كشفت مصادر مطلعة لـ"عربي بوست" أن الجزائر بصدد التصعيد ضدّ فرنسا على خلفية تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التي هاجم فيها الجيش الجزائري وشكك في تاريخ وجود الأمة الجزائرية قبل الاستعمار الفرنسي.
تبون يصم آذانه
ووفق مصادر "عربي بوست" فإن الجزائر ستفضّ بعض الشركات الفرنسية، كما ستلغي اتفاقيات اقتصادية وتقلص التعامل مع مكاتب الدراسات الفرنسية.
كشفت صحيفة "لو فيغارو" الفرنسية نقلاً عن مصادر مقربة من رئاسة الجمهورية الجزائرية أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يصم آذانه أمام دعوة ماكرون للتهدئة بعد تصريحاته التي أغضبت الجزائر، وقالت إن دعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في حوار مع قناة "فرانس إنتر" إلى التهدئة لم تغيّر من موقف الجزائر الغاضب.
وأكد المصدر ذاته أن الجزائر باتت ترى في تصريحات ماكرون أزمة بين دولتين وليس بين الشعب وفرنسا في حال انتقد سياسيون فرنسيون تصريحات ماكرون ضدّ الجزائر معتبرين إياها متهورة وهدفها الأول كسب أصوات اليمين واليمين المتطرف خلال الموعد الانتخابي مطلع السنة الجديدة.
وقال رئيس حزب فرنسا المتمردة، والنائب الفرنسي جان لوك ميلونشون، إن تصريحات ماكرون تليق بـ"رئيس منظمة غير حكومية" لا برئيس دولة، وعلى ماكرون الحديث إلى الدول الأخرى بطريقة معينة، "لا الإدلاء بتصريحات غير مسؤولة".
تصريحات ماكرون غير اللائقة برئيس دولة
أما مدير المعهد الفرنسي للعلاقات الخارجية والاستراتيجية، باسكال بونيفاس، فقد رأى في تصريحات ماكرون ضد الجزائر أنها "خطيرة جداً" واعتبر الخبير الجيوسياسي، تشكيك ماكرون في وجود أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي، انزلاقاً خطيراً "بالنظر إلى التاريخ المشترك بين البلدين".
وجَّهت الجزائر ثلاث ضربات اقتصادية غير مسبوقة للاقتصاد الفرنسي الذي كان يسيطر على ثلاثة قطاعات استراتيجية ومهمة في الجزائر.
وأنهت الجزائر يوم الخميس 7 أكتوبر/تشرين الأول سيطرة الفرنسيين على مترو العاصمة التي دامت لعقد كامل وأوكلت تسييره لشركة جزائرية خالصة.
ومع انتهاء عقد الشركة الفرنسية التي كانت تلح من أجل التجديد أغلقت الجزائر المترو لمدة 18 شهراً كاملة بحجة الوقاية من انتشار فيروس كورونا مع أن القطارات والتراموي كانت تشتغل بصفة عادية.
وتداولت بعض وسائل الإعلام أن الشركة الفرنسية المسيِّرة للمترو أخذت معها قاعدة بيانات التشغيل كانتقام لعدم تجديد عقدها، لكن وزير النقل الجزائري نفى ذلك عند إعلانه عودة المترو للعمل.
وفي السياق ذاته رفضت الجزائر تجديد عقد شركة "سويز" الفرنسية للمياه والتطهير والتي كانت مسؤولة عن توزيع المياه في العاصمة وعدة ولايات كبرى أخرى.
وقالت وزارة المياه الجزائرية في بيان لها: "انتهى عقد التسيير والشراكة، بين شركة المياه والتطهير للجزائر سيال، ومجمع سويز بعد ثلاثة تجديدات متتالية منذ إمضاء العقد الأول في سنة 2006، أي ما يعادل 15 سنة من الشراكة. ولهذا الغرض، قام مجلس إدارة شركة سيال، بتنصيب فرقة مسيرة جديدة جزائرية 100%"
أما الضربة الموجعة التي وفق مصادر "عربي بوست" تطبخ على نار هادئة فتتعلق بالاستغناء عن القمح الفرنسي تدريجياً لصالح القمح الروسي.
وتعد فرنسا من بين أكبر الموردين للقمح بالنسبة للجزائر، وكانت الأخيرة قد أرجعت شحنة فرنسية كبيرة مؤخراً لفرنسا، بعدما وُجد فيها جثث خنازير، كما قررت عدم التعامل مجدداً مع الشركة الفرنسية المورّدة وتستورد الجزائر ما يقرب 40% من إنتاج القمح الفرنسي سنوياً.