احتج المئات من أنصار كتل سياسية شيعية في 5 محافظات عراقية، الأحد 17 أكتوبر/تشرين الأول 2021، رفضاً لنتائج انتخابات برلمانية مبكرة أُجريت مطلع الأسبوع الماضي.
هذه النتائج أظهرت تصدر تحالف رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، بـ73 مقعداً من أصل 329 في مجلس النواب.
حيث قال شهود عيان في عدة محافظات إن المئات من أنصار الكتل السياسية الشيعية (الإطار التنسيقي) المعترضة على نتائج الانتخابات خرجوا في احتجاجات واسعة بمحافظات نينوى (شمال) وبابل وبغداد (وسط) والبصرة وواسط (جنوب).
فيما أضافوا أن العشرات من المحتجين أغلقوا طرقاً رئيسية في هذه المحافظات بإطارات مركبات محترقة، وأوقفوا حركة السير، فيما تحاول قوات الأمن التفاوض معهم لإنهاء حالة الفوضى في الشوارع.
يذكر أن "الإطار التنسيقي" يضم قوى سياسية وفصائل من "الحشد الشعبي" (شيعي)، أبرزها "تحالف الفتح" و"دولة القانون" و"عصائب أهل الحق" و"كتائب حزب الله".
كان "الإطار التنسيقي" قد اتهم، الأحد، حكومة تصريف الأعمال، برئاسة مصطفى الكاظمي، وجهات خارجية (لم يسمها) بتزوير نتائج الانتخابات البرلمانية.
أبرز الخاسرين
في حين حصل تحالف "الفتح" على 14 مقعداً فقط، بعد أن حل ثانياً بـ48 مقعداً في انتخابات 2018.
كما يُعتبر تحالف "قوى الدولة" من أبرز الخاسرين، بحصوله على 5 مقاعد فقط، وهو ائتلاف بين زعيم "تيار الحكمة"، عمار الحكيم، ورئيس الوزراء الأسبق، حيدر العبادي (2014-2018).
كان ائتلاف "النصر"، بقيادة العبادي، قد حل عام 2018، في المرتبة الثالثة بـ42 مقعداً، بينما حصل تيار الحكيم على 19 مقعداً.
بينما أفرزت النتائج الرسمية الأولية لانتخابات 2021 صعود قوى ناشئة لأول مرة، بينها "حركة امتداد"، التي شكلها نشطاء في الاحتجاجات الشعبية، إضافة إلى صعود ما لا يقل عن نائبا 20 مستقلاً.
بحسب النتائج المعلنة، تصدر التيار الصدري نتائج الانتخابات، مثلما كان عليه الحال في انتخابات 2018، لكنه زاد مقاعده من 54 إلى 73.
لكن هذا العدد من المقاعد لا يخول للصدر تشكيل الحكومة المقبلة منفرداً، وفي ظل خلافاته الشديدة مع بقية الكتل الشيعية، فهو مضطر للتحالف مع كتل وقوى من السُّنة والأكراد، لضمان تمرير الحكومة في البرلمان بالأغلبية البسيطة (50+1) أي 165 نائباً.
يشار إلى أن كتلة "تقدم" (سُنية)، بزعامة رئيس البرلمان المنحل محمد الحلبوسي (سُني) حصلت على 38 مقعداً، لتحل في المرتبة الثانية.
وحلت في المرتبة الثالثة، كتلة "دولة القانون"، بزعامة رئيس الوزراء الأسبق، نوري المالكي (2006-2014)، بـ37 مقعداً.
من المقرر، خلال أيام، أن تحسم مفوضية الانتخابات الطعون على النتائج، وترسل النتائج النهائية إلى المحكمة الاتحادية للمصادقة عليها وإعلانها.
إذ تلقت مفوضية الانتخابات 356 شكوى على عملية الاقتراع.
في تلك الانتخابات التي أُجريت قبل موعدها المقرر بعد أن أطاحت احتجاجات شعبية، بدأت مطلع أكتوبر/تشرين الأول 2019، بالحكومة السابقة، برئاسة عادل عبد المهدي، أواخر ذلك العام، تنافس 3249 مرشحاً، يمثلون 21 تحالفاً و109 أحزاب بجانب مستقلين.
احتجاجات 2019
تجدر الإشارة إلى أن العراق أصبح أكثر أمناً الآن عما كان عليه منذ أعوام، كما بات العنف الطائفي أقل وضوحاً منذ القضاء على تنظيم "داعش" بمساعدة تحالف عسكري دولي وإيران.
لكن الفساد وسوء الإدارة المتفشيَين تركا كثيراً من سكان البلد بلا عمل، فضلاً عن نقص الرعاية الصحية والتعليم والكهرباء.
على أثر ذلك، نددت احتجاجات العراق التي استمرت أكثر من سنة، بالطبقة السياسية المتنفذة المتهمة بالفساد والتبعية للخارج، وطالبت بإصلاحات سياسية، بدءاً من إلغاء نظام المحاصصة القائم على توزيع المناصب بين المكونات الرئيسية، وهي الشيعة والسُّنة والأكراد.
في حين تعرَّض عشرات الناشطين المعارضين للأحزاب الأكثر رسوخاً للتهديد والقتل منذ احتجاجات 2019؛ وهو ما أدى إلى عزوف كثير من الإصلاحيين عن المشاركة في الانتخابات.
يأتي ذلك في الوقت الذي يتهم فيه مسؤولون عراقيون جماعات مسلحة لها صلة بإيران بالمسؤولية عن عمليات القتل، وهو ما تنفيه هذه الجماعات.
جدير بالذكر أن العراق أجرى انتخابات برلمانية خمس مرات منذ سقوط صدام حسين. وقال عراقيون كثيرون إن حياتهم اليومية لم تشهد أي تحسن؛ فلا تزال قطاعات كبيرة من البنية التحتية في حالة سيئة، كما أن خدمات الرعاية الصحية والتعليم والخدمات الأساسية- لاسيما الكهرباء- لا تغطي الاحتياجات.