قال نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي، موسى الكوني، الإثنين 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، إن الجرائم التي شهدتها مدينة ترهونة، جنوب العاصمة طرابلس، شبيهة بما حدث "من مذابح في البوسنة والهرسك ورواندا"، لافتاً إلى تواصلهم مع هولندا للاستعانة بخبرتها في متابعة "جرائم البوسنة".
جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده "الكوني" حول الإجراءات التي تم اتخاذها بشأن الجرائم المرتكبة ضد المدنيين في مدينة ترهونة، وآخر ما تم اتخاذه بخصوص المقابر الجماعية.
حيث أكد نائب رئيس المجلس الرئاسي أن مدينة ترهونة "تعرضت لما يشبه إبادة جماعية بأفعال إجرامية مجردة من الإنسانية؛ ففي كل مكان يتم النبش فيه يتم اكتشاف العديد من جثث الرجال والنساء والشيوخ والأطفال وعائلات بأكملها أُبيدت"، منوهاً إلى أن السلطات الليبية ستعمل لتحقيق العدالة لذوي الضحايا.
إنشاء محكمة خاصة
فيما أوضح "الكوني" أن المجلس الرئاسي اقترح إنشاء محكمة خاصة بجرائم ترهونة التي أكد أنها تحولت إلى ما يشبه "مقبرة جماعية"، مضيفاً أنه لا بد من الاستعانة بالمجتمع الدولي، لأن الوتيرة التي تقوم بها الجهات المحلية في الدولة "بطيئة جداً"، وفق قوله.
كما طالب المتحدث ذاته المجتمع الدولي بأن تكون وقفته كبيرة؛ من أجل مساعدتهم في عمليات البحث والتعرف للكشف عن المقابر والجثث التي تحويها والتعرف عليها.
ودعا نائب رئيس المجلس الرئاسي وزارة الشؤون الاجتماعية إلى معالجة الآثار الاقتصادية والاجتماعية لأسر الضحايا.
في هذا الإطار، لفت إلى أنهم قاموا بتشكيل غرفة عمليات أمنية لمتابعة الأشخاص الذين حُررت ضدهم بعض التهم من قِبل الأجهزة الأمنية، موضحاً أن بعض هؤلاء الأشخاص في الداخل وآخرون بالخارج، في حين أصدر النائب العام طلبات لـ"الإنتربول" بملاحقة مَن هم في الخارج.
تابع "الكوني": "المطلوبون حتى في الداخل، من الصعب أن نصل إليهم بسهولة، ولا بد أن يكون هناك زخم أمني مشترك لتقديمهم للعدالة".
أوامر بضبط المتورطين في الجرائم
كان النائب العام الليبي، الصديق الصور، قد كشف، الثلاثاء 19 أكتوبر/تشرين الأول 2021، أنه تم ضبط عدد من المتورطين في جرائم ترهونة، وأن هناك أوامر ضبط بحق آخرين.
إذ قال "الصور"، في تصريحات لقناة "ليبيا الأحرار" (خاصة)، إن "جرائم الإبادة الجماعية لا تسقط بالتقادم ولا التسويات السياسية، وفقاً للقوانين النافذة في البلاد".
أضاف: "ما زلنا نضغط على الجهات الأمنية للقبض على المتهمين في جرائم المقابر الجماعية"، مشدداً على أن "ملاحقتهم لن تسقط بالتقادم".
فيما أشار إلى أن النيابة العامة "جمّدت حسابات مصرفية للعديد من المتهمين بالتورط في جرائم المقابر الجماعية".
كذلك أشار نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي إلى أنهم جميعاً مسؤولون عن نزيف ترهونة، وقال: "نحن لا نريد أن نستغل هذا الأمر سياسياً ولا انتخابياً".
80 مقبرة جماعية وفردية
كانت الهيئة العامة للبحث والتعرف على المفقودين (رسمية) قد أعلنت، قبل أيام، انتشال رفات 25 جثة من 5 مقابر جماعية وفردية في مكب للقمامة بمدينة ترهونة.
بذلك بلغ إجمالي ما تم اكتشافه في ترهونة، منذ يونيو/حزيران من العام الماضي، 80 مقبرة جماعية وفردية، منها 55 بمنطقة "مشروع الربط"، و16 في "المشروع الزراعي 5 كيلو"، و7 في "مكب القمامة".
من حين إلى آخر، يتم العثور على مقابر جماعية بها رفات في مناطق كانت تسيطر عليها ميليشيا اللواء المتقاعد خليفة حفتر، التي قاتلت لسنواتٍ حكومة "الوفاق الوطني" السابقة، المعترف بها دولياً.
في حين أعلنت الهيئة الليبية، في مارس/آذار الماضي، أن عدد المفقودين المسجلين لديها بلغ 3 آلاف و650 من مدن مختلفة، منهم 350 مفقوداً من ترهونة.
يشار إلى أنه في 16 مارس/آذار الماضي، شهد البلد الغني بالنفط انفراجاً سياسياً، حيث تسلمت سلطة انتقالية منتخبة، تضم حكومةَ وحدةٍ ومجلساً رئاسياً، مهامها لقيادة البلاد إلى انتخابات برلمانية ورئاسية، في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل.
لكن مؤخراً، عاد التوتر بين مؤسسات الحكم في ليبيا، من جراء خلافات بين مجلس النواب من جانب والمجلس الأعلى للدولة وحكومة الوحدة والمجلس الرئاسي من جانب آخر، خاصة على الصلاحيات ومشاريع القوانين الانتخابية، وسحب الثقة من الحكومة.
كما أن حفتر لا يزال يتصرف بمعزل عن الحكومة الشرعية، ويسيطر على مناطق ليبية، ويقود ميليشيا مسلحة، وسبق أن أطلق على نفسه لقب "القائد الأعلى للقوات المسلحة"، منازعاً المجلس الرئاسي في صلاحياته.