جهود كبيرة لضمان مشاركة الأسد وبن سلمان والسيسي.. كواليس تجهيزات الجزائر لاستضافة قمة عربية عالية المستوى

عربي بوست
تم النشر: 2021/12/06 الساعة 16:01 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/12/07 الساعة 08:04 بتوقيت غرينتش
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أثناء استقباله للرئيس الفلسطيني محمود عباس (رئاسة الجزائرية في فيسبوك)

لم تعُد الجزائر تدَّخر جهداً استعداداً لتنظيم القمة العربية المنتظر عقدها في شهر مارس/آذار 2022، إذ تسعى لإنجاحها وضمان مشاركة كل الملوك والزعماء العرب شخصياً فيها، وتأمين مستوى تمثيلي أعلى.

ووفق مصدر مطلع رفض الكشف عن اسمه، فإن الجزائر تعمل على ضمان مشاركة كل من الملك سلمان بن عبد العزيز أو ولي عهده محمد بن سلمان، وولي عهد أبوظبي والحاكم الفعلي للإمارات محمد بن زايد، إضافة إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. 

وتعتبر الجزائر أن مشاركة الزعماء الثلاثة من شأنها أن تضمن مشاركة حلفائهم وتعطي زخماً كبيراً للقمة العربية المنتظر تنظيمها السنة المقبلة.

ومن بين الزعماء الذين سيكون حضورهم مؤكداً، بالنظر إلى العلاقات الجيدة التي تربطهم بالجزائر: الرئيس التونسي قيس سعيد، والرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني، والرئيس اللبناني ميشال عون.

أيضاً، من المنتظر أن يشارك في القمة العربية كل من الرئيس العراقي برهم صالح، وأمير قطر تميم بن حمد، وسلطان عمان هيثم بن طارق، إضافة إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس.

حضور ضروري للسعودية

كشف مصدر لـ"عربي بوست"، أن الجزائر لن تجد صعوبات كبيرة في إقناع ولي عهد المملكة العربية السعودية محمد بن سلمان، بحضور أعمال القمة العربية، خصوصاً أنها تريد مساندة المملكة في عدة قضايا مصيرية.

وحسب معلومات الموقع، فإن الجزائر تنتظر من السعودية رد الجميل نظير مساندتها في قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي، وهي القضية التي فرضت على السعودية عزلة دولية لم يشارك فيها حكام قصر المرادية.

وأشارت المصادر نفسها إلى أن الجزائر كانت سبَّاقة في دعم بن سلمان في قضية خاشقجي، واستقبلته في ذروة الأزمة، رغم معارضة داخلية كبيرة من أحزاب وهيئات سياسية وحقوقية.

وكان بن سلمان قد زار الجزائر في ديسمبر/كانون الأول 2018، في أول جولة خارجية له بعد تفجُّر قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي بالقنصلية السعودية في إسطنبول بتركيا.

إضافة إلى ذلك، تعتبر السعودية من الدول التي تمسك بالعصا من المنتصف في الأزمة بين المغرب والجزائر، كما أنها لعبت أكثر من مرة، دور الوساطة بين الجارين، وأصدرت أول بيان في الأزمة الأخيرة التي مازالت مستمرة إلى الآن.

محمد بن سلمان والوزير الجزائري الأول السابق أحمد أويحيى/ أرشيفية، واس
محمد بن سلمان والوزير الجزائري الأول السابق أحمد أويحيى/ أرشيفية، واس

لماذا تهتم الجزائر بمصر؟

وإضافة إلى السعودية، تُصر الجزائر على ضرورة حضور تمثيلي وازن لجمهورية مصر العربية، وذلك بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي بصفة شخصية، أشغال القمة؛ لما لمصر من وزن في الجامعة العربية.

وتعتبر الجزائر أن نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مَدين لها؛ لكونها ساندته بعد تجميد عضويته في الاتحاد الإفريقي بعد الانقلاب على الرئيس الراحل محمد مرسي سنة 2013.

وقبل أشهر قليلة، التقى وزير الخارجية الجزائري نظيره المصري سامح شكري، على هامش فعاليات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وهو اللقاء الذي عبّر فيه الوزيران عن توافُق بلديهما في مجموعة من الملفات الإقليمية، منها ليبيا ومصر.

لكن، رغم أن مصر والجزائر تحاولان إظهار الود بينهما، فإن النظامين يتصارعان إقليمياً حول من له التأثير أكثر، خصوصاً في القضية الليبية، إذ تحاول الجزائر الوقوف إلى جانب ممثلي غرب ليبيا ومصر تتجه إلى دعم اللواء المتقاعد خليفة حفتر شرقاً.

سوريا.. التحدي الجزائري

تسعى الجزائر بكل جهدها لكي يكون الرئيس السوري بشار الأسد ضمن الحاضرين لأشغال القمة، وذلك في حال رفع التجميد عن عضوية سوريا داخل الجامعة قبل مارس/آذار 2021. 

وحسب المعلومات التي نشرها "عربي بوست" في تقرير سابق، فإن الجزائر ترغب في إعادة سوريا إلى جامعة الدول العربي قبل القمة العربية التي تستضيفها.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقباله وزير خارجية الجزائر رمطان لعمامرة/ أٍشيف
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقباله وزير خارجية الجزائر رمطان لعمامرة/ أٍشيف

وحسب المعلومات التي سبق أن كشف عنها "عربي بوست"، استناداً إلى مصادر مطلعة، فإن الجزائر تنسق مع عدة دول عربية؛ لتمكين سوريا من العودة إلى مقعدها في الجامعة العربية.

ووفق المصادر ذاتها، فإن الخارجية الجزائرية تعمل رفقة العراق ولبنان والإمارات، على إقناع بعض الدول التي ماتزال متشددة وتحاول عرقلة عودة دمشق لمحيطها العربي.

وسبق أن صرح وزير الخارجية الجزائري بأن الجزائر تبحث عن توافُق عربي؛ لضمان عودة سوريا إلى الجامعة، وأنه "حان الوقت للمّ الشمل العربي، والجزائر تبارك عودة دمشق لبيتها".

قمة فلسطين 

وكشفت مصادر مطلعة لـ"عربي بوست"، أن الجزائر تودُّ طرح ملف التطبيع مع إسرائيل في أجندة القمة العربية القادمة، وذلك بعد تأزُّم علاقاتها مع المغرب، بسبب التقارب الحاصل بين الرباط وتل أبيب.

وحسب معلومات الموقع، فإن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، ناقش مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، الذي يزور الجزائر حالياً، إمكانية طرح قضية التطبيع العربي الإسرائيلي في أجندة القمة العربية. 

وأشارت المصادر نفسها إلى أن الرئيس الفلسطيني "متردد"؛ تجنباً لغضب دول مُهمة في المحيط العربي، على غرار الإمارات والمغرب، اللتين تربطهما علاقة قوية مع السلطة الفلسطينية.

إضافة إلى ذلك، تمنح الإمارات دعماً مالياً مُهماً للسلطة الفلسطينية التي تعيش أزمة اقتصادية غير مسبوقة، كما أن ملك المغرب محمد السادس، يترأس لجنة بيت مال القدس، وسبق أن عقد اتصالات مع الرئيس الفلسطيني بعد التطبيع.

وأكدت مصادر "عربي بوست"، أنه في حال رفض محمود عباس مقترح الجزائر، فلن تُطرح قضية التطبيع العربي الإسرائيلي على جدول النقاش في القمة العربية المزمع عقدها في مارس/آذار القادم.

وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، قد صرح عدة مرات، بأن بلاده تسعى لإعادة لملمة الشتات العربي وتوحيد الجهود من أجل إعادة ضبط البوصلة تجاه القضية الفلسطينية المركزية.

تبون أثناء استقباله للرئيس الفلسطيني (الرئاسة الجزائرية على فيسبوك)
تبون أثناء استقباله للرئيس الفلسطيني (الرئاسة الجزائرية على فيسبوك)

وقال وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، في تصريحات صحفية لإذاعة "صوت فلسطين"، إن زيارة محمود عباس للجزائر تهدف إلى التنسيق بين فلسطين والجزائر بشأن تطورات القضية الفلسطينية. 

ماذا تريد الجزائر؟ 

وترغب الجزائر في أن تكون القمة العربية القادمة تتويجاً لجهودها الدبلوماسية التي تبذلها منذ وصول عبد المجيد تبون إلى الحكم قبل سنتين. 

كما تسعى لأن تكون القمة بمثابة إعلان رسمي لعودة الجزائر للمحافل الدولية بعد غيابٍ دامَ سنوات طويلة، بسبب مرض الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة. 

ويعتقد المحلل السياسي فاروق حركات أن الجزائر ستحاول استغلال القمة لصالح مواقفها ضد التطبيع وطرد إسرائيل من الاتحاد الإفريقي بإقناع دول إفريقيا للعمل معاً داخل أروقة الاتحاد. 

وقال "حركات" لـ"عربي بوست"، إن الجزائر تريد إحياء اتفاق "الأرض مقابل السلام" والمبادرة العربية التي تقدمت بها السعودية في قمة بيروت سنة 2002.

تحميل المزيد