قال رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي الجمعة 8 أكتوبر/تشرين الأول 2021، إن السعودية "قبلته السياسية"، وإن الرياض لم تغلق أبوابها بوجه لبنان، في الوقت الذي ما زالت فيه المملكة مصرَّة على موقفها الرافض لاستقبال رئيس الوزراء الجديد، وتقديم الدعم السياسي واللوجستي لحكومته.
وتشكّلت الحكومة اللبنانية برئاسة ميقاتي، عقب 13 شهراً من التعثّر، إثر استقالة حكومة تصريف الأعمال برئاسة حسان دياب، في 10 أغسطس/آب 2020، بعد 6 أيّام من انفجار كارثي في مرفأ بيروت.
السعودية "قبلتي السياسية"
في مؤتمر صحفي بعد لقاء البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، رد ميقاتي على سؤال عما إذا كانت أبواب السعودية قد فُتحت له أم لا، قائلاً: "السعودية قبلتي السياسية وقبلتي كمسلم، وبالتالي لم تقفل بأي شكل من الأشكال، أنا أصلي صلواتي الخمس باليوم، وأتجه نحو قبلتي بالسعودية، وبالتالي لا توجد أبواب مغلقة".
كما أشار ميقاتي إلى أن حكومته تحاول أن تكون مع هموم الناس ولكن "العين بصيرة واليد قصيرة"، قائلاً: "إن هناك مشكلات كثيرة ونسعى لحلها بروية"، وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية.
كان ميقاتي قد صرح، في أول مؤتمر له بعد تشكيل حكومته، بأنه سيطرق أبواب العالم العربي، وأنه بحاجة إلى أشقائه العرب.
موقف السعودية من لبنان
كان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قد أكد في اتصال مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مطلع الشهر الجاري، على عدم الرضا السعودي عن آلية تشكيل الحكومة، وعن السياسات اللبنانية المستمرة التي بقيت على حالها.
وفقاً لمصدر مطلع صرح لـ"عربي بوست"، فإن بن سلمان أوضح للرئيس الفرنسي أن مشكلة السعودية مع لبنان ليست في الأشخاص ولا في الحكومة، بل في السياسات اللبنانية المتّبعة، ولا سيما السياسة الخارجية والأداء المستمر وتغطية ممارسات حزب الله في المنطقة العربية.
وفي اتصالهما شدّد بن سلمان لماكرون على أن المشكلة السعودية الأوضح مع لبنان هي حزب الله، وقدرته على فرض سياسته الخارجية على الحكومة الرسمية، لذا لا يمكن لأي مسؤول سعودي أن يوافق على مسايرة الفرنسيين وتقديم الدعم للبنان، فيما حزب الله يستمر في مواجهة السعودية في اليمن والعراق وسوريا، حسبما نقل المصدر.
وأوضح بن سلمان للرئيس الفرنسي أن المملكة غير مستعدة في الوقت الحالي لاستقبال ميقاتي واللقاء معه، وإعطائه شرعية للحكومة، في ظل الأداء المستمر والنهج المتبع، وأن أقصى ما يمكن أن تقدمه هو لقاء مع وزير الخارجية فيصل بن فرحان، وليس مع الملك سلمان أو ولي العهد السعودي.
في السياسة السعودية الجديدة لا حيز للبنان، هكذا يؤكد المحلل السياسي اللبناني جوني منير لـ"عربي بوست".
وفقاً لمنير، فإن الأداء السعودي اختلف في التعاطي مع ملفات المنطقة منذ تولي الأمير محمد بن سلمان للسلطة في المملكة، فالسعوديون يعتبرون أن لبنان استثمار خاسر في السياسة، لأن السعودية قدمت دعماً مالياً كبيراً للبنان منذ عقود ولم تحصد أي نتيجة إيجابية، بل على العكس، فقد تغوّل حزب الله في الإدارة والحكومة، وسيطر على قرار البلاد وأخضع الجميع.
يؤكد منير أن السعوديين أبلغوا الجهات المعنية التي راجعتهم منذ فترة اعتذارهم عن عدم تقديم معونات مالية للجيش اللبناني، ما يعني بالمحصلة أن الرياض لن تقدم أي دعم للحكومة الحالية، باعتبارها استمراراً لنفس النهج السياسي.
يعتقد منير أن مصر ستغطي المساحة السعودية في لبنان، بالتنافس مع قطر، لأن الجانبين يدركان خطورة ترك لبنان دون غطاء عربي.