يبدو أن خارطة التحالفات السياسية لتشكيل الحكومة العراقية بعد إعلان نتائج الانتخابات التشريعية تختلف عن سابقتها، خصوصاً بعد حصول رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر على 22% من مقاعد البرلمان العراقي.
وعلى الرغم من حصول الصدر "المكون الشيعي الأبرز" على 72 مقعداً من أصل 329 بالبرلمان العراقي، فإنه يواجه شروطاً تعجيزية من نظرائه قد تعرقل تحالفه مع "التقدم" برئاسة رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي "سنة"، والحزب الديمقراطي "كردي"، بزعامة رئيس إقليم كردستان السابق مسعود بارزاني لتشكيل الحكومة الجديدة.
يقول مسؤول في مكتب الصدر لـ"عربي بوست"، إن "النظام الانتخابي الجديد في الانتخابات المبكرة يعتمد على تقسيم العراق إلى 83 دائرة انتخابية، وهو ما ساعد الكتلة الصدرية في الفوز بالانتخابات ككتلة أكبر، والحصول على 72 مقعداً بالبرلمان العراقي الجديد، إلا أن هذا لا يساعدها على تشكيل الحكومة دون الدخول في تحالفات سياسية مع الكتل الفائزة بالانتخابات".
شروط تعجيزية تفرض على الصدر
فتحالف التقدم برئاسة محمد الحلبوسي، الحاصل على 37 مقعداً، والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني الحاصل على 34 مقعداً، هم الأقرب حالياً إلى الكتلة الصدرية، لتشكيل الحكومة الجديدة، إلا أن شروطهم تعتبر تعجيزية ولا يمكن القبول بها".
وتابع المسؤول بالقول إن "السيد مقتدى الصدر يريد أن تكون الحكومة العراقية الجديدة للأعوام (2021-2025) مستقلة غير متحزبة بدون تدخل إقليمي أو دولي بتشكيلها، ويرفض شروط الأحزاب التي تفضل مصلحتها على المصلحة العراقية".
إقليم سني مقابل رئاسة الوزراء
القيادي في التحالف أحمد العبيدي يقول لـ"عربي بوست"، إن "تحالف تقدم يعتبر المكون السني بالبرلمان العراقي، من أهم واجباته تشكيل إقليم سني بمحافظة الأنبار، من خلال الاتفاق مع القوى السياسية التي ستشكل الحكومة الجديدة، سواء كانت الكتلة الصدرية أو القوى الشيعية الأخرى".
ويضيف أن "شروط تحالف تقدم تتضمن الإعلان عن إقليم الأنبار بأنه إقليم سني، وتشكيل فيلق عسكري تحت مسمى حرس الإقليم، ومع تخصيص ميزانية في موازنة الدولة العراقية للإقليم والمناطق المحررة من سيطرة تنظيم داعش لإعادة إعمارها".
ولفت العبيدي إلى أن "الشروط تتضمن أيضاً إنشاء مطارات مدنية بمحافظات الأنبار ونينوى وصلاح الدين، مع إعادة ناحية النخيب إلى الأنبار، وفك ارتباطها الإداري مع محافظة كربلاء".
وتابع بالقول، إن "من أهم الشروط إعادة العوائل النازحة إلى ناحية جرف الصخر في شمال محافظة بابل، مع تشكيل قوة أمنية من أهالي الناحية لحمايتها من الهجمات الإرهابية والميليشيات المسلحة والخارجة عن القانون".
السنة يطمحون لرئاسة الجمهورية
على الصعيد السياسي، أوضح العبيدي، أن "تحالف تقدم يطمح للحصول على منصب رئيس الجمهورية وسبعة مناصب وزارية بالحكومة الجديدة، أبرزها وزارات الخارجية والنفط والمالية".
من جهته، رفض الحزب الديمقراطي الكردستاني التنازل عن منصب رئيس الجمهورية، فيما أكد أنه لن يكون حجر عثرة أمام الاتفاقيات السياسية لتشكيل الحكومة العراقية.
ويقول عضو الحزب أسعد طه، لـ"عربي بوست"، إن "منصب رئيس الجمهورية من استحقاق الكُرد، ولا يمكن لأي مكون آخر تجاوز على هذا الاستحقاق، وإن العرف السياسي بالعراق يتحدث على أن يكون منصب رئيس الجمهورية للكرد، ورئيس البرلمان للسنة، ورئيس الوزراء للشيعة".
وأضاف أن "الحزب الديمقراطي لن يكون حجر عثرة أمام الاتفاقيات السياسية لتشكيل الحكومة الجديدة، التي تسعى لها الكتل الفائزة بالانتخابات، الحاصلة على أعلى المقاعد البرلمانية، إشارة إلى الكتلة الصدرية بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر".
الكرد يطمحون لضم كركوك
ويتابع طه أن "شروط الحزب الديمقراطي مقابل تحالفهم هي الحصول على منصب رئيس الجمهورية ونائب رئيس البرلمان وأربع وزارات، أبرزها وزارة الخارجية أو المالية في الحكومة الاتحادية، بالإضافة إلى مستحقات إقليم كردستان بقانون الموازنة ورواتب البيشمركة، وضم المناطق المتنازع عليها وكركوك إلى الإقليم".
إلى ذلك، عقد المجلس الإطاري التنسيقي الشيعي اجتماعاً في ساعة متأخرة من ليلة الخميس، في منزل رئيس تحالف الفتح هادي العامري، لمناقشة نتائج الانتخابات، وتحرك لتشكيل الحكومة الجديدة بعيداً عن مقتدى الصدر.
القوى الشيعية المقربة من إيران ترفض نتائج الانتخابات
وذكر بيان للمجلس، اطلع عليه "عربي بوست": "إن رفضنا لما أُعلن من نتائج أولية للانتخابات العراقية وفق معطيات فنية واضحة، وإن ما ظهر في اليومين الماضيين من فوضى في إعلان النتائج، وتخبُّط في الإجراءات، وعدم دقة في عرض الوقائع، عزَّز عدم ثقتنا في أجراءات المفوضية، ما يدعونا إلى التأكيد مجدداً على رفضنا لما أُعلن من نتائج، والمضي بها يُهدد بتعريض الأهالي للخطر".
وضمَّ الاجتماع كلاً من رئيس تحالف الفتح هادي العامري، ورئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، ورئيس ائتلاف النصر حيدر العبادي، ورئيس تيار الحكمة عمار الحكيم، ورئيس هيئة الحشد فالح الفياض، ورئيس المجلس الأعلى الإسلامي همام حمودي.
من جهته، يتحرك ائتلاف دولة القانون برئاسة نوري المالكي لتشكيل تحالف سياسي يساعده لتشكيل الحكومة الجديدة، بمعزل عن رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر.
وقالت القيادية في دولة القانون، والفائزة بالانتخابات، عالية نصيف لـ"عربي بوست"، إن "الائتلاف تحرك مع تحالف الفتح والكتل السياسية الأخرى، لتشكيل تحالف الكتلة الأكبر داخل مجلس النواب المقبل؛ تمهيداً لتشكيل الحكومة الجديدة".
تحرك لتشكيل حكومة بمعزل عن الصدر
وأضافت أن "التحالف الجديد يضم حوالي 100 مقعد داخل البرلمان، وسيتحرك مع الأحزاب السنية والكردية، وفق المعطيات السياسية، والاتفاق على تشكيل الحكومة، على أن يكون مرشح رئيس الوزراء من دولة القانون".
من جهته، يقول المحلل السياسي محمد الغانمي لـ"عربي بوست"، إن "المعطيات السياسية تشير إلى تأخر الاتفاق على تشكيل الحكومة الجديدة مطلع العام المقبل، بسبب الصراع الشيعي-الشيعي على نتائج الانتخابات، والكتلة الأكبر التي ستشكل الحكومة الجديدة".
ويضيف الغانمي أن "الكتل السياسية الفائزة بالانتخابات، الحاصلة على أكثر المقاعد، أصبحت تفرض شروطاً على الكتل الأخرى، والحصول على حقائب وزارية في الحكومة الجديدة، لهذا نؤكد أن المرشح لرئاسة الوزراء لا يكون إلا بموافقة الجانب الإيراني والأمريكي".
وأظهرت النتائج الأولية للانتخابات حصول الكتلة الصدرية على 72 مقعداً، وتحالف تقدم 37 مقعداً، ودولة القانون 35 مقعداً، والحزب الديمقراطي الكردستاني 34 مقعداً، وتحالف الفتح 17 مقعداً، وتحالف كردستان 16 مقعداً، وتحالف عزم 12 مقعداً، والجيل الجديد 9 مقاعد، وامتداد 9 مقاعد، وإشراقة كانون 6 مقاعد، وتحالف قوى الدولة 5 مقاعد، والعقد الوطني 5 مقاعد، وتصميم 4 مقاعد، وبابليون 3 مقاعد، وجماهيرنا هويتنا 3 مقاعد، وحركة حسم للإصلاح مقعدين، المشروع الوطني العراقي مقعدين.