روى معتقل باكستاني معتقل في سجن غوانتانامو الأمريكي تفاصيل "مروعة" عن تعرضه للتعذيب و"الاغتصاب" خلال فترة اعتقاله، وذلك في أول شهادة علنية يُدلي بها معتقل أمام محكمة أمريكية، الجمعة 29 أكتوبر/تشرين الأول 2021.
مجيد خان (41 عاماً) مرسال تنظيم القاعدة السابق، لم يوفر أي تفصيل في روايته أمام القضاة العسكريين في أمريكا، في محكمة قضت بسجنه 26 عاماً.
يُشار إلى أن تحقيقاً أجراه مجلس الشيوخ الأمريكي حول استخدام وكالة "سي آي إيه" للتعذيب بعد اعتداءات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 2001 دعم حق خان في الإدلاء بشهادته التي تعتبر أول رواية علنية عن التعذيب الذي تمارسه وكالة الاستخبارات الأمريكية، أمام القضاء الأمريكي.
تفاصيل مروعة
ففي رسالة من 39 صفحة تليت على الحضور، روى مجيد خان الذي ترعرع في باكستان قبل أن يهاجر مع عائلته إلى الولايات المتحدة، أنه علق بسلاسل على مدى أيام متتالية عارياً ومن دون طعام في زنزانات من دون نوافذ في سجون سرية لـ"سي آي إيه" في دول مجهولة.
فقد نقل خان بين العامين 2003 و2006 إلى أماكن سرية مختلفة، وتحدث عن عمليات استجواب وحشية مع وضعه وهو ملثم الوجه في مغطس يحوي مياهاً مثلجة مع إبقاء رأسه تحت الماء إلى حين يتكلم.
قال خان: "كانوا يكيلون الضربات إلى أن أرجوهم التوقف. الأسوأ من ذلك هو عدم معرفة متى سيبدأ الضرب ومن أين سيأتي".
التعاون لم يوقف التعذيب
وهدده مستجوبوه بالاقتصاص من عائلته في الولايات المتحدة واغتصاب شقيقته. وكسرت نظارته مؤكداً أنه شبه أعمى من دونها، مشيراً إلى أنه انتظر "ثلاث سنوات للحصول على نظارات أخرى".
كان يجد نفسه في حالة ضياع بعد حرمانه من النوم لعدة ليالٍ متتالية. ويوضح "أذكر أني أصبت بالهذيان وأني رأيت بقرة وسحلية ضخمة. فقدت أي اتصال بالواقع".
يقول خان إنه أرغم على تلقي الغذاء عبر فتحة الشرج من خلال أنبوب عندما أضرب عن الطعام، ما ترك ندوباً دائمة.
وقد أدخل أنبوب ري في فتحة الشرج أيضاً لمعالجته من الجفاف على ما قيل له. ويوضح: "اغتصبني أطباء السي آي إيه. فعندما كنت مكبلاً أدخلوا الأنابيب وأشياء أخرى في شرجي".
وجُنّد مجيد خان من قبل أفراد من عائلته ينتمون إلى تنظيم القاعدة خلال زيارة له لباكستان. وأدلى باعترافات بعد أيام قليلة على إلقاء القبض عليه في الخامس من آذار/مارس 2003 في كراتشي.
حيث أقر بأنه شارك في محاولة اغتيال الرئيس الباكستاني وأنه سلّم مبلغ 50 ألف دولار إلى عناصر في تنظيم القاعدة في إندونيسيا لتمويل اعتداء على فندق.
أضاف مجيد خان: "في كل مرة كنت أتعرض فيها للتعذيب كنت أقول لهم ما كنت أظن أنهم يريدون سماعه. كنت أكذب لكي يوقفوا العنف"، لكن "كلما تعاونت وتكلمت، زاد التعذيب".
انتهاك للقانون وحقوق الإنسان
من جانبها، قالت كاتيا حيستين، إحدى محاميات مجيد خان: "كلام مجيد القوي يعرّي الفظائع المدمرة التي ارتكبتها حكومتنا باسم الأمن القومي"، وأضافت: "برنامج السي آي إيه كان فاشلاً وينتهك مبادئنا الديمقراطية ودولة القانون".
انتقل مجيد خان في سن السادسة عشرة إلى بالتيمور على بعد خمسين كيلومتراً من واشنطن حيث تعلم الإنجليزية في محطة الوقود التي يملكها والده قبل أن يتابع دراسته في مدرسة محلية.
وحصل على حق الحديث علناً عما تعرض له عندما قرر الاعتراف بالتهم الموجهة إليه عام 2012 وأكد أنه يندم على أفعاله.
وأوضح: "أنا معتقل منذ عشرين عاماً تقريباً انفرادياً، لقد دفعت الثمن غالياً. أنا أنبذ القاعدة وأنا نادم على الإرهاب"، لكنه قال أمام المحكمة إنه غير حاقد على الذين عذبوه.
وأكد: "سأشعر بالسكينة عندما أسامح نفسي وأسامح الآخرين على الأذية التي ألحقوها بي. أقول للذين عذبوني: أنا أسامحكم جميعاً".
وحكمت عليه هيئة المحلفين بالسجن 26 عاماً على ما قال ناطق باسم المحكمة العسكرية، لكن بموجب اتفاق أبرم سابقاً مع القاضي عندما اعترف بالتهم الموجهة إليه، يمكن الإفراج عنه اعتباراً من العام المقبل.