منع نائبتين من دخول البرلمان وغليان في الشارع واتهامات بالتضييق.. إجبارية جواز التلقيح تثير الجدل بالمغرب

عربي بوست
تم النشر: 2021/10/25 الساعة 14:07 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/10/25 الساعة 14:53 بتوقيت غرينتش
مدرعة للجيش المغربي في الرباط تدعو السكان إلى لزوم المنازل سعيا لمكافحة فيروس كورونا

حوَّل القرار الذي اتخذته الحكومة المغربية بخصوص إجبارية حمل جواز التلقيح في المغرب للولوج إلى الفضاءات العمومية، مواقع التواصل الاجتماعي، وساحات المدن إلى حلقات للنقاش، حول الأحقية في اتخاذ هذا القرار.

واحتج أمس الأحد، 24 أكتوبر/تشرين الأول 2020 المئات من المواطنين المغاربة في عدد من المدن، بسبب القرار الحكومي المتخذ قبل أسبوع، والذي يفرض حمل جواز اللقاح للدخول إلى الأماكن العمومية.

ومُنعت اليوم الإثنين 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، نائبتان برلمانيتان من دخول البرلمان المغربي دون إظهار جواز التلقيح لرجال الأمن، إذ ظهرت إحداهما واقفة بالبوابة الخلفية للمؤسسة التشريعية.

ويتعلق الأمر بكل من البرلمانية نبيلة منيب، الأمينة العام للحزب الاشتراكي الموحد، وفاطمة الزهراء التامني النائبة البرلمانية عن حزب فيدرالية اليسار، اللتين رفضتا إظهار جواز التلقيح. 

النائبة نبيلة منيب في بوابة البرلمان (مواقع التواصل الاجتماعي)
النائبة نبيلة منيب في بوابة البرلمان (مواقع التواصل الاجتماعي)

وترفض النائبة البرلمانية نبيلة منيب التطعيم ضد فيروس كورونا، وهو الموقف الذي أعلنت عنه في أكثر من مناسبة، كما أنها كشفت عن اتجاهها للمحكمة الدستورية للطعن في القرار الحكومي.

القرار الذي اتخذته الحكومة الجديدة، بقيادة عزيز أخنوش، خلق غلياناً في الشارع المغربي، وأيضاً على مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما اعتبر الرافضون للقرار، أنه ضد القانون وضد الدستور، وضد عدم إجبارية التلقيح التي تبناها المغرب منذ انطلاق العملية.

أيضاً وقع أكثر من 20 ألف حقوقي وسياسي في المغرب، عريضة إلكترونية تطالب بإلغاء القرار، إجبارية حمل جواز التلقيح، ومنح المواطنين مهلة لترتيب أمورهم واختيار الاستجابة أو لا لقرار الحكومة.

غليان في الشارع

وخرج عدد من الرافضين لقرار الحكومة الذي اتخذ الأسبوع الماضي، للاحتجاج ضد إلزامية حمل جواز التلقيح في المغرب، كوثيقة رسمية تُخول للمواطنين قضاء حاجياتهم اليومية.

واكتظت مراكز التلقيح في عدد من المدن المغربية، إذ أجبر القرار الحكومي عدداً من المواطنين على التطعيم ضد فيروس كورونا، ليس خوفاً من هذا الأخير، ولكن خوفاً من حد حُريتهم لأنهم لا يملكون جواز التلقيح في المغرب.

وحسب الأرقام المعلنة على موقع وزارة الصحة والحماية الاجتماعية في المغرب، فإن أكثر من مليون ونصف المليون مواطن تلقوا تلقيحهم الأسبوع الماضي ضد فيروس كورونا.

وأظهرت الفيديوهات المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي مواجهات بين المواطنين الذين خرجوا للشارع، وبين عناصر من الشرطة، التي كانت تُطالب بإشهار جواز التلقيح، الأمر الذي رفضه العديد من المارة.

والتجأت الشرطة في العاصمة الرباط إلى تفريق وقفة احتجاجية لعدد من المواطنين، رفعوا أصواتهم أمام البرلمان مطالبين بإلغاء قرار حمل جواز التلقيح في المغرب، وإشهاره لأشخاص لا يملكون صفة الاطلاع على المعطيات الشخصية.

جواز التلقيح في المغرب يقيد الحرية

وأغرت الحكومة المواطنين بالتلقيح قصد الحصول على جواز يُمكِّنهم من التنقل بين المناطق والأقاليم المختلفة، وعبر وسائل النقل الخاصة أو العمومية، شريطة حصوله على "جواز التلقيح"، وأيضاً وثيقة للسفر إلى الخارج وإلغاء تصاريح التنقل السابقة.

وقالت الحكومة في بيانها إن المواطن الذي لا يحمل جواز التلقيح لا يُمكنه دخول الإدارات العمومية والخاصة، ولا حتى الفنادق والأماكن السياحية والمطاعم والمقاهي والمحلات التجارية وقاعات الرياضة.

وأمام هذه الشروط، رفض عدد من المغاربة الإجراءات الحكومية الجديدة، واعتبروها تقييداً لحرية المواطنين، بالإضافة إلى إعطاء الحق لشخصٍ آخر ليس له صفة ضبطية ولا قانونية بالاطلاع على المعطيات الشخصية المدونة في جواز اللقاح.

ويكشف جواز التلقيح في المغرب بعض المعطيات الشخصية، بالإضافة إلى الاسم والنسب، مثل رقم البطاقة الوطنية، ونوع اللقاح المستعمل، الأمر الذي دفع المعارضين للجواز إلى رفضه.

القانون يقول لا

وأعلنت نقابة المحامين بالمغرب، رفضها للقرار الحكومي الرامي بإلزامية التلقيح بشكلٍ غير مباشر ضد فيروس كورونا للتنقل بين المدن والأقاليم، ودخول المؤسسات العامة والخاصة.

وقالت النقابة في بيان لها نهاية الأسبوع الماضي إن "الظرفية الاستثنائية التي يعيشها البلد، لا يجب أن تكون مبرراً لتمرير قرارات تتضمن تراجعاً عن مكتسبات حقوقية، ومقتضيات مخالفة للدستور".

وأضاف المصدر ذاته أن "فرض إجبارية جواز التلقيح يثير إشكالات قانونية وحقوقية تتعلق أساساً بحرمان المواطنات والمواطنين من الاستفادة من الخدمات العمومية، وكذا حرمانهم من حقوقهم الدستورية".

رفض حقوقي 

المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب، وباعتباره مؤسسة دستورية، طالب صباح اليوم الإثنين 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021 باستبدال جواز التلقيح في المغرب بجواز صحي، يعتمد على شهادة الكشف السلبي لفيروس كورونا.

ووجه المجلس الوطني لحقوق الإنسان رسالة إلى رئيس الحكومة المغربي يُطالبه من خلالها بضمان ولوج المواطنات والمواطنين للأماكن العامة وخاصة المصالح العمومية، والتي لا يمكن تقييدهم دون قرار ودون اتخاذ الإجراءات الانتقالية الضرورية، بما لا يمس حقوق الأفراد والجماعات في التمتع بالخدمات العمومية.

وطالب المجلس في مراسلته بضرورة تعزيز التواصل والإرشاد مع المواطنات والمواطنين غير الملقحين، لحد الآن، قصد بلوغ الحماية الجماعية ضد كوفيد-19، بالإضافة إلى اعتماد شهادة طبية تثبت عدم إمكانية أخذ التلقيح، مسلمة من طرف الطبيب المعالج، للأسباب المحددة طبياً وعلمياً.

وقدم المجلس الراعي لحقوق الإنسان في المغرب ملاحظات تتجلى في كيفية منع مواطنين من خدمات عمومية كوسائل النقل، وأماكن التسوق، والإدارات، لعدم توفرهم على وثيقة التلقيح، وتقييد بعض حقوقهم دون إجراءات بديلة.

من جهتها، أصدرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، بياناً لها تعتبر من خلاله أن القرار يُعد "خرقاً سافراً لحقوق دستورية وكونية، وعلى رأسها الحق في حرمة الجسد وضرب حرية التنقل والتجول".

معارضة سياسية

رفض العمل بجواز التلقيح لم يقتصر على المواطنين والحقوقيين، إذ اعتبرت بعض الأحزاب السياسية، أن الحكومة ارتكبت خطأ سياسياً، باتخاذها قراراً ارتجالياً يصعب تنزيله، ويمس بالحقوق الشخصية للأفراد.

وطالب حزب "الاشتراكي الموحد" المعارض، بإلغاء قرار الحكومة إلزامية التلقيح ضد فيروس كورونا للتمكن من التنقل بين المحافظات والمدن، والدخول إلى المؤسسات العمومية والمقاهي.

وأصدر الحزب بلاغاً يندد فيه باعتماد الحكومة قراراً يقضي بإبراز وثيقة تسمى "جواز التلقيح" كشرط حصري أثناء التنقل بين المحافظات والمدن، والدخول إلى المؤسسات العمومية والمقاهي.

واستنكر الحزب القرار وما سماه "استمرار الدولة في ضرب مبادئ حقوق الإنسان عبر فرض إجبارية التلقيح على المواطنات والمواطنين بشكل تعسفي من خلال جواز التلقيح".

ودعا الحكومة إلى "التراجع عن هذا القرار"، مشيراً إلى "احتفاظه بحق اللجوء للمحكمة الدستورية لمعرفة مدى دستورية وقانونية هذا القرار، والسعي وراء إلغائه".

من جهته، وقع نبيل بن عبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية المعارض على عريضة إلكترونية تطالب بإلغاء القرار، معتبراً أن القرار اتُّخذ بطريقة ارتجالية، دون إعطاء مهلة للمواطنين لترتيب أمورهم.

ودعت العريضة الحكومة إلى مراجعة هذا القرار وتحديد مهلة إشعار مسبق، أو تعليق العمل به لمدة شهرين، وذلك للسماح للمواطنين الراغبين في التلقيح بالقيام بذلك خلال فترة زمنية واضحة ونهائية، كي يتحمل كل واحد مسؤوليته.

وكشفت العريضة أن هذه المهلة ستمكِّن من تقييم الشرعية القانونية للقرار وموافقته للمبادئ الدستورية، ومستوى تأثيره على حريات المواطنين المغاربة وحقوقهم الأساسية، ناهيك عن إضفاء متانة المرجعية العلمية على هذا القرار كما أوردنا سابقاً.

تحميل المزيد