حزب الله يهدد بـ”انقلاب” على الحكومة.. أزمة تشتعل في لبنان بسبب “قاضي المرفأ”

عربي بوست
تم النشر: 2021/10/13 الساعة 12:38 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/10/13 الساعة 13:47 بتوقيت غرينتش
القاضي طارق البيطار

افتتح المحقّق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت، الذي وقع في 4 أغسطس/آب 2020، القاضي طارق البيطار، جلسات التحقيق حول المتورطين في انفجار مرفأ بيروت، من ضمنها واحدة لاستجواب وزير المال السابق والنائب الحالي علي حسن خليل، وهو وزير حركة أمل، التي يترأسها رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي.

لم يحضر خليل ولا وكلاؤه الجلسة؛ لذا سارع البيطار بإصدار مذكّرة توقيف غيابية بحقّه، والتي جاء في مضمونها أحقيّة توقيف المدّعى عليه من قبل الجهات المسلّحة، أي قوى الأمن أو الجيش أو أي فصيلة أمنية. 

وفي الوقت نفسه، تقدّم وكلاء كلّ من الخليل ووزير الأشغال السّابق غازي زعيتر بطلب الرّد إلى محكمة التمييز، وفور تبليغ البيطار بالطّلب كفّت يده عن الملف حتى البتّ فيه من قِبل رئيس الغرفة الأولى للتمييز القاضي ناجي عيد.

مناوشات

تأتي مذكّرة التوقيف بحقّ الخليل بعد أقلّ من 24 ساعة من هجوم قد شنّه أمين عام حزب الله في لبنان حسن نصر الله، متّهماً البيطار بأنّه مسيّس وخاضع للضغوطات، كما أنّه توجّه لأهالي الضحايا قائلاً: إنكم مع البيطار لن تصلوا إلى الحقيقة.

ووفقاً لمصادر حكومية، قالت لـ"عربي بوست" إن جلسة حكومة ميقاتي انفجرت ليتحول التحقيق في تفجير مرفأ بيروت إلى أزمة داخل وزراء الحكومة، حيث اعترض وزراء حزب الله وحركة أمل وتيار المردة على إجراءات القاضي طارق البيطار، ما أدى إلى حصول اشتباك كبير بين الوزراء، فيما فضّل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي طرح الموضوع بهدوء، وترك معالجته للسلطة القضائية.

وبحسب المصدر فإن سجالاً حادّاً دار في مجلس الوزراء، حول تغيير المحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت، القاضي طارق البيطار، وإنّ من بين المعترضين على كلام وزير الثقافة محمد مرتضى، الذي قال إن هناك اعتراضات شعبية على البيطار قد تتحوّل إلى تحركات في الشارع، وكان وزير البيئة ناصر ياسين، أشار بحسب المعلومات، أن "التهديد بالشارع سيقابله شارع آخر، وهذا سيورّط البلد في توترات ومواجهات، ويُعيدنا لنقطة الصفر أمام الناس والمجتمع الدولي".

انفجار مرفأ بيروت/ مواقع التواصل الاجتماعي

ووفقاً للمصدر فإنه وبسبب الخلاف عُلّقت الجلسة لعشر دقائق، حيث أجرى خلالها الوزراء اتصالات بمرجعياتهم السياسية، وكان واضحاً مسار التصعيد الذي سلكه وزراء حزب الله، في محاولة لفرض قرار واضح على الحكومة، بشأن تحقيقات المرفأ.

ورفعت الجلسة فيما بعد، على أن تُعقد عصر الأربعاء، لاستكمال البحث في طلب الوزراء الشيعة بتغيير القاضي، وتنحيته عن هذه القضية، إذ -حسب المعلومات- أصر الوزراء الشيعة ووزيرا تيار المردة على استبدال البيطار لاستكمال الجلسة.

خطاب نصر الله يترجم بالجلسة

في السياق، يعتبر مصدر سياسي رفيع المستوى لـ"عربي بوست"، أن هجوم نصر الله أمس على القاضي طارق البيطار، يعتبر وكأنه أصدر ما يشبه "أمر اليوم"، أو على أبعد تقدير "أمر المرحلة"، الذي يقضي بأنّ التحقيق في جريمة انفجار مرفأ بيروت وتحقيق القاضي طارق البيطار "لن يكتمل بهذا الشكل"، خصوصاً في الأيام القليلة المقبلة، ويعتبر المصدر أن دعوة نصر الله لمجلس القضاء الأعلى ومجلس الوزراء إلى إيجاد حلّ للموضوع، بعد مراجعة النصوص القانونية، ليس بيد مجلس الوزراء، فلا توجد مادة قانونية يمكنه من خلالها التدخّل في التحقيق وعمل المحقق العدلي وتحديد مصيره.

في سياق متصل، يقول مصدر قضائي لـ"عربي بوست"، إن رئيس وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله، الحاج وفيق صفا، موجود في مبنى قصر العدل بشكل مستمر، ويسمح لنفسه بالاطلاع على الملفات القضائية، ويقوم بالتحدث بطريقة "الأمر مع القضاة"، ويطلب من بعضهم إغلاق الملفات المرتبطة بالحزب وحلفائه، فيما أبلغ جميع مَن التقاهم بأن ملف البيطار سيُطوى على طريقة الحزب.

اجتماع القوى المتضررة

وفقاً لمصدر "عربي بوست"، فإن اجتماعاً جرى في دارة النائب المطلوب للعدالة علي حسن خليل، ضمه مع الوزير السابق يوسف فينيانوس -المطلوب بمذكرة توقيف في جريمة المرفأ- ورئيس وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله، الحاج وفيق صفا، وبحسب المصدر فإن الاجتماع حضره وزراء حزب الله وأمل والمردة في حكومة ميقاتي، حيث جرى الاتفاق على تصعيد داخل الحكومة في حال رفض ميقاتي والوزراء عزل البيطار من منصبه، وبحسب المصدر فإن المجتمعين كلفوا الوزير محمد مرتضى، على تأكيد وصول رسالة، وأنها بتكليف من رئيس البرلمان نبيه بري وأمين عام حزب الله حسن نصر الله، مفادها: "إما إقالة واستبدال القاضي بيطار قبل جلسة يوم الخميس، وإلا فلنا كلام آخر".

علي حسن خليل: موقف البيطار مسيس

وفي مقابلة تلفزيونية مع قناة الميادين، شدّد النائب علي حسن خليل، الصادر بحقّه مذكرة توقيف، على أنّ وزراء الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) سيطلبون من مجلس الوزراء غداً وضع قضية البيطار بنداً أولاً على جدول أعمالها، وتابع الخليل حديثه بالقول إن هجوم البيطار مقصود ومسيّس، وإنّه لم يستدعِ الوزراء المعنيين في صلب ملف تفجير المرفأ.

المجلس الأعلى للدفاع: طلب البيطار مرفوض

سبقت جلسة مجلس الوزراء اجتماع للمجلس الأعلى للدفاع، مع رئيس الجمهورية ميشال عون، للبتّ في طلب البيطار باستجواب مدير عام جهاز أمن الدّولة، اللواء طوني صليبا، إلا أن قادة الأجهزة الأمنية تغيّبوا عن حضور هذا الاجتماع.

يعتبر غياب القادة الأمنيين عن الاجتماع لإبقاء الموضوع في عهدة رئيس الجمهورية والأطراف السياسية الأخرى؛ كونه لا يمكن للقادة تحديد موقفهم أو إبرازه في هذا الملف، وبالتّالي إبقاء الموضوع على إطاره السياسي، حيث يرفض ميشال عون استدعاء اللواء صليبا إلى التحقيق.

كما يرفض المجلس الأعلى للدفاع ملاحقة صليبا؛ استناداً إلى حجج يعتبرونها قانونية، ولكنهم لم يصرّحوا بها، وبالتّالي يبقى الموضوع معلّقاً إلى حين إصدار القرار من محكمة التمييز حيال القاضي بيطار، أي القرار بشأن طلب الرّد المقدّم من الخليل وزعيتر.

الحكومة نحو الاستقالة؟

بعد الصراع الذي حصل بين الوزراء، تحدّثت مصادر عن إمكانية استقالة الحكومة، إمّا بقرار من رئيسها نجيب ميقاتي، أو من قِبل وزراء حزب الله وحركة أمل. وتعتبر المصادر أن موضوع البيطار قد يشكّل نقطة ضعف وعرقلة للعمل الحكومي، ما يجعل احتمالية استقالتها ممكنة.

ويؤكد مصدر حكومي لـ"عربي بوست"، أن فكرة إقالة الحكومة قد تبدو واردة، حيث إن ملف المرفأ يعتبر ملفاً حساساً للقوى السياسية المتورطة في ملف انفجار مرفأ بيروت، وتحديداً حزب الله، الذي هدّد أمينُه العام القاضي بيطار، ووفقاً للمصدر فإن حزب الله لديه تجربة سابقة في العام 2010، بإقالة الحكومة بسبب ملف قضائي مرتبط باتهام حزب الله حينها باغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، وفق ما أُطلق عليها حينها "قضية شهود الزور".

وبحسب المصادر فإن الثنائي الشيعي طرح عبر وزراءه في الحكومة ازاحة القاضي البيطار إما في مجلس الوزراء أو عبر مجلس القضاء الاعلى لكن الأمر لن يحصل بعد اجتماع حصل بين رئيس الجمهورية ميشال عون ووزير العدل اللذين رفضا هذا الأمر وأبلغاه لحزب الله.

تحميل المزيد