تظاهر تونسيون، الجمعة 17 ديسمبر/كانون الأول 2021، وسط العاصمة تونس، رفضاً لقرارات الرئيس قيس سعيّد الأخيرة، فيما نظم آخرون وقفة بمنطقة قريبة مؤيدة للقرارات، وسط إجراءات أمنية مشددة.
إذ احتشد مئات المعارضين لقرارات سعيّد الأخيرة في شارع "الحبيب بورقيبة"، بدعوة من تجمع "مواطنون ضد الانقلاب" (يضم شخصيات مستقلة)، وبعض الأحزاب التي تؤكد رفضها لما سمّته "الحكم الفردي" في البلاد.
في المقابل، نظم عشرات من مؤيدي الرئيس التونسي وقفة مساندة لقراراته أمام "المسرح البلدي" في الشارع ذاته.
بينما أقامت قوات الأمن حواجز أمنية مشددة في معظم مساحات الشارع.
من المنتظر أن تشهد تونس المزيد من الاحتجاجات في وقت لاحق من يوم الجمعة، إحياءً لذكرى انطلاق الثورة التي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي.
"الحكم الاستبدادي الفردي"
في غضون ذلك، أعلنت كتلة حركة النهضة التونسية بالبرلمان المجمدة اختصاصاته، رفضها تجميع رئيس البلاد قيس سعيّد للسلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، واصفة المسارات التي ينتهجها الأخير بـ"الخطيرة".
جاء ذلك في بيان صدر، مساء الخميس، عن الكتلة البرلمانية لحركة النهضة (الكتلة الأولى بـ53 مقعداً من أصل 217)، إثر اجتماعها لتدارس آخر المستجدّات التونسية.
في حين اعتبرت الكتلة أن "القرارات الأخيرة التي جاءت في آخر خطاب للرئيس سعيّد تعد إلغاءً فعلياً لدستور البلاد ونزوعاً بيّناً نحو الحكم الاستبدادي الفردي المطلق وانقلاباً مُكتمل الأركان على الشرعية الدستورية وعلى المسار الديمقراطي واغتصاباً لكلّ السلطات عبر توظيف أجهزة الدولة".
كما اعتبرت كتلة النهضة أن ما يعبّر عنه "بالاستفتاء الإلكتروني" هو "محاولة للمغالبة والنّزوع نحو الإقصاء عبر إلغاء مختلف الوسائط السياسية والمدنيّة، فهو غير قابل للتطبيق على أرض الواقع بل هو مُحاولة للهروب إلى الأمام والزيغ بالمسار والانحراف به عن الأولويّات الحقيقيّة للتونسيين".
قرارات قيس سعيّد
كان قيس سعيّد قد أعلن في خطاب الإثنين 13 ديسمبر/كانون الأول، استمرار تجميد اختصاصات البرلمان لحين تنظيم انتخابات مبكرة في 17 ديسمبر/كانون الأول 2022.
فيما قال الرئيس التونسي إنه سيتم "عرض مشاريع الإصلاحات الدستورية وغيرها يوم 25 يوليو/تموز (تاريخ إعلان الجمهورية)، وإصلاحات أخرى تهم تنظيم الانتخابات دون تدخل من أي جهة كانت وبعيداً عن القوانين السابقة".
كما شدّد على أنه ستتم "محاكمة كل من أجرم في حق الدولة التّونسية وشعبها، وعلى القضاء أن يقوم بوظيفته في إطار الحياد التام".
رداً على ذلك، أعلنت قوى سياسية واجتماعية بارزة في تونس رفضها لقرارات سعيّد، معتبرة إياها "انفراداً بالرأي وتكريساً لسلطة الفرد الواحد"، فيما أيدتها قوى أخرى، رأت فيها تعبيراً عن تطلعات الشعب التونسي.
يُشار إلى أنه منذ 25 يوليو/تموز الماضي، تشهد تونس أزمة سياسية، إثر اتخاذ الرئيس إجراءات استثنائية منها: تجميد اختصاصات البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه، وإلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي، وتعيين حكومة أخرى.
وفي الوقت الذي ترفض فيه غالبية القوى السياسية في تونس تلك الإجراءات الاستثنائية، وتعتبرها "انقلاباً على الدستور"، تؤيد قوى أخرى تلك الإجراءات وترى فيها "تصحيحاً لمسار ثورة 2011″، في ظل أزمات سياسية واقتصادية وصحية (جائحة كورونا).
بدوره، يقول سعيّد، الذي بدأ في 2019 ولاية رئاسية من 5 سنوات، إنه اتخذ تدابير في إطار الدستور لحماية الدولة من "خطر داهم"، مشدداً على أنه "لن يتم المساس بالحقوق".