تواجه مجموعة NSO الإسرائيلية لصناعة برامج التجسس خطراً متزايداً بالتخلف عن سداد نحو 500 مليون دولار من الديون، بسبب معاناتها من استنفاد مالي يُتوقَّع استمراره هذا العام، بعد قيود التصدير الجديدة من الولايات المتحدة على منتجاتها، وفق ما ذكره موقع Bloomberg الأمريكي، الثلاثاء 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2021.
إذ خفضت شركة التصنيف الائتماني، Moody's Investors Service، الإثنين 22 نوفمبر/تشرين الثاني، تصنيف NSO بمقدار درجتين إلى Caa2، أو ثمانية مستويات أقل من درجة الاستثمار. وقالت إنَّ شركة برامج التجسس الإسرائيلية يزداد تعرضها لخطر خرق شروط اتفاقيات الديون الخاصة بها.
مشاكل مجموعة NSO الإسرائيلية
تكافح NSO لدفع الاتهامات بأنَّ برنامج بيغاسوس لاختراق الهاتف استُخدِم من بعض عملائها الحكوميين، للتجسس على المعارضين السياسيين والصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان. ونفت NSO الاتهامات، وقالت إنَّ برمجياتها تساعد الحكومات على منع الجريمة والإرهاب.
مع ذلك، فإنَّ القيود الجديدة التي فرضتها وزارة التجارة الأمريكية على مجموعة NSO الإسرائيلية هذا الشهر، قد تزيد من تعقيد جهود NSO لاستعادة موطئ قدمها بعد عامين فقط من الاستحواذ الإداري الذي قيّمها بنحو مليار دولار.
أبلغت NSO عن تدفق نقدي سلبي في عام 2020، بسبب انخفاض الإيرادات والتوزيعات على المساهمين، ومن المرجح أن يستمر نزيف الأموال في عام 2021، وفقاً لشركة Moody's. وأضافت Moody's أنَّ شح السيولة يعني أنَّ مجموعة NSO الإسرائيلية معرضة لخطر مخالفة اتفاق بشأن ديونها، يمكن أن يجعلها في حالة تخلف عن السداد ما لم يقرر الدائنون التنازل عنها.
كما تقدر شركة التصنيف الائتماني أنَّ عبء ديون NSO سيساوي نحو 6.5 ضعف أرباحها هذا العام، وهو مستوى يمكن أن يؤدي إلى مزيد من التخفيضات في حال استمراره. بينما تصنف شركة S&P Global Ratings شركة NSO عند (B-)، أو ست درجات أسفل منطقة الاستثمار المقبولة.
وفقاً لـMoody's، حتى شهر يونيو/حزيران، كان لدى شركة برامج التجسس 29 مليون دولار من السيولة النقدية غير المقيدة، وسحبت بالكامل حد الائتمان المصرفي البالغ 30 مليون دولار.
تراجع أنشطة الشركة
معاناة مجموعة NSO الإسرائيلية برامج التجسس الإسرائيلية بدأت مع فضيحة التجسس على رؤساء دول في مقدمتهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وتقارير عن بيع الشركة الإسرائيلية لبرامجها لأكثر من بلد عربي، وهو ما دفع الولايات المتحدة لمعاقبة الشركة.
قال موقع صحيفة Haaretz الإسرائيلية، إن شركة NSO Group Technologies، التي تُستعمل برامجها في اختراق الهواتف الخلوية، باعت في الأعوام الماضية برمجية التجسس بيغاسوس Pegasus مقابل مئات الملايين من الدولارات إلى الإمارات ودول أخرى بالخليج، استعملتها في مراقبة النشطاء المعارضين للنظام، بتشجيع ووساطة رسمية من الحكومة الإسرائيلية.
شركة NSO تعرف بأنها إحدى أكثر الشركات الإسرائيلية نشاطاً في الخليج، ويمكن برنامج Pegasus 3 السلطات من اختراق الهواتف الخلوية ونسخ محتوياتها، بل وأحياناً التحكم في الكاميرا وتسجيل الصوت. ويعمل باحثو الثغرات بالشركة على إيجاد الثغرات الأمنية، ويمكنهم اختراق الأجهزة المحمولة من طرفهم، أي دون الحاجة إلى أن ينقر المستخدم على رابطٍ مشبوه على سبيل المثال.
حسب الصحيفة الإسرائيلية، تتعاون مجموعة NSO الإسرائيلية فقط مع أجهزة الدول، لكنها لا تفرق بين الأنظمة الديمقراطية والدكتاتورية كما في الخليج، ورغم مزاعمها فإنها لا تفعل الكثير لمراقبة ما تفعله هذه الحكومات ببرمجياتها.
وقد مثلت إسرائيل حلقة الوصل بين شركة NSO والدول العربية في المنطقة، بل وشارك ممثلون عن الحكومة الإسرائيلية في اجتماعات التسويق بين ضباط الاستخبارات في الدول العربية ومسؤولين تنفيذيين في NSO، وبعض هذه الاجتماعات كان على أرض إسرائيل.
شركة NSO خصصت فريقاً للعمل مع دول الخليج، يحمل جميع أفراده جوازات سفر أجنبية، وهو القسم الأكثر ربحاً بالشركة، بعائدات سنوية تصل إلى مئات ملايين الدولارات، وكل دولة خليجية لها اسم مستعار عبارة عن اسم شركة مصنعة للسيارات تحمل الحرف الأول من اسم البلد المقصود بالإنجليزية. السعودية تُسمى سوبارو، والبحرين تُسمى بي إم دبليو، والأردن تُسمى جاغوار Jordan/Jaguar. وداخل الشركة يستعمل الموظفون هذه الأسماء بدلاً من الاسم الحقيقي للبلد.
انتشار برنامج "بيغاسوس"
"بيغاسوس" ربما يكون هذا هو اسم أقوى برنامج تجسس صنعته شركة خاصة يوماً، كما تقول صحيفة The Guardian البريطانية. فحالما يشق طريقه إلى هاتفك دون أن تلاحظ يحوّله إلى جهاز مراقبة يعمل على مدار 24 ساعة، فيصبح بإمكانه نسخ الرسائل التي ترسلها أو تتلقاها، وجمع صورك وتسجيل مكالماتك.
بيغاسوس Pegasus برنامج اختراق -أو برنامج تجسس- طوّرته شركة NSO Group الإسرائيلية وتسوقه لحكومات دول العالم. ولديه القدرة على اختراق مليارات الهواتف التي تعمل بأنظمة تشغيل iOS أو أندرويد.
كانت أقدم نسخة مكتشفة من بيغاسوس حصل عليها باحثون عام 2016، تخترق الهواتف من خلال ما يسمى التصيد الاحتيالي، أي الرسائل النصية أو رسائل البريد الإلكتروني التي تدفع الهدف للنقر على رابط اختراق.
لكن بعدها، ازدادت قدرات برنامج بيغاسوس تقدماً، وأصبح بإمكانه الوصول إلى أهدافه عن طريق ما يسمى الهجمات "الخالية من النقر" zero-click، التي لا تتطلب أي تفاعل من مالك الهاتف ليتمكن من اختراقه.
غالباً ما تستغل هذه الهجمات ثغرات "الهجمات دون انتظار" zero day، وهي عيوب أو أخطاء في نظام التشغيل لا تكون الشركة المصنعة للهاتف المحمول قد اكتشفتها، وبالتالي لا تتمكن من إصلاحها.
عام 2019، كشفت شركة واتساب أن برنامج بيغاسوس استُخدم لإرسال برامج اختراق إلى أكثر من 1400 هاتف عن طريق استغلال ثغرة الهجمات دون انتظار. وذلك ببساطة عن طريق إجراء مكالمة واتساب للجهاز المستهدف تُمكِّن برنامج بيغاسوس من تثبيت رمز خبيث على الهاتف، حتى لو لم يردّ الهدف على المكالمة مطلقاً. وفي الآونة الأخيرة بدأت NSO في استغلال الثغرات الأمنية في برنامج iMessage المثبّت على هواتف آبل، وهو ما مكّنها من اختراق مئات الملايين من أجهزة آيفون. وتقول شركة آبل إنها تُحدّث برامجها باستمرار لمنع هذه الهجمات.