بعد مرور سنة، لم يخرج المجلس الوطني للأئمة في فرنسا للوجود، رغم أن الرئيس الفرنسي أعطى مهلة 6 أشهر لتشكيل هذه المؤسسة، التي قال إنها ستنظم عمل المساجد في الجمهورية.
ويقول الرئيس الفرنسي إن تشكيل المجلس الوطني للأئمة جاء في إطار سيُمنح حصرياً المسؤولية عن تدريب الأئمة ومنحهم شهاداتهم، وتعيين مدى انصياعهم وتوافق اتجاهاتهم مع ميثاق الجمهورية الذي سعى إلى تحويل الإسلام في فرنسا إلى "إسلام فرنسي".
دين على مقاس فرنسا
حسب المعلومات التي كشف عنها إمام يعيش في فرنسا لـ"عربي بوست" فإن مشروع المجلس الوطني للأئمة تم الصمت عنه لأكثر من سنة، رغم أن الرئيس أعطى مهلة 6 أشهر فقط لإخراجه وبدء العمل به.
المصدر الذي فضل الحديث دون الكشف عن هويته قال إن الأئمة في فرنسا الآن أصبحوا خائفين حتى من الحديث عن تأخر إخراج المجلس الذي تحدث عنه ماكرون، والخوف وصل إلى درجة الهروب من الحديث لوسائل الإعلام عن الموضوع.
واعتبر المصدر ذاته أن مشروع المجلس الوطني للأئمة خرج مائلاً من الخيمة منذ اليوم الأول، فالرئيس أقصى الأئمة من المشاورات والحوار الذي تم مع أعضاء المجلس الوطني للديانة الإسلامية في فرنسا، قصد الإعداد لـ"ميثاق الجمهورية".
وتساءل المصدر نفسه،: كيف كان سيكون هذا المجلس الذي يُعنى بأمور الأئمة دون إشراكنا لا في الحوار ولا في الإعداد، ومن يقول الآن إنهم يعدون لإخراجه بالصيغة النهائية دون العودة لنا، ونتفاجأ كما حصل قبل سنة.
وكان أعضاء مجلس الديانة الإسلامية في فرنسا قد اجتمعوا مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قصد إعداد ميثاق الجمهورية، وتأسيس المجلس الوطني للأئمة في 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2020 وهو المكلف بضبط عمل الأئمة بما يتماشى مع قيم العلمانية.
دعاية انتخابية
مصدر "عربي بوست"، الذي يشتغل إمام ضواحي باريس، قال في حديثه إن فرنسا لا تحتاج لا لميثاق الجمهورية ولا حتى للمجلس الوطني للأئمة، لأن الإسلام الفرنسي موجود فعلاً، والمسلمون يعبدون الله وفق قوانين فرنسا ولم يحيدوا عنها يوماً.
واعتبر المصدر أن فرنسا تدفع باتجاه أن يقر جميع الأئمة بأنه لا توجد عنصرية تجاه المسلمين، لكنها بالعكس تصادر حرية المعتقد وتنكر ذلك، لأن خطاب قصر الإليزيه والجمعية الوطنية مغاير لما يقع في الحقيقة.
الصمت على وعد الرئيس ماكرون بإخراج المجلس الوطني للأئمة اعتبره مصدر "عربي بوست" خوف ماكرون من اتخاذ أي خطوة قد لا تنفعه في الانتخابات المقبلة، خصوصاً أن المنافسة كبيرة بينه وبين مرشحين آخرين.
وقال المصدر إن ماكرون لن يضيع من يديه ورقة المسلمين في الانتخابات، خصوصاً أنه يملك حظوظاً كبيرة في كسب ثقة الجالية المسلمة، لأن أكبر منافسيه، وهما مارين لوبين وإيريك زمور يتبنيان شعارات اليمين المتطرف، الذي لن يخدم الإسلام في فرنسا.
واعتبر المصدر أن دور مجلس الجالية الإسلامية في فرنسا يتجلى في هذه الأوقات، فلا يمكن لنا أن نكون لعبة تسلية للإليزيه، ونكون ورقة انتخابية تُخرج في وقت يناسب الرؤساء ويُعاد إدخالها في وقت لا تنفع فيه.
وحسب المصدر، فإن دور مجلس الجالية أصبح مقتصراً على التهنئة وإدانة أعمال التخريب التي تطال المساجد في عدد من المدن الفرنسية من طرف متطرفين، دون أن يضغط لاتخاذ إجراءات صارمة تحمي كرامتنا.
وأشار المصدر إلى أن أغلب الأئمة أصبحوا خائفين، فمن يتكلم تُلصق به تهمة الإرهاب أو التشدد والتطرف، وبالتالي الأمر كله أصبح بيد مجلس الجالية المسلمة الذي يبقى له في الأخير الحق في محاورة قصر الإليزيه.