طلب الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، من نظيره الأمريكي، جو بايدن، الثلاثاء 7 ديسمبر/كانون الأول 2021، ضمانات بعدم توسّع حلف شمال الأطلسي(ناتو)، شرقاً في حين حذر بايدن، بوتين من أن روسيا ستتعرض لعقوبات اقتصادية شديدة في حال شنت موسكو هجوماً عسكرياً على أوكرانيا.
الكرملين الروسي أصدر بياناً حول الاجتماع المرئي الذي جرى بين الطرفين؛ لبحث الأزمة على الحدود الروسية الأوكرانية، على مدار ساعتين، وأشار البيان إلى أن الاجتماع كان "مفتوحاً" و"موجهاً نحو الأعمال"، وأضاف أن الزعيمين ناقشا تنفيذ نتائج القمة التي عقدت في جنيف في 16 يونيو/حزيران الماضي".
وشدد البيان على "أهمية التنفيذ المتسق للاتفاقيات التي تم التوصل إليها على مستوى عالٍ والحفاظ على روح جنيف في تقييم القضايا المتعلقة بالعلاقات بين روسيا والولايات المتحدة وغيرها من المشاكل الناشئة".
وهذا هو الاجتماع الأول بين الرئيسين منذ اجتماعهما الشخصي بجنيف في يونيو/حزيران من هذا العام.
من جانبه حذر بايدن، بوتين من أنه قد يواجه عقوبات اقتصادية صارمة إضافة إلى تعطيل خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2 إلى أوروبا، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة وحلفاء أوروبيين سيزودون أوكرانيا بقدرات دفاعية إضافية.
إذ قال البيت الأبيض في بيان إن الرئيس "أوضح أن الولايات المتحدة وحلفاءنا سيردون بإجراءات اقتصادية وتدابير أخرى قوية في حال حدوث تصعيد عسكري".
وعقب المحادثات، قال مستشار الأمن القومي الأمريكي جاك سوليفان للصحفيين: "الأشياء التي لم نفعلها في عام 2014 مستعدون أن نفعلها الآن"، مشيراً إلى قيام روسيا بضم شبه جزيرة القرم من أوكرانيا، وأضاف سوليفان أنه في حالة وقوع هجوم، فإن الولايات المتحدة ستتطلع إلى الرد بإيجابية إذا طلب الحلفاء في منطقة البلطيق "قدرات" أمريكية إضافية أو "انتشاراً (للقوات)".
فيما قال أحد المسؤولين إن الولايات المتحدة قد تستهدف أيضاً أكبر البنوك الروسية وقدرة موسكو على تحويل العملة الروسية (الروبل) إلى دولارات وعملات أخرى، وأضاف أنه "كان هناك الكثير من الأخذ والرد، ولم تكن هناك تهديدات، لكن الرئيس (بايدن) كان واضحاً بجلاء في تحديد أين تقف الولايات المتحدة من جميع هذه المسائل".
من جهته نفى الكرملين وجود أي نية لمهاجمة أوكرانيا، وقال إن حشد قواته إجراء دفاعي، لكن الدول المجاورة عبرت عن قلقها، وأضاف الكرملين أن بوتين أبلغ بايدن بأن من الخطأ إلقاء المسؤولية الكاملة عن التوترات الحالية على عاتق روسيا.
وفي عام 2014 ركزت واشنطن بشكل أساسي على المساعدات الدفاعية غير الفتاكة بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم خشية تفاقم الأزمة.
وعبرت موسكو عن استياء متزايد من المساعدات العسكرية الغربية لأوكرانيا التي كانت جمهورية سوفيتية في السابق مثل روسيا، لكنها اتجهت غرباً منذ أطاحت انتفاضة شعبية برئيسها الموالي لموسكو في 2014، وما تصفه بأنه زحف حلف شمال الأطلسي التوسعي.
وسبق أن حذرت الولايات المتحدة من فرض عقوبات شديدة على روسيا في حال أقدمت على غزو أوكرانيا بعد حشدها عشرات الألوف من قواتها على حدود الأخيرة، ويذكر أن الدول الغربية وأوكرانيا قد وجهت اتهامات إلى روسيا بشأن حشدها المزعوم للقوات بالقرب من الحدود الأوكرانية.
روسيا تريد ضمانات
فيما كشف الكرملين أن بوتين انتقد مساعي حلف الأطلسي لـ"تطوير" عملياته في الأراضي الأوكرانية، وأضاف الكرملين "لذلك فإن روسيا مهتمة بجدية بالحصول على ضمانات موثوقة وثابتة قانوناً تستبعد توسع حلف الأطلسي شرقاً، وعدم نشر أنظمة أسلحة هجومية في الدول المجاورة لروسيا".
ودعا بوتين أيضاً إلى تقديم ضمانات بعدم نشر أنظمة هجومية في الدول القريبة من روسيا، وذلك حسبما أفاد الكرملين.
وأظهرت لقطات تلفزيونية روسية بايدن وبوتين وهما يوجهان التحية لبعضهما بطريقة ودية في بداية القمة الافتراضية.
ويقول الجانبان إنهما يأملان في أن يتمكن الزعيمان من عقد قمة وجهاً لوجه لبحث العلاقات بين البلدين اللذين توجد بينهما خلافات طويلة الأمد بشأن سوريا والعقوبات الاقتصادية الأمريكية والهجمات الإلكترونية الروسية المزعومة على شركات أمريكية.
وقال مسؤول أوكراني بعد المحادثات إن كييف عبرت عن امتنانها لبايدن على "دعمه الراسخ"، وتضمن مشروع قانون دفاعي أصدره الكونغرس الأمريكي بعد المحادثات تقديم 300 مليون دولار للجيش الأوكراني.
وبالنسبة للكرملين، فإن وقوف حلف الأطلسي المتزايد إلى جانب أوكرانيا المجاورة وما يعتبره كابوساً يتمثل في إمكانية نشر الحلف لصواريخ في أوكرانيا تستهدف روسيا هو خط أحمر لن يسمح بتجاوزه.
وشككت موسكو في النوايا الأوكرانية، وقالت إنها تريد ضمانات بأن كييف لن تستخدم القوة لمحاولة استعادة الأراضي التي فقدتها في 2014 أمام الانفصاليين المدعومين من روسيا وهو السيناريو الذي استبعدته أوكرانيا.
إشراك الحلفاء الغربيين
ومن جانبه قال البيت الأبيض إن زعماء من بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا تحدثوا "واتفقوا على البقاء على اتصال وثيق بشأن وضع نهج منسق وشامل للرد على الحشد العسكري الروسي على حدود أوكرانيا".
وقال أحد كبار المستشارين بالكونغرس إن المسؤولين الأمريكيين أبلغوا الأعضاء بأن لديهم تفاهماَ مع ألمانيا بشأن إغلاق خط أنابيب نورد ستريم 2 إذا غزت روسيا أوكرانيا.
وقامت الولايات المتحدة بتقييم إمكانية كبح قدرة المستثمرين على شراء الديون الروسية في السوق الثانوية، وهو إجراء ينظر إليه على أنه حتى لو اتخذته واشنطن فقط فإنه قد يؤثر بشدة على الحكومة الروسية، وفقاً لما ذكره شخص مطلع على الأمر.
ويمكن لواشنطن أن تستهدف صندوق الاستثمار المباشر الروسي بالعقوبات أيضاً.
وذكرت شبكة (سي.إن.إن) أن العقوبات المقترحة قد تشمل فصل روسيا عن نظام التحويلات الدولي للمدفوعات، والذي تستخدمه البنوك في جميع أنحاء العالم، وهي خطوة من المحتمل أن تتطلب التنسيق مع الحلفاء.