ذكرت شبكة CNN الأمريكية، الأربعاء 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، أن جهود إدارة بايدن لفهم النوايا الروسية من تحركات موسكو على الحدود مع أوكرانيا قد تعرقلت، نتيجة "نقطةٍ عمياء" أساسية، تتمثل في محدودية معلومات مجتمع الاستخبارات عن الدائرة المقربة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وذلك بعد أن حذّرت واشنطن علناً من التحركات العسكرية الروسية غير المعتادة بالقرب من الحدود مع كييف.
فقد نقلت الشبكة الأمريكية عن مصدر في الكونغرس، من المطلعين على خبايا مجتمع الاستخبارات، قوله إن "وظيفة مجتمع الاستخبارات قد ازدادت صعوبةً بالتدريج. ونحن نقترب مما يمكن وصفه بالمنطقة المحظورة".
لا معلومات لدى واشنطن
مسؤولون أمريكيون قالوا علناً في الأيام الأخيرة، إنّهم لا يعرفون طبيعة النوايا الروسية حتى الآن، إذ يقولون في السر إن سبب ذلك يرجع بنسبةٍ كبيرة إلى قلة المعلومات الاستخباراتية عن النقاشات الدائرة بين بوتين -صاحب القرار النهائي في مسألة غزو أوكرانيا- ودائرته الداخلية.
بينما صرح وزير الخارجية أنتوني بلينكن، خلال مؤتمرٍ صحفي مشترك مع وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا، الأربعاء 10 نوفمبر/تشرين الثاني، قائلاً: "لم تتضح لنا نوايا موسكو بعد، لكننا نعرف أسلوبها"، وأضاف بلينكن أن تحركات روسيا الأخيرة تُذكرنا بغزو شبه جزيرة القرم عام 2014.
من جانبها، تُحاول وزارة الدفاع فهم هدف روسيا النهائي، بحسب ما قاله السكرتير الصحفي للبنتاغون جون كيربي، الأسبوع الماضي. إذ أردف: "نستمر في رصد نشاطٍ عسكري غير معتاد داخل روسيا، لكنه قريبٌ من الحدود الأوكرانية، وما نزال قلقين بهذا الشأن. لم تتضح لنا ماهية النوايا الروسية تحديداً، لذا من الواضح أننا نريد فهمها بشكلٍ أفضل".
حيث قالت عدة مصادر مطلعة على مجتمع الاستخبارات، إننا "لا نعلم حتى الآن ما إذا كانت روسيا تنوي شن حملةٍ عسكرية لغزو أوكرانيا". لكن المصادر أوضحت أن الاتجاهات الحالية تُثير القلق. إذ قال مسؤولون إن وجود قوات سبيتسناز الخاصة الروسية وعملاء مديرية المخابرات الرئيسية وخدمة المخابرات الخارجية على الأرض قد زاد من المخاوف بشأن مدى جدية روسيا في تحركاتها لتوسيع قدراتها هناك، حتى تضمن مجموعة متكاملة من تكتيكات الحرب الهجينة.
الأمر وصل إلى أوكرانيا
إذ أطلع المسؤولون الأمريكيون المسؤول الأوكراني البارز أندريه يرماك ووزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا على تلك المخاوف في أثناء وجودهما بواشنطن يوم الأربعاء، بحسب شخصٍ مطلعٍ على تلك اللقاءات.
كما شاركوا معهما معلومات حول الكيفية التي قد تُطبق بها روسيا تلك التكتيكات الهجينة في البداية؛ وذلك في محاولةٍ منهم لتحفيز الأوليغارشية وقوات الأمن الأوكرانية مبكراً حتى وتهيئتهم لغزوٍ روسي كبير.
يقول كوليبا: "ما سمعناه اليوم في واشنطن العاصمة يتوافق مع النتائج والتحليلات التي توصلنا لها، ويُضيف إليها عناصر جديدة تُزوّدنا بصورةٍ أفضل وأكثر شمولاً".
في حين من المتوقع أن يُسافر وزير الدفاع الأوكراني الجديد، أليكسي ريزنيكوف، إلى واشنطن، الأسبوع الجاري؛ لحضور لقاءٍ "تقديمي" مع وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، وفقاً لكيربي. وسوف يُناقش كلاهما الوضع الأمني الإقليمي، بحسب تصريحات كيربي لشبكة CNN الأمريكية.
دائرةٌ لا تُخترق
عانت الولايات المتحدة، من أجل اختراق أرفع مستويات الكرملين منذ عام 2017، حين تم سحب أحد المصادر الأمريكية السرية رفيعة المستوى داخل الحكومة الروسية، بسبب مخاوف تتعلق بسلامته.
يُعرف عن بويتن امتلاكه دائرةً داخلية من المستشارين لا تُخترق، لذا فإنّ عدد المصادر المحتمل أن تكون مطلعة على المعلومات المهمة صغيرٌ للغاية.
كما أن انتشار أدوات المراقبة الرقمية في موسكو يزيد صعوبة التجسس البشري التقليدي كثيراً.
إذ قال مدير الاستخبارات الوطنية السابق، جيمس كليبر: "نحن أمام اتجاهين متوازيين هنا. أحدهما هو الصعوبة البالغة لتوظيف الجواسيس تحت أي ظرف، وثانيهما مدى الانفتاح والشفافية المتاحة اليوم، لأن الجميع يتركون بصمةً رقمية".
المتحدث ذاته أردف أن الاستخبارات البشرية "صارت صعبة، وهذا لا يعني أننا توقفنا عن جمع المعلومات عن طريق البشر". لكن في حالة بوتين، قد لا يكون الوصول إلى مصدرٍ بشري مقرب، ممكناً.
وتابع كليبر: "صانع القرار في روسيا شخصٌ واحد فقط: إنه بوتين. وانطباعي أنّه لا يتشاور مع أحد".
بينما قال مصدرٌ مطلع آخر إنه في غياب النظرة الموثوقة على دوافع بوتين وعملية صنع قراره؛ "فإنّ أفضل ما يمكننا فعله هو اعتراض أكبر قدرٍ ممكن من الإشارات الاستخباراتية ومحاولة ردعهم عن الغزو".