عبَّر دبلوماسيون من الاتحاد الأوروبي وإيران وروسيا عن تفاؤلهم بعد أول اجتماع بين إيران والدول الكبرى منذ خمسة أشهر، والذي عُقد الإثنين 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، في محاولة لإنقاذ الاتفاق النووي المبرم عام 2015، رغم موقف طهران المتشدد في العلن، والذي قالت الدول الغربية إنه لن يجدي نفعاً.
دبلوماسيون أشاروا إلى أن الوقت ينفد أمام مساعي إحياء الاتفاق الذي انسحب منه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في 2018 وهو ما أغضب إيران وأفزع الدول الكبرى الأخرى المعنية، وهي بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا.
بحسب رويترز، فقد قدَّم أعضاء الوفود من الاتحاد الأوروبي وإيران وروسيا، المشاركون في المحادثات، تقييماً متفائلاً بعد بدء الجولة الجديدة بجلسة لأطراف الاتفاق الباقين فيه لم تحضرها الولايات المتحدة التي ترفض إيران إجراء محادثات مباشرة معها.
تقييم إيجابي
وبعد الاجتماع قال إنريكي مورا مسؤول الاتحاد الأوروبي الذي ينسق محادثات إحياء الاتفاق النووي الإيراني، إنه يشعر بالتفاؤل بعد المباحثات الأولى في فيينا مع المفاوضين الإيرانيين الجدد، الذين قال إنهم أظهروا رغبة في المشاركة بجدية.
وقال مورا للصحفيين إن الوفد الإيراني الجديد في المحادثات تمسَّك بطلب طهران رفع جميع العقوبات. لكنه أشار أيضاً إلى أن طهران لم ترفض صراحةً نتائج الجولات الست السابقة التي عُقدت بين أبريل/نيسان ويونيو/حزيران 2021.
ومضى قائلاً: "وافقوا على أن العمل الذي أُنجز خلال الجولات الست الأولى أساس جيد لبناء عملنا المستقبلي عليه". وأضاف: "بالطبع سنأخذ في الاعتبار الحساسيات السياسية للإدارة الإيرانية الجديدة".
فيما قال المبعوث الروسي إلى المحادثات، ميخائيل أوليانوف، على تويتر، إن المحادثات بدأت "بنجاح إلى حد بعيد". وقال رئيس الوفد الإيراني علي باقري كني، للصحفيين لدى سؤاله عما إذا كان متفائلاً: "نعم، أنا كذلك".
ومع ذلك ليس من الواضح ما إذا كانت إيران وافقت على استئناف المحادثات من النقطة التي توقفت عندها في يونيو/حزيران 2021، وهو مطلب للدول الغربية، كما لم تتضح مبررات التفاؤل.
وتحدَّث دبلوماسي في الاتحاد الأوروبي بلهجة متشائمة، قائلاً إن الإيرانيين تمسكوا بمواقفهم وزادوها تشدداً في بعض الأوقات. وسوف تتضح الأمور أكثر عندما تدور المحادثات المفصلة حول العقوبات والقضايا النووية هذا الأسبوع.
وأنهى اجتماع فيينا انقطاعاً طويلاً للمحادثات كان سببه انتخاب الرئيس الإيراني الجديد المناوئ للغرب إبراهيم رئيسي، في يونيو/حزيران 2021. ومن الناحية الفعلية، فإن المحادثات عبارة عن مفاوضات غير مباشرة بين طهران وواشنطن يتنقل خلالها أعضاء الوفود بين الجانبين.
يقول دبلوماسيون غربيون إن فريق التفاوض الإيراني الجديد حدد مطالب يرى دبلوماسيون أمريكيون وأوروبيون أنها غير واقعية.
وتبنت إيران موقفاً ثابتاً بالمطالبة بإسقاط جميع العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منذ 2017، وضمنها العقوبات التي لا ترتبط ببرنامجها النووي وأن يكون رفعها قابلاً للتحقق منه.
إيران تريد ضمانات
وقال كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين باقري كني، إنه يتعين على الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين تقديم ضمانات لإيران بعدم فرض عقوبات جديدة مستقبلاً.
وقال للصحفيين: "إنه لَإنجاز كبير أن جميع الأطراف في الاجتماع وافقت على مطلب إيران أنه ينبغي أن تزال أولاً… جميع العقوبات الأمريكية غير العادلة وغير القانونية ثم نناقش القضايا الأخرى ونتخذ قراراً بشأنها".
ولم يصدر تعليق إلى الآن من الدول الكبرى على تصريحات باقري كني بشأن تتابع القضايا.
مفتشو الأمم المتحدة
على صعيد آخر، تزايدت الخلافات بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة التي تراقب البرنامج النووي.
فقد مضت إيران قدماً في تخصيب اليورانيوم، بينما تقول الوكالة إن مفتشيها عوملوا معاملة خشنة ومُنعوا من إعادة تركيب كاميرات المراقبة في موقع تعتبره الوكالة ضرورياً لإحياء الاتفاق.
وقال المبعوث الأمريكي الخاص لشؤون إيران روبرت ميلي، يوم السبت: "إذا كانت إيران تعتقد أن بإمكانها استغلال هذا الوقت لتعزيز قوتها ثم تعود وتقول إنها تريد شيئاً أفضل، فلن ينجح ذلك. وسنفعل نحن وشركاؤنا كل ما لدينا لعدم حدوث ذلك".
ومنذ صدور قرار ترامب سحب الولايات المتحدة من الاتفاق، انتهكت إيران كثيراً من القيود التي يفرضها عليها الاتفاق بقصد إطالة الأمد الذي تحتاجه إيران للحصول على ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع قنبلة نووية. وتقول إيران إنها تريد تخصيب اليورانيوم للاستعمالات المدنية دون ما سواها.
وحذَّر ميلي من أن واشنطن ستكون مستعدة لزيادة الضغوط على إيران إذا انهارت المحادثات.
يقول دبلوماسيون إن واشنطن اقترحت التفاوض على اتفاق مؤقت مفتوح مع طهران إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق دائم. وقال عدد من المسؤولين الإيرانيين لـ"رويترز"، إن إيران ليست لديها نية قبول اتفاق مؤقت.
وقالت إسرائيل، عدو إيران اللدود، والتي عارضت الاتفاق النووي الأصلي ووصفته بأنه "متساهل أكثر مما يلزم"، إن الخيارات العسكرية ستكون مطروحة على الطاولة إذا فشلت الدبلوماسية.