احتفت الصحافة الإسرائيلية بزيارة وزير دفاعها بيني غانتس، للمغرب الأسبوع الماضي، وما شهدته من اتفاقات تعاون عسكري واستخباراتي ستعود على إسرائيل بملايين الدولارات.
صفقات غير معلنة
ووفق ما علِمه "عربي بوست"، فإن المغرب يرغب في الخروج من اتفاق التعاون العسكري والاستخباراتي مع إسرائيل ليس فقط بشراء تكنولوجيا صناعة الأسلحة، بل الأهم القدرة على "توطين" هذه الصناعة داخل البلاد.
هذا وأجرى وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، زيارة للمغرب يومي 24 و25 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، مرفوقاً بوفد عسكري واستخباراتي، تكللت بتوقيع اتفاقيات تعاون عدة بين الجانبين.
وبحسب مصادر "عربي بوست"، فإن بنود اتفاقيات التعاون بين الطرفين قد اشتملت على خمسة محاور، ضمَّت نظم الحرب الإلكترونية، ورفع قدرات الدفاع والتسليح، والحديث عن القيام بمناورات مشتركة، والأهم التعاون في مجالات الصناعات العسكرية، ونقل التكنولوجيا العسكرية إلى المغرب.
وسجلت المصادر، أن "توطين" الصناعة العسكرية سيتم من جهة عبر طائرات دون طيار، حيث يعمل المغرب على اقتناء طائرات من طراز "هلربي" الانتحارية.
وتضم طائرات "هاربي" عدة أنواع من طائرات الدرون الانتحارية المختلفة، ويتراوح مدى كل من الصغيرة والمتوسطة بين 10 و40 كيلومتراً. فيما يصل مدى الكبيرة منها إلى 200 كيلومتر.
وتتميز درون "هاربي" الصغيرة والمتوسطة بخفة الوزن وسهولة الحمل، حيث تعتبر في بعض الحالات أقرب إلى سلاح "شخصي" للجندي، بخلاف الكبيرة التي لا بد من حملها على سيارة.
كما يمكنها حمل رأس متفجر يبلغ وزنه 23 كيلوغراماً، وأيضاً استهداف أي هدف على الأرض ثابت أو متحرك (أفراد، آليات)، بصمتٍ ودقة.
وتبعاً لمصادر "عربي بوست"، فإن الرباط ناقشت مع الوفد العسكري الإسرائيلي العمل على توطين صناعة هذا النوع من الطائرات الانتحارية، وفي هذا الباب شرع الطرفان في البحث عن موقعين مختلفين لإنشاء وحدات تصنيع الطائرات الانتحارية.
ورجحت المصادر أن وحدتي تصنيع طائرات الدرون سيتم إنشاء إحداهما في جنوب المغرب، والثانية في شماله، مشيرة إلى أن الأمر سيتم حسمه بعد قيام خبراء من الجانبين بدراسة جميع جوانب الملف العسكرية، والاقتصادية، والأمنية.
"التوطين" لن يشمل طائرات الدرون وحدها، بل بحث الطرفان إمكانية تطوير طائرات "F5" المقاتلة من طرف إسرائيل، لكن داخل المغرب هذه المرة.
ووفق مصادر "عربي بوست"، فإن تطوير طائرات "F5" الذي سيشمل إدخال نظام حرب إلكترونية، مع رادار جديد، وقمرة قيادة جديدة، سيمكن الطائرة من القدرة على التحكم في أسلحة جديدة، تتم إضافتها خلال هذا التطوير.
وأفادت المصادر بأن الرباط أكدت رغبتها في أن يتم هذا التطوير داخل المغرب، في إطار اتفاق نقل التكنولوجيا العسكرية بين الجانبين.
أسلحة استراتيجية في المغرب
تأكيداً لما "انفرد" به "عربي بوست"، فقد أبدت الرباط اهتمامها، بشكل رسمي، بشراء نظام الدفاع الجوي "برق 8" عوض نظام "القبة الحديدية"، كما عقدت صفقات لشراء أسلحة وأنظمة رادارات جديدة.
ووفق ما حصل عليه "عربي بوست"، فإن الرباط طلبت بشكل رسمي، الحصول على منظومة صواريخ "لورا" البالستية الهجومية، التي تملك قدرة على إصابة أهداف تبعد نحو 400 كيلومتر، مع نسبة خطأ أقل من 10%، تمكّنه من ضرب الأهداف الأرضية الثابتة والمتحركة.
منظومة "لورا" تكون محمولة على شاحنة قادرة على قطع مسافة 1000 كيلومتر دون التزود بالوقود، وتستخدم رؤوساً حربية بوزن 600 كغ خارقة للتحصينات، كما يمكن تخزين الصواريخ لمدة 7 سنوات قبل حاجتها للصيانة.
وطلب المغرب كذلك الحصول على نظامين للحرب الإلكترونية، ويتعلق الأمر بنظام "سكوربيوس" للتشويش على رادارات الطائرات المقاتلة، ونظام "إلم 2084" الذي يمكنه الكشف عن الأهداف على بُعد 490 كيلومتراً.
وكان "عربي بوست" قد نشر في 22 نوفمبر/تشرين الثاني، أن الرباط تُفضل نظام "برق 8″، لأنه يعمل ضد الطائرات من دون طيار، والصواريخ الصغيرة الحجم والقصيرة المدى، ويبلغ مداه 140 كيلومتراً، ويمكن استعماله لمواجهة الصواريخ المضادة للسفن.
كما أن الرباط بحثت إمكانية اقتناء نظام Skylock Dom، المتخصص في تقنيات مكافحة الطائرات بدون طيار.
وكانت الصحافة الإسرائيلية قد أعلنت أن المغرب وإسرائيل عقدا صفقات لبيع طائرات مسيَّرة وأنظمة أسلحة متقدمة إسرائيلية أخرى للمملكة، قُدرت قيمتها بمئات ملايين الدولارات.
لقاءات "غير رسمية" رمزية
اللقاء ذو الطبيعة العسكرية لم يخلُ من استعمال مكثف للرموز، من الجانبين، فخلال الزيارة التي امتدت 48 ساعة، منها بضع ساعات رسمية، حرص المسؤولون الإسرائيليون على انتزاع أكبر قدر من الاقتراب من المغرب الرسمي.
في أولى خطوات وزير الدفاع الإسرائيلي بالمغرب، زار قبر العاهلين المغربيين، محمد الخامس، والحسن الثاني، حيث وضع إكليلاً من الورود على قبر الملك الراحل محمد الخامس.
كما لم يفُت الوفد الإسرائيلي، في خضم لقاءاته، أن يعقد، بعيداً عن الصحافة، لقاء مع محمد ياسين المنصوري، المدير العام لمكتب الدراسات والمستندات (جهاز المخابرات الخارجية)، والذي يعد في الوقت نفسه واحداً من الأصدقاء المقربين للملك محمد السادس، ومن الدائرة الضيقة من المسؤولين الكبار في البلاد.
وحظي كذلك وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، بلقاء المفتش العام للقوات المسلحة الملكية وقائد المنطقة الجنوبية، الجنرال دوكور دارمي الفاروق بلخير، في مقر قيادة أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية بالرباط.
غانتس أحضر معه وفداً ضم ثلاثة ضباط من مكتبه، من اليهود ذوي الأصول المغربية، اثنان منهم وُلدا في المغرب، أحدهما السكرتير العسكري للوزير، العميد الجنرال ياكي دولف، والثالث عقيد يدعى نعوم أربيلي، وُلدت والدته بالمغرب وانتقلت إلى إسرائيل في عام 1961.
كما كان لافتاً، اختتام بيني غانتس زيارته للمغرب بصلاة في كنيس تلمود التوراة بالعاصمة المغربية الرباط، تم فيها الدعاء بحفظ جيش الاحتلال الإسرائيلي، وحضرها أعضاء الوفد من الضباط بزيّهم العسكري.
بموازاة هذا التطور غير المسبوق في العلاقة بين المغرب وإسرائيل، عبَّر عدد من الهيئات الحزبية والسياسية عن رفضها هذا "الاختراق"، فيما منعت السلطات المغربية وقفات رافضة للتطبيع.