أعلن قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان، الخميس 28 أكتوبر/تشرين الأول 2021، أن عبد الله حمدوك هو أول المرشحين لمنصب رئيس الوزراء المرتقب رغم تحفُّظه، مؤكداً تجديد محاولاتهم إقناعه بإكمال المسيرة، على حد قوله.
تلفزيون السودان نقل عن البرهان، مساء الخميس، قوله خلال لقاء مع تجمُّع حراك ثوار ديسمبر المستقلين وتحالف الكتل الثورية، إنه قبل إجراءات التصحيح جلس مع حمدوك أكثر من مرة وتحدث معه بصراحة، مضيفاً: "قلت له: لنخرج معاً ونصحح هذا الوضع، وكان متفقاً معنا في أن هذه الحالة لا تقود للأمام، ولكن حدثت تدخلات من بعض الأطراف عطلت هذا الأمر، ولمّا رأينا أن الوضع لا يُحتمل سِرنا وحدنا"، وفق ما نقلته وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية المصرية عنه.
تدهور الأوضاع في السودان
أضاف البرهان كذلك: "قناعتنا أنه لن يحكم هذا الشعب شخصٌ أو حزبٌ يُملي عليه أيديولوجية معينة"، وقال: "صبرنا أكثر من عامين، وكنا نراقب عن كثبٍ التدهور في كل مناحي الحياة والذي تسببت فيه فئة قليلة تشبثت بالحكم وابتعدت عن تطبيق الوثيقة الدستورية؛ الأمر الذي دفع بالقوات المسلحة إلى تصحيح المسار".
في المقابل جدد البرهان تأكيد قيام المجلس التشريعي والمحكمة الدستورية وهياكل الولايات وحكومة كفاءات، حسب ما نصت عليه الوثيقة الدستورية.
رغم محاولة تسويق البرهان انقلابه، على أنه حركة تصحيح، فإن الجيش السوداني يواجه معارضة متزايدة للانقلاب الذي شهدته البلاد، وذلك بعد أن تعهد مسؤولو أجهزة الدولة في الخرطوم بالعصيان المدني، وسعى ناشطون إلى حشد الجماهير لمظاهرات ضخمة خلال أيام.
كان الانقلاب الذي قاده الفريق عبد الفتاح البرهان، الإثنين الماضي، على الحكومة المدنية قد دفع الآلاف للخروج إلى الشوارع، رافضين عودة الحكم العسكري ومطالبين بعودة ترتيبات الانتقال للحكم المدني إلى مسارها.
في بيان نُشر على فيسبوك، قالت وزارات وأجهزة رسمية بولاية الخرطوم، أكثر ولايات البلاد ازدحاماً بالسكان والتي تضم العاصمة ومدينة أم درمان المتاخمة لها، إنها لن تتنحى أو تسلم سلطاتها. وأعلنت هذه الهيئات الإضراب العام رغم أنها ستواصل توفير الطحين (الدقيق) وغاز الطهي والرعاية الطبية للحالات الطارئة.
خدمات الطوارئ
في المقابل ظلت السوق الرئيسية والبنوك ومحطات الوقود بالخرطوم مغلقة يوم الخميس، فيما كانت المستشفيات تقدم خدمات الطوارئ فقط. وفتحت متاجر صغيرة أبوابها، لكن طوابير طويلة تشكلت للحصول على الخبز.
في بادرة على استمرار الدعم الغربي للحكومة المدنية المعزولة، نشر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، الليلة الماضية، تغريدة قال فيها إنه تحدث هاتفياً مع وزيرة الخارجية مريم الصادق المهدي.
قال بلينكن إنه يدين القبض على القيادات المدنية في السودان، وإنه بحث مع وزيرة الخارجية "أفضل السبل التي يمكن أن تدعم الولايات المتحدة بها مطالبة الشعب السوداني بالعودة إلى الانتقال للديمقراطية بقيادة مدنية".
في المقابل قال مصدر مقرب من رئيس الوزراء المعزول عبد الله حمدوك، إنه لا يزال ملتزماً بالانتقال الديمقراطي المدني وأهداف الثورة التي أطاحت بالحكم الدكتاتوري للرئيس السابق عمر البشير قبل عامين. وسمحت سلطات الانقلاب لحمدوك بالعودة إلى بيته تحت الحراسة يوم الثلاثاء، بعد أن كان محتجزاً في مقر إقامة الفريق البرهان.
اشتباكات مع الأمن
مع تصاعد الأزمة، سقط عدد من القتلى في اشتباكات مع قوات الأمن، ويخشى معارضون أن تستخدم السلطات بقيادة الجيش مزيداً من القوة. وقال المصدر المقرب من حمدوك، إن رئيس الوزراء دعا الجيش إلى تحاشي العنف ضد المحتجين.
في حين يوزع معارضو الانقلاب منشورات تدعو إلى "مسيرة مليونية" يوم السبت؛ احتجاجاً على الحكم العسكري، بالاعتماد على وسائل قديمة للحشد الشعبي بعد أن قلصت السلطات استخدام الإنترنت والهواتف.
إلى ذلك تجري الدعوة إلى المسيرة تحت شعار "ارحل"، وهو الشعار الذي استُخدم في الاحتجاجات التي أطاحت بالبشير.
كان السودان شهد أزمة اقتصادية عميقة بلغ فيها التضخم مستويات قياسية وشهدت نقصاً في السلع الأساسية. لكن الفترة الأخيرة شهدت بعض علامات التحسن التي ساهمت فيها مساعدات قال كبار المانحين الغربيين إنها ستتوقف ما لم يتغير المسار بعد الانقلاب.