كانت جائحة كورونا نقمة على العالم أجمع، لِما شكّلته من خسائر اقتصادية مرعبة على الدول بشكل عام، والأفراد بشكل خاص، باستثناء ألبرت بورلا، الذي كانت ضربة العمر له، فقد أدرّت لخزينته مليارات الدولارات، وجعلت منه الرجل الأهم في العالم في تلك المرحلة، لدرجة أن زعماء العالم كانوا يطلبون وده، وكان لديه الخيار في تجاهلهم أو الاستجابة لهم.
ألبرت بورلا هو الرئيس التنفيذي لشركة فايزر، الذي تمكنت شركته من امتلاك مفتاح النجاة للعالم، من أجل الخروج من جائحة كورونا، نظراً إلى أن اللقاحات سمحت لبعض البلدان بإعادة فتح اقتصاداتها خلال الصيف.
الكل يطلب ود بورلا
سافَرَ ألبرت بورلا إلى مدينة كورنوال الكندية لحضور قمة مجموعة السبع، في يونيو/حزيران الماضي، وأوقَفَ طائرته الخاصة بجوار طائرة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون.
بعد أسابيع، رحَّبَ به رئيس الوزراء الياباني آنذاك يوشيهيدي سوجا في الأولمبياد، وهي المرة الأولى التي تستضيف فيها دار ضيافة الدولة في قصر أكاساكا رئيساً تنفيذياً لشركة.
وفي سبتمبر/أيلول، كان الرئيس الأمريكي جو بايدن يصف ألبرت، البالغ من العمر 59 عاماً بأنه "صديقٌ مُقرَّب" له.
أما عبر البريد الإلكتروني أو الرسائل النصية، فكانت الحكاية مختلفة تماماً، فقد ناشَد قادة ألبرت بورلا العالم للحصول على طلباتٍ للقاح، قد لا يكون الهدف الرئيسي لدى بعضهم إنقاذ حياة الشعوب بقدر ما كان أملاً منهم في إنقاذ منافذهم السياسية، ومواجهة معركة انتخابية حاسمة قد تخرجه من منصبه، بحسب ما ذكرته صحيفة Financial Times البريطانية، في تقرير نشرته الأربعاء 1 ديسمبر/كانون الأول 2021.
كان من أبرز هؤلاء الزعماء رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو، الذي تصدر قائمة المتصلين ببورلا، إذ اتَّصَل به 30 مرة.
زعماء آخرون غاضبون على بورلا
منذ الموافقة على اللقاح في نهاية عام 2020، ساعدت قرارات شركة فايزر في تشكيل مسار الجائحة. ولديها القدرة على تحديد الأسعار، واختيار الدولة التي تأتي أولاً في نظام قائمة انتظارٍ مُبهَم، بما في ذلك البرامج الداعمة التي تسعى الدول الغنية الآن إلى تسريعها.
ففي الوقت الذي كان فيه السياسيون الغربيون يتعاملون مع ألبرت بورلا، أصبح القادة في العديد من البلدان الفقيرة غاضبين، إذ انتشر الفيروس بين سكَّانهم غير المُحصَّنين باللقاح.
يقول سترايف ماسييوا، الملياردير الزيمبابوي الذي ينسِّق فريق اللقاحات في الاتحاد الإفريقي: "لقد تُرِكنا ندخل في الماء… حتى نغرق".
في أواخر العام الماضي، أقنع ماسييوا شركة فايزر بتزويد إفريقيا بمليوني جرعة أوَّلية للمساعدة في تطعيم بعض العاملين في مجال الرعاية الصحية، الذين يُقدَّر عددهم بخمسة ملايين عامل في القارة. وكان ينتظر بفارغ الصبر مسودة العقد. قال ماسييوا: "ظلوا يقولون: الأسبوع المقبل. ثم وصلنا إلى أبريل/نيسان".
لكن ازداد غضب ماسييوا في مايو/أيار، عندما شاهد الاتحاد الأوروبي يبرم عقداً ضخماً يصل إلى 1.8 مليار جرعة. وكَتَبَ "احتجاجاً شديد اللهجة" إلى بورلا، سأل فيه عن سبب التأخير. وتلقوا في النهاية بعض الجرعات من مبادرةٍ تديرها إدارة بايدن.
رغم زيادة إمدادات اللقاحات إلى البلدان الفقيرة منذ سبتمبر/أيلول، فإن التفاوتات العالمية صارخة. وحتى الآن، تلقَّى 66% من الأشخاص الذين يعيشون في دول مجموعة السبع جرعتين من اللقاح، ويبلغ هؤلاء في إفريقيا 6% فقط. أما عدد الأشخاص في البلدان مرتفعة الدخل الذين تلقوا جرعاتٍ مُعزَّزة فيقارب ضعف عددهم في البلدان منخفضة الدخل الذين تلقوا الجرعتين الأولى والثانية.
نفوذ قد يتزايد مع المتحور الجديد
لم ينته نفوذ فايزر بعد، فاليوم، تقف شركة الأدوية الأمريكية وراء المنتج الصيدلاني الذي سجَّلَ رقماً قياسياً في المبيعات في عامٍ واحد. وتتوقَّع شركة فايزر أن تصل مبيعات اللقاح إلى 36 مليار دولار في العام 2021، وهو على الأقل ضعف مبيعات أقرب منافساتها شركة موديرنا.
أما قدرة ألبرت بورلا وشركة فايزر على توسيع الإنتاج بشكلٍ كبير فقد جعلتها إلى حدٍّ بعيدٍ صانع اللقاحات الأكثر سيطرةً على الإطلاق. وفي أكتوبر/تشرين الأول، حصلت الشركة على 80% من حصة السوق للقاحات فيروس كوفيد-19 في الاتحاد الأوروبي، و74% في الولايات المتحدة.
ومع ظهور متحور كورونا الجديد "أوميكرون"، والأنباء التي تتوارد حول حاجة العالم لتعديل في اللقاح، فإن هذا الأمر يفتح باباً واسعاً من الأرباح للشركة، قد يكون أكبر من سابقه.