سيرة النبي محمد باللغة الأمازيغية.. كاتب جزائري: سابقة من نوعها للدفاع عن الرسول الكريم في وجه الحملات

عربي بوست
تم النشر: 2021/10/22 الساعة 08:50 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/10/22 الساعة 08:50 بتوقيت غرينتش
الكاتب الجزائري إبراهيم تازغارت

في سابقة هي الأولى من نوعها، نشر الكاتب الجزائري إبراهيم تازغارت، مؤخراً، كتاباً يرصد سيرة النبي محمد عليه الصلاة والسلام وحياته باللغة الأمازيغية، وصدر الكتاب في سبتمبر/أيلول 2021، عن منشورات "ثيرا" الجزائرية (خاصة) تحت عنوان: "حياة النبي محمد (ص): على طريق الحقيقة".

وكالة الأناضول التي أوردت الخبر، الجمعة 22 أكتوبر/تشرين الأول 2021، أشارت إلى أنه رغم تناول الأمازيغ، وأغلبهم من المسلمين على مذهب أهل السنة والجماعة، سيرة النبي محمد شفوياً، فإنها المرة الأولى التي يصدر فيها كتاب بلغتهم يتناول حياته.

سيرة النبي محمد بالأمازيغية

عن كتابه يقول تازغارت لـ"الأناضول": إنه "سِفر ممتع مع حياة أكبر رجل عرفه التاريخ البشري الرسول محمد عليه الصلاة والسلام".

أضاف أن الرسول "تعرّض على مر التاريخ لحملات تشويه ممنهجة أثرت مؤخراً حتى على المسلمين المنبهرين بالثقافة الغربية المادية، وقد انساق بعضهم وراء الحرب القذرة التي طالته".

كما أردف قائلاً: "كتبت المؤلَّف انطلاقاً من جغرافية ميلادي بالجزائر، وذكرت في المحور الأول أن من الأوائل الذين اشتغلوا على الحجاز وجزيرة العرب حتى الهند الملك العالم يوبا الثاني (ملك أمازيغي وُلد في القرن الـ52 ميلادي وُلد بهيبون (محافظة عنابة حالياً شرق البلاد)".

تابع: "تناولت في الكتاب محاور أخرى مثل الحالة الدينية والروحية قبل الإسلام عند المماليك الأمازيغية بشمال إفريقيا، وقرار النبي أن تكون وجهة الهجرة الأولى نحو الحبشة (إثيوبيا حالياً) في إفريقيا، وأن ذلك لم يكن عبثاً".

في 7 فبراير/شباط 2016، أصبحت الأمازيغية لغة رسمية في الجزائر عقب تبني البرلمان بأغلبية ساحقة، مراجعة دستورية تنص على ذلك، فيما العربية هي "اللغة الوطنية والرسمية" للدولة.

لسان أمازيغي لمواجهة الحملة

أوضح تازغارت أن من واجبه كأمازيغي مسلم أن يكتب عن حياة الرسول ويحاول تقديمه بلغته.

أرجع ذلك إلى أن "الثقافة الشفوية تحكي عن النبي بإسراف ولكن التدوين خطوة نحو البحث المتمعن في لحظات عيش رجل خرج وحيداً من غار حراء (الذي كان يتعبد فيه الرسول شرق مكة المكرمة وفيه نزلت الآيات الكريمة)، ليُغير مجرى التاريخ الإنساني".

حول أسباب كتابته عن سيرة النبي محمد بالأمازيغية، بيّن أن "الكنيسة بعد نهاية الحروب الصليبية (أواخر القرن الـ13) واصلت حملاتها على الإسلام بالإنتاج الفكري والمعرفي المتبلور فيما سُمي الاستشراق".

أضاف أن الكنيسة "حاربت الإسلام علانية وبوسائل مكشوفة، وأظهر أعداؤه دهاء كبيراً بعملهم على نسف الدين من الداخل عبر زرع أفكار وتصورات تقلل من قيمة الرسول الكريم".

زاد تازغارت أن "الرسول الكريم تعرّض لحملة مُحكمة لإظهاره رجلاً يجري وراء السلطة ولا يتوانى في القتل واستعمال العنف حتى يصل إلى مراده".

الرد على إساءات "شارلي إيبدو"

اعتبر تازغارت، أن رسومات صحيفة "شارلي إيبدو" الفرنسية "عيّنة عن هذه التخيلات والتشويهات التي تراكمت منذ قرون". وعام 2006 نشرت "شارلي إيبدو" (مقرها باريس) رسوماً كاريكاتيرية مسيئة تُظهر النبي محمداً في زي شخصية مسلحة محاطاً بامرأتين محجبتين (ترتديان النقاب).

في 13 يناير/كانون الثاني 2015، أعادت الصحيفة ذاتها نشر رسوم مسيئة للنبي (ص)، بعد أسبوع على تعرضها لهجوم مسلح (7 يناير/كانون الثاني) خلّف 12 قتيلاً من هيئة تحريرها.

أثار ما أقدمت عليه الصحيفة الفرنسية موجة غضب عارمة في العالَمين العربي والإسلامي بحسب ما نقلته وسائل إعلام آنذاك.

بحسب تازغارت، فإن "هذه الحملات الفكرية والإعلامية القوية خلَّفت شروخاً حتى داخل العالم الإسلامي الذي يُراد تجريده من قِيمه وأخلاقه تحت مسمى العولمة".

أضاف: "أصبحت الكتابة ضد الرسول (ص) من شروط النجاح في الغرب، خاصةً فرنسا فيما يخص الجزائر وبلدان المغرب العربي".

من بين إفرازات الاستشراق، وفق تازغارت، "ظهور عوامل جديدة للوحدة في العالم العربي الذي عملت قوى الاحتلال على تسخيره لصالحها في كثير من المناسبات".

كما رأى أن "العروبة تمكنت من زحزحة الإسلام من مكانته كعامل للوحدة وأَعلت الانتماء الإثني واللغوي فوق الانتماء العقائدي". واعتبر أنه "انطلاقاً من هنا بدأت تظهر أسباب تفتت المجتمعات المسلمة ليستحيل لها النهوض مرة أخرى ومواكبة العصر".

فرنسا والأمازيغية

أوضح تازغارت، أن "الأمازيغية من المكونات التي مسَّها الاضطهاد والتعتيم لحقب طويلة من الزمن، بداية من الاستعمار الفرنسي ضد الجزائر (1830-1962)".

قال: "الاستعمار عرّب أسماء الأماكن والأشخاص لكي ينتصر لأطروحته"، معتبراً أن "فرنسا تكملة للوجود الروماني، حيث يتطلب نجاحها محو الوجود الأمازيغي من التاريخ".

بينما لفت إلى "ظهور توجه لا وطني (لم يحدده) يعمل على إضعاف الدولة وتمكين النيوكولونيالية (استعمار جديد فكري ثقافي) من أخذ ثأرها القديم تحت غطاء الخصوصية المنطقوية اللغوية".

أردف أنّ "خلق شرخ بين الانتماءين الأمازيغي والإسلامي يعد من بين أخطر الأسلحة التي تستعملها قوى تشتغل ضمن مشروع الفوضى الخلاقة التي تستهدف منطقتنا وتتكامل مع المشروع العروبي فكرياً ولو في اتجاهات معاكسة".

تحميل المزيد