أعلن رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، الجمعة 15 أكتوبر/تشرين الأول 2021، أنه وضع خارطة طريق مع الأطراف السياسية (لم يسمِّها) لإنهاء الأزمة في البلاد، مؤكداً وجود مساعٍ لـ"توسيع قاعدة المشاركة، وتوحيد كل قوى الثورة حول الأهداف المعلنة".
فيما قال حمدوك، في خطاب تلفزيوني مباشر: "السودان يمر بأسوأ وأخطر أزمة تهدد الانتقال الديمقراطي والبلاد كلها"، مضيفاً: "لن يسامحنا التاريخ إن لم نصل بالانتقال إلى نهايته المرجوة".
تشمل خريطة الطريق، بحسب حمدوك، "الوقف الفوري لكافة أشكال التصعيد بين جميع الأطراف، وعودة العمل في مؤسسات الفترة الانتقالية، وأن تدار الخلافات خارجها، والاتفاق على أن قضايا الإرهاب والمهددات الأمنية يجب ألا تخضع للمكايدات أو المزايدات أو التجاذبات باعتبارها من قضايا الأمن القومي".
كما تشمل "الابتعاد عن اتخاذ أية قرارات أو خطوات أحادية، وأن مرجعية التوافق بين مكونات السلطة الانتقالية هي الوثيقة الدستورية، والالتزام بتفكيك دولة الحزب لمصلحة دولة الوطن باعتباره التزاماً دستورياً مع مراجعة طرق ووسائل العمل وضمان حق الاستئناف"، وفق حمدوك.
في حين أكد أن "هذه الأزمة ليست وليدة اليوم، ولم تفاجئنا… وأن تعذُّر النجاح يأتي نتيجة صراع وانقسامات عميقة، ويجب الانحياز لتحقيق شعارات الثورة".
حمدوك كشف أن حكومته تُجري اتصالات لترتيب مؤتمر عالمي لمعالجة أزمات شرق السودان.
كما دعا كل القوى في شرق السودان إلى "مائدة مستديرة للتوافق حول القضايا التي أثارت الأزمة الحالية"، مشدّداً على أن "الأوطان تُبنى بمفارقة الاستبداد، ولن نتهاون مع محاولات إجهاض الفترة الانتقالية بأعمال تخريبية أو غيرها".
وشدّد على أنه يجب "إنهاء كل أنواع الشقاق، وتوسيع قاعدة الفترة الانتقالية لاستيعاب كل مكونات قوى الحرية والتغيير"، مؤكداً أن "تجربة الانتقال صعبة، وواهمٌ مَن يظن أنه يدرك كل حساباتها".
الصراع المدني – العسكري
على صعيد الصراع بين المكونين المدني والعسكري داخل مجلس السيادة، قال: "الصراع ليس بين المدنيين والعسكريين، لكنه بين معسكرَي الانتقال الديمقراطي والانقلاب على الثورة، ويجب وقف التصعيد بين الأطراف فوراً واعتماد الحوار سبيلاً للخروج من الأزمة، ويجب الابتعاد عن اتخاذ قرارات أحادية بمعزل عن أجهزة الدولة".
في السياق، أكد احترامهم للمؤسسة العسكرية، قائلاً: "نحن نقدّر دورها، ولا نحمّلها أوزار المحاولات الانقلابية"، منوهاً إلى أن "الشعب السوداني قادر على اجتياز كل المحن ليخرج منها أكثر قوة"، وأضاف: "المؤشرات الاقتصادية في الفترة الماضية شهدت تحسناً".
"مهب الريح"
كذلك استنكر حمدوك المحاولة الانقلابية الأخيرة، قائلاً إنها "خلقت خلافات وضعت بلادنا في مهب الريح، وهي باب دخلت منه الفتنة"، لافتاً إلى أن "خفض التصعيد والحوار هما الطريق الوحيد للخروج من الأزمة".
حمدوك دعا أيضاً إلى "ضرورة البدء فوراً في الإعداد للانتخابات، والعودة للعمل بجميع مؤسسات الدولة، وعدم استخدامها في الاستقطاب السياسي".
اتهامات متبادلة
تأتي تلك التطورات في ظل تصاعد الخلافات خلال الأيام الماضية، بين شركاء الحكم المدنيين والعسكريين بالسودان، خاصة في أعقاب الإعلان عن محاولة انقلاب فاشلة جرت مؤخراً؛ فقد أطلق الطرفان انتقادات واتهامات متبادلة.
كان البرهان ونائبه الفريق أول محمد حمدان دقلو "حميدتي" قد اتهما السياسيين المدنيين بالسعي "وراء مكاسب شخصية، وأن الانقلابات العسكرية سببها السياسيون الذين أهملوا خدمات المواطن وانشغلوا بالكراسي وتقسيم السلطة".
إلا أن محمد الفكي سليمان، وهو أحد أعضاء مجلس السيادة من المكون المدني، رد خلال مقابلة مع تلفزيون السودان الرسمي، الجمعة 24 سبتمبر/أيلول المنصرم، قائلاً إن "هناك محاولة من المكون العسكري لتعديل المعادلة السياسية وهذا مُخلٌّ بعملية الشراكة"، واصفاً ذلك بأنه "الانقلاب الحقيقي".
جدير بالذكر أنه منذ 21 أغسطس/آب 2019، يعيش السودان فترة انتقالية تستمر 53 شهراً تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقعت مع الحكومة اتفاق سلام، في 3 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
في حين تدير البلاد خلال الفترة الانتقالية حكومة مدنية، ومجلس سيادة (بمثابة الرئاسة) مكون من 14 عضواً؛ 5 عسكريين و3 من الحركات المسلحة و6 مدنيين.