عندما قرر السوري هادي كرم مغادرة مدينة الرقة التي مزّقتها الحرب، كان يعلم أنَّ الرحلة إلى أوروبا ستكون محفوفة بالمخاطر، لكن ما لم يأخذه في الحسبان، يقول تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية، هو كيف ستشكل التكنولوجيا حجر عثرة بمجرد وصوله إلى اليونان.
حسب التقرير الذي نشر الأربعاء 1 ديسمبر/كانون الأول 2021، قال الشاب، الذي يروي محنة عائلته أثناء محاولته الاتصال بضباط اللجوء في اليونان: "لم أعتقد قط أنَّ تطبيق سكايب سيكون المشكلة. تظل تتصل بهم مراراً وتكراراً، ويمر الأسبوع تلو الآخر، دون أي رد".
أمضى كرم وزوجته الحامل وابنهما شهرين في محاولة لعبور الحدود البرية المشتركة بين سوريا وتركيا، وهو إنجاز تحقق بعد تسع محاولات، ثم استغرقهم السفر إلى رودس من تركيا ومنها إلى ميناء بيرايوس أقل من أسبوع.
سياسات صارمة للهجرة في اليونان
لكن شق طريقهم عبر متاهة البيروقراطية في اليونان لإخطار السلطات برغبتهم في التقدم بطلب للحصول على اللجوء قد استغرق الجزء الأكبر من هذا العام. يقول كرم: "عندما نجحت أخيراً في الوصول إليهم، قيل لي إنه يمكنني الذهاب لإجراء مقابلتي في مارس/آذار 2022. حتى ذلك الحين نحن عالقون هنا وليس بوسعنا شيء سوى الانتظار في المخيم".
فقد أعلنت حكومة يمين الوسط في أثينا الأسبوع الماضي، تماشياً مع شعار سياسات الهجرة "صارمة لكن عادلة"، أنَّ إجراءات اللجوء للمتقدمين لأول مرة لن يُسمَح بها إلا في مراكز الاستقبال التي تديرها الدولة. وقالت إنَّ استخدام تطبيق الاتصالات "سكايب" سيقتصر بحزم على أولئك الذين رُفِضَت طلباتهم ويريدون الاستئناف.
يقول ماريوس كالييس، كبير مسؤولي خدمة اللجوء في البلاد: "المدة التي ستستغرقها عملية التسجيل، أو أين ستكون مواقع مراكز الاستقبال المخصصة، لم تتحدد بعد".
أضاف: "ما زلنا نناقش المواقع التي تغطيها هذه السياسة، لكن ما أعرفه هو أنه سيكون هناك مركزان: أحدهما في الشمال [من البر الرئيسي] والآخر في الجنوب".
المهاجرون في أبنية أشبه بالسجون
على الرغم من أنَّ اليونان شهدت انخفاضاً كبيراً في عدد الوافدين منذ عام 2015، عندما كانت في قلب أزمة لاجئين- مع عبور أكثر من 800 ألف شخص بحر إيجه- إلا أنَّ قربها من تركيا يجعلها طريقاً شهيراً لأولئك الموجودين في إفريقيا وآسيا ودول أخرى. الشرق الأوسط فارّ من الحرب والفقر والاضطهاد.
في تصريح يوم الاثنين 29 نوفمبر/تشرين الثاني، أشاد وزير الهجرة في في اليونان، نوتيس ميتاراشي، بالانخفاض في الأعداد، قائلاً إنَّ الوافدين الجدد أقل بنسبة 90% عن عام 2019.
قال للإذاعة العامة في البلاد ERT: "لقد وضعنا لأنفسنا هدفاً لتغيير ما كان يحدث عند نقاط الدخول. من الأبنية المفتوحة مثل موريا، التي جلبت للبلد الخزي، يمكننا الآن التحدث عن أبنية مغلقة يمكن السيطرة عليها، التي توفر ظروفاً معيشية لائقة". وموريا هو مخيم بُني في الهواء الطلق في ليسبوس اشتهر بسمعة سيئة، والتهمته الحرائق العام الماضي.
التضييق على حياة اللاجئين
على خلفية هذا الخطاب، ومع تشديد أوروبا لموقفها تجاه اللاجئين، يشعر عمال الإغاثة بالقلق من أنَّ التغيير المفاجئ في هذه السياسة يهدف إلى "السيطرة على طالبي اللجوء واحتوائهم" أكثر من جعل حياتهم أسهل.
في السياق ذاته، وجدت دراسة حديثة أجرتها منظمة "فريق المعلومات المتنقل" أنَّ الأشخاص لم يصلوا بعد إلى مسؤول اللجوء من خلال التطبيق (سكايب) بعد 14 شهراً في المتوسط.
في ظل عدم تسجيلهم، يبقى طالبو اللجوء غير مرئيين وغير قادرين على الوصول إلى الرعاية الصحية والحماية القانونية، وفي الوقت نفسه يحاول الكثير منهم متابعة طريقهم وسط حالة من الإحباط، ومواصلة رحلاتهم إلى وسط أوروبا عبر البلقان.
تقول كورين لينيكار، مدير المناصرة في منظمة "فريق المعلومات المتنقل": "إنَّ فرض إجراء التواصل عبر تطبيق (سكايب) في إطار الوضع الحالي غير إنساني؛ إذ أجبر الناس على البقاء غير موثقين ومعوزين لعدة أشهر، وحتى لسنوات في كثير من الأحيان".