيُّ سببٍ عسكري يجعل الجنود الهنود يوجِّهون أسلحتهم من أعالي الجبال نحو القرويين، وليس نحو الجنود الباكستانيين على التلال القريبة. 

Shahmang village is located 2.5 km away from the Line of Control (Photo by: Huthifa Fayyad)

نفى الجيش الهندي استهداف المدنيين، مشيراً إلى أن الجنود "ملتزمون بمكافحة الإرهاب ومنع محاولات التسلُّل من قِبَلِ الإرهابيين من جامو وكشمير، وممارسة أقصى درجات ضبط النفس دائماً؛ للحفاظ على السلام". 

فيما زعم الجيش الهندي كذلك أن القوات الباكستانية "لجأت بشكلٍ متكرِّرٍ إلى استخدام مواقع الهاون من نقاط تمركز قريبة من القرى، ونقلت أيضاً أسلحتها إلى مناطق مسكونة؛ لإطلاق النار على مواقع الجيش الهندي، ومن ثم تعريض حياة المدنيين والأبرياء للخطر". 

لكن وفقاً لمصادر باكستانية رسمية، فإن باكستان "تحترم دائماً حرمة خط السيطرة، ولم تطلق النار على هذا الخط قط، ولا ترد على الانتهاكات الهندية غير المُبرَّرة لوقف إطلاق النار". 

أضافت المصادر: "القوات الباكستانية تستهدف فقط المواقع العسكرية الهندية رداً على الانتهاكات الهندية لوقف إطلاق النار، ولا تستهدف أبداً السكَّان المدنيين، إذ إن ذلك مخالفٌ لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، وثانياً لأن الكشميريين هم الذين يعيشون على جانبَي خط السيطرة". 

المصادر ذاتها أكدت أنه "منذ وصول حكومة حزب بهاراتيا جاناتا إلى السلطة في الهند، صارت هناك زيادةٌ غير مسبوقة في الانتهاكات غير المُبرَّرة لوقف إطلاق النار. فمن إجمالي 13.627 انتهاكاً لوقف إطلاق النار منذ عام 2003، ارتُكِبَ 12.312 انتهاكاً من قِبَلِ الجيش الهندي على طول خط السيطرة، في ظلِّ نظام حزب بهاراتيا جاناتا منذ عام 2014". 

بينما كان وقف إطلاق النار سارياً منذ شهور، ظلَّت التوتُّرات عالية خلال زيارة هيرست وأوبورن في أكتوبر/تشرين الأول، بعد مقتل خمسة جنود هنود على الجانب الهندي من خط السيطرة، على يد متمرِّدين كشميريين. وكثيراً ما تتهم الهند باكستان بدعم المتمرِّدين الذين يقفون وراء مثل هذه الهجمات. 

هناك عشرات القرى الباكستانية على طول خط السيطرة. وقال العديد من القرويين الباكستانيين إنهم يعتقدون أن هدف الجيش الهندي هو إجبارهم على المغادرة وإقامة منطقة خالية من المدنيين، على غرار تلك الموجودة على الجانب الهندي. 

ما وراء الجانب الهندي من السياج، هناك عدة كيلومترات تسري عليها تدابير "منع التسلُّل"، بما يتضمَّن ذلك من أسوارٍ إلكترونية وكاميرات وألغام مضادة للأفراد ورادارات وأجهزة استشعار تحت الأرض ومعدَّات رؤية ليلية. 

إصاباتٌ بسبب قذائف الهاون 

في قرية شاهمانغ، شوَّهَت شظايا قذائف الهاون البنايات، وأخبرنا شهود عيان بأن البنادق وقذائف الهاون الهندية قصفت المباني المحلية والماشية والمحاصيل، وهناك جزءٌ من مدرسةٍ ثانوية حكومية قريبة لايزال في حالة خراب بعد تعرُّضه لضربةٍ مباشرة قبل أربع سنوات. 


 In the village of Shahmang, buildings were scarred by mortar splinters (Photo: Huthifa Fayyad/MEE)

وقعت الضربة في الساعة الـ9:30 صباحاً، "لكن لم تكن هناك دروسٌ بالمدرسة في ذلك الوقت، أو ربما كانت مذبحةٌ قد وقعت إذا كان هناك تلاميذ في المدرسة. أخبرتنا المعلِّمة حنان جول زاهد بأن (القوات الهندية تستهدف القرية، وتستهدف ماشيتنا في الحقول)". وقالت: "إنهم يريدون استهدافنا حتى نغادر أماكننا"، لكنها أضافت: "هذا هو وطننا، ولا نريد المغادرة". 

من جانبها، قالت إحدى الطالبات، وتُدعَى تويوبا يوسف، إنها كانت تسير عائدةً من المدرسة إلى منزلها عندما انفجرت قذيفة هاون في مكانٍ قريب، مِمَّا أفقدها الوعي. ومن المكان الذي سقطت فيه القذيفة، شوهِدَ أقرب موقعٍ عسكري هندي وباكستاني. كان الموقع الهندي، على تلٍ قريب، على بُعدِ 800 متر تقريباً، وفي الأسفل يمكن رؤية مخبأٍ باكستاني. 

أطلقت القوات الهندية والباكستانية النار بانتظام على بعضها في السنوات الأخيرة، لكن الهجمات على القرية أدنى هذا الموقع لم تكن عرضية، فمن الواضح أنها استُهدِفَت علناً. 

ليست هذه الهجمات في اتجاهٍ واحد، وتقول الهند إنها أغلقت المدارس وسحبت السكَّان من مناطق من جانبها بسبب القصف الباكستاني، ولحسن الحظ، لم تقع أيُّ هجماتٍ منذ اتفاق وقف إطلاق النار بين البلدين في فبراير/شباط الماضي.

تحميل المزيد