حذَّر كريستيان شميدت، الممثِّل الأعلى للبوسنة والهرسك بالأمم المتحدة، من أن البلاد في خطرٍ وشيكٍ بالتفكُّك، وهناك احتمالٌ "حقيقي للغاية" للعودة إلى الصراع، إذا نفَّذَ الانفصاليون الصرب تهديدهم بإعادة إنشاء جيشهم الخاص، وتقسيم القوات المسلَّحة الوطنية إلى قسمين، حسبما جاء في تقرير للأمم المتحدة.
حسب تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية، الأربعاء 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، فإن المسؤول نفسه طالب بإعادة إرسال مزيد من قوات حفظ السلام؛ لوقف الانزلاق نحو حربٍ جديدة.
تهديد وجودي يهدد البوسنة
تتمثَّل مهام حفظ السلام الدولية بالبوسنة حالياً في قوة الاتحاد الأوروبي المتبقية (يوفور)، التي يبلغ قوامها 700 فرد، ويحتفظ الناتو بموطئ قدمٍ رسمي ومقره سراييفو.
أما التفويض الممتد لعامٍ كاملٍ لكليهما، فهو قيد التجديد هذا الأسبوع في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لكن روسيا هدَّدَت بمنع أيِّ قرار ما لم تُزل جميع الإشارات إلى الممثِّل الأعلى، مِمَّا يقوِّض سلطة شميدت بصفته المشرف على اتفاق دايتون للسلام لعام 1995.
في أول تقريرٍ له منذ توليه المنصب في أغسطس/آب الماضي، حذَّرَ شميدت، الوزير السابق بالحكومة الألمانية، من أن البوسنة "تواجه تهديداً وجودياً في فترة ما بعد الحرب".
إذ يهدِّد زعيم صرب البوسنة، مليوراد دوديك، بالانسحاب من المؤسَّسات على مستوى الدولة، وضمنها الجيش الوطني الذي شُكِّلَ بمساعدةٍ دولية على مدار ربع القرن الماضي، وإعادة تشكيل قوة صربية.
في 14 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قال دوديك إنه سيجبر الجيش البوسني على الانسحاب من جمهورية صربسكا (النصف الغربي من البوسنة) من خلال تطويق ثكناته، وإنه إذا حاوَلَ الغرب التدخُّل عسكرياً، فلديه "أصدقاءٌ" وعدوا بدعم قضية الصرب، في إشارةٍ مُفترَضة إلى صربيا وروسيا.
فقد أجرت شرطة صرب البوسنة تدريبات "لمكافحة الإرهاب" الشهر الماضي، على جبل جاهورينا، حيث قصفت القوات الصربية سراييفو خلال حصار 1992-1995.
انفصال "غير معلن"
كتب شميدت في تقريرٍ سلَّمه إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الجمعة 29 أكتوبر/تشرين الأول: "هذا بمثابة انفصال دون أن يُعلَن".
قال كذلك إن تصرُّفات دوديك "لا تهدِّد السلام والاستقرار في البلاد والمنطقة فحسب، بل قد تؤدِّي -إذا لم يردّ عليها المجتمع الدولي- إلى إلغاء اتفاق سلام دايتون نفسه".
كما أضاف الممثِّل الأعلى أنه من الممكن أن تكون هناك اشتباكاتٌ بين وكالات إنفاذ القانون الوطنية البوسنية وشرطة صرب البوسنة.
وحذَّر شميدت من أنه "إذا انقسمت القوات المسلَّحة للبوسنة والهرسك إلى جيشين أو أكثر، فإن مستوى الوجود العسكري الدولي سيتطلَّب إعادة تقييم".
المتحدث ذاته صرح بأن "عدم الاستجابة للوضع الحالي من شأنه أن يعرِّض اتفاقية دايتون للخطر، في حين أن عدم الاستقرار بالبوسنة والهرسك ستكون له تداعياتٌ إقليمية أوسع". وأضاف أن "احتمالات مزيد من الانقسام والصراع حقيقية للغاية".
موسكو تعارض
فيما صدرت تحذيرات شميدت بينما كان مجلس الأمن الدولي يُعِد قراره السنوي بتجديد تفويض حفظ السلام لقوة "يوفور". وتهدِّد موسكو بمنع القرار ما لم تُزَل الإشارات كافة إلى الممثِّل الأعلى.
كان الكرملين قد عارَضَ تعيين شميدت من قِبَلِ مجلس تنفيذ السلام، وهو هيئة مُخصَّصة متعدِّدة الجنسيات أُنشِئَت لتنفيذ اتفاقية دايتون للسلام، ورَفَضَ الاعتراف بسلطته.
وقال دبلوماسي على اطِّلاعٍ على المناقشات: "أظن أن ما تريده روسيا حقاً هو التخلُّص من سلطة مكتب الممثِّل الأعلى".
من جانبه، صرح كيرت باسنر، المؤسس المشارك والشريك الأول في مجلس سياسة التحوُّل الديمقراطي، وهو مركزٌ بحثيٌّ مقره برلين: "يبدو أن الأمريكيين والبريطانيين والفرنسيين قد وافقوا فعلياً على إزالة الإشارات إلى الممثِّل الأعلى، تلك الإشارات التي كانت بمثابة لغةٍ معيارية في جميع القرارات السابقة"، مضيفاً: "ورغم أن ذلك لا يُضعف الممثِّل الأعلى من الناحية القانونية، فهو يُضعِفه بصورةٍ مؤكَّدة من الناحية السياسية".