كشفت صحيفة The Times البريطانية، الأربعاء 15 ديسمبر/كانون الأول 2021، أن معظم العاملين في ورش في بلدات سهل البقاع بلبنان أصبحوا من الأطفال في وقت يعيش فيه لبنان انهياراً اقتصادياً ومجتمعياً.
ومن هؤلاء، خليل، البالغ من العمر 11 عاماً، وشقيقه عباس البالغ من العمر 13 عاماً، وهما أصلاً من سوريا، ويعملان ستة أيام في الأسبوع في صف من ورش السيارات على بعد ساعة من الخيمة التي يقيمان فيها مع عائلتهما منذ تسع سنوات.
وفي ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تعيشها البلاد، لم يعد مستغرباً أن اللبنانيين أنفسهم وليس اللاجئين السوريين وحدهم، بدأوا في إرسال أطفالهم للعمل في وظائف مدفوعة الأجر.
وقد تضاعف عدد الأطفال العاملين في 18 شهراً إلى حوالي واحد من كل عشرة، وفقاً لمسح أجرته مؤخراً جمعية حماية اللبنانية التي شاركت في حملة دعائية لم تصل إلى حد المطالبة بوضع حد لهذه العادة، معترفة بأنها شريان حياة لكثير من الآباء.
وتقول الأمم المتحدة إن غالبية العاملين في سهل البقاع، موطن الزراعة الرئيسي في لبنان وموقع معظم المخيمات غير الرسمية للاجئين السوريين، من الأطفال.
والأطفال العاملون في الزراعة يكسبون نصف دولار في اليوم، والتكلفة المنخفضة لعمالة الأطفال هي بالتأكيد عامل جذب لأصحاب العمل وحتى الميكانيكيون المتدربون يكسبون 40 ألف ليرة لبنانية أسبوعياً، أي أقل من دولارين بسعر الصرف الحالي.
حسين حبيب، وهو صاحب ورشة، قال إن اللبنانيين لا يريدون أن تتسخ أيديهم "ولذلك أوظف السوريين"، وأضاف أنه من الأفضل عدم تشغيل الأطفال. وسيتفق جميع اللبنانيين -من حيث المبدأ- مع ذلك، لكن القانون، الذي يفرض على البالغين السوريين، حتى اللاجئين، الحصول على تصاريح إقامة باهظة الثمن وصعبة المنال للعمل يشجع على تشغيل الأطفال.
وقد أدت الجائحة إلى إغلاق المدارس لأكثر من عام، ورغم توفير التعليم المنزلي للعديد من اللبنانيين، فمن الصعب أن يحصل عليه اللاجئون الذين لا يملكون حواسيب محمولة، ويسكنون الخيام.
ويعيش حوالي 80% من اللبنانيين، ونسبة أعلى من السوريين، في فقر، وفقاً لتعريفات البنك الدولي. وتقول الأمم المتحدة إن 77% من العائلات قالت إنه "ليس لديهم ما يكفي من الطعام أو المال لشراء الطعام".
وجزء صغير من المجتمع -طبقة النخبة ومن لديهم أقارب يعملون في الخارج- هو من يتمكن من الحصول على العملة الصعبة. ومع انهيار الليرة اللبنانية، أصبحت ورقة من فئة عشرة دولارات -وهي أجر أسبوع لشخص بالغ- ثروة.
لكن وجه طفلة بريء بإمكانه أن يكسب في خمس دقائق أمام مقهى فاخر في بيروت أو ثاني مدن لبنان طرابلس أكثر مما يكسبه والدها من قيادة سيارة أجرة طوال اليوم. إذ تكسب يُسرا، التي تعيش في طرابلس وتبلغ من العمر تسعة أعوام، ولديها عامان من الخبرة في بيع المناديل الورقية والعلك في الشارع إلى جانب شقيقتها سيدرا البالغة من العمر ثماني سنوات، 80 ألف ليرة لبنانية في اليوم. وهذا ثلاثة أضعاف ما قد يكسبه والدهما حسان جعبان في وظيفة بأجر زهيد.
لكن الثمن هو تعرضهما للعنف من حين لآخر؛ الضرب والركل والبصق من مواطنين لم يتقبلوا دخول مليون لاجئ سوري إلى البلاد. تقول يسرا: "الناس يسبّونني بألفاظ بذيئة".
تقول جمعية حماية اللبنانية إن جيلاً كاملاً تضيع طفولته. وتقول يسرا: "لا أريد سوى أن أحيا حياة طبيعية". ولكن ما من دلائل تشير إلى أنها ستُمنح هذه الحياة.
ويشار إلى أن الحد الأدنى للأجور يبلغ 675 ألف ليرة للفرد أو ما يعادل 24 دولاراً تقريباً ومنذ عامين، يعاني اللبنانيون أزمة اقتصادية غير مسبوقة أدت إلى انهيار قياسي في قيمة العملة المحلية مقابل الدولار، فضلاً عن شح في الوقود والأدوية، وانهيار قدرتهم الشرائية.