قالت صحيفة The Times البريطانية، الخميس 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، إن تحقيقاً كشف أن أوكرانيا خطَّطَت لاعتقال العشرات من المرتزقة المرتبطين بالكرملين في عمليةٍ خادعةٍ مُتقنة تضمَّنَت عمليةً أمنية روسية مزيَّفة في أمريكا الجنوبية، وشن تهديدٍ كاذبٍ بقنبلة لإجبار طائرة ركَّاب على الهبوط.
وفقاً لموقع Bellingcat للصحافة الاستقصائية، ومقره هولندا، كانت أجهزة الاستخبارات الأوكرانية تحلم بهذه العملية، التي تورَّط فيها أيضاً رئيس بيلاروسيا، لوكاشينكو.
كما أوضح أن عملاء أوكرانيين أنشأوا شركةً مقاولات عسكرية خاصة وهمية كان من المُفتَرَض أنها تسعى لتوظيف مرتزقة لحراسة المنشآت التابعة لشركة روسنفت النفطية الروسية في فنزويلا.
إعلانات وهمية لاستقطاب المرتزقة
دعت الإعلانات على مواقع التوظيف الروسية عبر الإنترنت الرجال ذوي الخبرة في "التعامل مع الأسلحة" إلى التقدُّم للوظيفة، وعرضت عليهم راتباً شهرياً قدره 225 ألف روبل (3,150 دولار)، وهو أعلى بكثيرٍ من متوسط الأجر في روسيا.
كانت المؤامرة تهدف إلى القبض على مرتزقة تتهمهم أوكرانيا بارتكاب جرائم في منطقة الدونباس في البلاد، حيث أقام الانفصاليون الذين تدعمهم روسيا جمهوريَّتين انفصاليَّتين.
قاتَلَ المرتزقة الهاربون بشكلٍ أساسي في أوكرانيا لصالح مجموعة فاغنر، وهي مجموعةٌ عسكرية خاصة يُقال إن يفغيني بريغوزين، رجل الأعمال الروسي المعروف باسم "طبَّاخ بوتين"، يسيطر عليها، فيما ينفي بريغوزين هذه المزاعم.
عملية خادعة لاعتقال المرتزقة
استُخدِمَ ضابطٌ سابقٌ متوسِّط الرتبة في جهاز الاستخبارات العسكرية الروسية، كان قد جُنِّدَ لصالح أوكرانيا، خلال العملية.
في حين أُبلِغَ عن العملية سابقاً بواسطة شبكة CNN الأمريكية ومنفذ إعلامي أوكراني، يكشف تقرير Bellingcat عن مجموعةٍ من التفاصيل التي لم يُعلَن عنها من قبل.
كما أجرى الموقع مقابلاتٍ مع أشخاصٍ شاركوا في العملية الخادعة، وكذلك مرتزقة روس استجابوا لإعلان الوظيفة.
رغم أن العديد من الطلبات جاءت من رجالٍ لا يهمهم أوكرانيا، فإن العشرات مِمَّن يبحثون عن عملٍ كانوا من قدامى المحاربين في فاغنز وقاتلوا في الدونباس.
كجزءٍ من طلبات التوظيف والمقابلات، قدَّم المرتزقة صوراً للميداليات التي منحها إياهم الكرملين، بالإضافة إلى ثروةٍ من المعلومات المتعلِّقة بالجرائم التي اعترفوا بارتكابها في شرق أوكرانيا. وتنفي موسكو إرسال قواتٍ نظامية أو مرتزقة إلى المنطقة التي مزَّقتها الحرب.
خدعت الاستخبارات الأوكرانية أيضاً أحد المرشَّحين الناجحين، من أجل توظيف زملائه المقاتلين. وتمت الموافقة في النهاية على 33 من المرتزقة وطُلِبَ منهم التجمُّع في يوليو/تموز من العام الماضي في مينسك، عاصمة بيلاروسيا، من أجل اللحاق برحلةٍ إلى فنزويلا عبر إسطنبول.
الرئيس الأوكراني ألغى العملية
كان من المُفتَرَض أن تكون طائرة الركَّاب فوق أوكرانيا لمدة 30 دقيقة تقريباً، حين ادُّعِيَ بأن هناك تهديداً بقنبلةٍ زائفة من شأنها أن تجبر الطائرة على الهبوط في مطار بوريسبيل، في العاصمة الأوكرانية كييف، حيث كان سيُعتَقَل المرتزقة.
لكن في اللحظة الأخيرة، أرجأ الرئيس الأوكراني، زيلينسكي، العملية بسبب مخاوف من أن يؤدِّي اعتقال المرتزقة إلى عرقلة وقف إطلاق النار المُقرَّر أن يدخل حيِّز التنفيذ في الدونباس. وجرى فحص المرتزقة في منتجعٍ صحي بالقرب من مينسك، في انتظار رحلتهم المُعاد ترتيبها.
في الساعة السابعة فجراً، داهمت القوات البيلاروسية المنتجع واعتقلت المرتزقة. واتَّهمهم لوكاشينكو بأنهم جزءٌ من مؤامرةٍ روسية لإطاحته قبل انتخاباتٍ مهمة في الدولة السوفييتية السابقة.
رغم النداءات التي وجَّهَتها أوكرانيا لتسليم الرجال المرتزقة إلى كييف، سلَّم لوكاشينكو، 67 عاماً، المرتزقة إلى روسيا بعد أسبوعين. وسرعان ما نُسِيَ كلُّ الحديث عن مؤامرةٍ روسية.
في مايو/أيَّار الماضي، أجبرت بيلاروسيا طائرةً تابعةً لشركة ريان إير الأيرلندية على الهبوط وعلى متنها صحفيٌّ معارض، بعد تهديدٍ زائف بوجود قنبلة.
اعترف زيلينسكي، 43 عاماً، بوجود أوجه تشابه بين العملية الأوكرانية المُخطَّطة وواقعة رايان إير. وأعرب كذلك عن ارتياحه لعدم إتمام مؤامرة بلاده.