اتهمت وزارة العدل الأمريكية رجلاً كندياً من أصل سعودي بأنه كان "صاحب الصوت" المسؤول عن إلقاء مقاطع الفيديو الدعائية المؤثرة التي كان يصدرها تنظيم "داعش"، وذلك بعد سنوات من بقاء هويته لغزاً، مشيرة إلى أن المتهم نُقل إلى ولاية فرجينيا لمحاكمته أمام محكمة جزئية، طبقاً لما أوردته صحيفة The Washington Post الأمريكية، السبت 2 أكتوبر/تشرين الأول 2021.
حيث وجّه ممثلو ادعاء أمريكيون الاتهام إلى الرجل، الذي يُدعى محمد خليفة، بمساعدة تنظيم "داعش" والمشاركة في دعايته بالإعلان عن قطع رؤوس رهائن منهم الصحفي الأمريكي جيمس فولي.
فيما وصفت وزارة العدل "خليفة"، البالغ من العمر 38 عاماً، بأنه "شخصية بارزة" في الوحدة الإعلامية الناطقة بالإنجليزية التابعة لتنظيم "داعش" في العراق وسوريا.
تجنيد عناصر "داعش"
الوزارة أضافت أن "خليفة" سجل بصوته سرداً باللغة الإنجليزية في تسجيلات مصورة تدعو لتجنيد عناصر للتنظيم، وأنه كان مقاتلاً في التنظيم قبل أن يتم القبض عليه في عام 2019 من قِبل قوات "سوريا الديمقراطية" المدعومة من الولايات المتحدة، وهي جماعة مسلحة تسيطر على أجزاء من سوريا، وتلاحقها بعض الاتهامات.
من جهته، أكد الادعاء العام الأمريكي أن "خليفة" كان قد انضم إلى تنظيم داعش منذ 6 سنوات. وتزعم وثائق المحكمة أنه بدأ مقاتلاً في صفوف التنظيم، قبل أن ينتقل إلى المشاركة في ترجمة ونشر دعاية التنظيم باللغة الإنجليزية.
كما يزعم الادعاء أنه بات المسؤول في نهاية المطاف عن الذراع الإعلامية لداعش باللغة الإنجليزية، وقد تضمن ذلك إنتاج مقاطع فيديو وبيانات صوتية ومجلة على الإنترنت.
في حين يشير ممثلو الادعاء إلى أن "خليفة" ألقى صوتياً بنفسه أكثر من 10 مقاطع فيديو تدعو إلى الحشد والتجنيد في "داعش"، ومنها اثنان من أكثر مقاطع الفيديو الذي أصدرها التنظيم تأثيراً في استقطاب الغربيين: "لهيب الحرب.. الآن جاء القتال" في عام 2014، ومقطع فيديو "لهيب الحرب 2.. إلى قيام الساعة" في عام 2017.
في مقاطع الفيديو المشار إليها، تقول وثائق المحكمة إن "خليفة" حثَّ المتابعين على الانضمام لفروع تنظيم داعش في الخارج، أو شن هجمات منفردة في بلدانهم الأصلية، إذا لم يستطيعوا الانضمام. ويتضمن أحد مقاطع الفيديو تسجيلاً صوتياً للرجل الذي أعلن بيعته لداعش قبل الهجوم على أحد النوادي الليلية في أورلاندو بولاية فلوريدا الأمريكية في عام 2016.
"عمليات إعدام وحشية"
أيضاً تعرض مقاطع فيديو أخرى عمليات إعدام وحشية، شملت سجناء سوريين أُجبروا على حفر قبورهم، ومقطعاً لقتل طيار أردني بالحرق حياً.
بدوره، قال راغ باريخ، وكيل المدعي العام الأمريكي للمنطقة الشرقية في ولاية فرجينيا، في بيان: "بحسب المزاعم، فإن محمد خليفة لم يكتفِ بالقتال في صفوف داعش في ساحة المعركة بسوريا فحسب، بل كان أيضاً (صاحب الصوت) الذي يحشد لأعمال العنف هذه. لقد روَّج خليفة للتنظيم، وعزز جهود التجنيد له في جميع أنحاء العالم، وأسهم في توسيع نطاق مقاطع الفيديو التي تمجد جرائم القتل المروعة لداعش ووحشية التنظيم العشوائية".
على إثر ذلك، وجّه ممثلو الادعاء إلى "خليفة" تهمة التآمر لدعم تنظيمٍ إرهاب أجنبي، في جرائم أدت إلى مقتل أشخاص. وهي تهمة في حال إدانته بها، فسيُواجه عقوبة السجن المؤبد.
وفق صحيفة The Washington Post، لم تكن السلطات الأمريكية تملك أي فكرة عن هوية الراوي في الوقت الذي صدرت فيه مقاطع فيديو "لهيب الحرب". وفي عام 2015، طلب مكتب التحقيقات الفيدرالي من الجمهور إمداده بأي معلومات تساعد في تحديد هويته. بعد القبض عليه، عرَّف "خليفة" نفسه لعديد من المنافذ الإخبارية على أنه مسؤول الدعاية الغامض.
كان "خليفة" متخصصاً بتكنولوجيا المعلومات في تورنتو (كبرى مدن كندا) عندما انضم إلى تنظيم "داعش". وقال إنه تحول إلى التطرف بعد مشاهدته مقاطع الفيديو الدعائية التي كان يرويها أنور العولقي، وهو مواطن حامل للجنسية الأمريكية انضم إلى تنظيم القاعدة وقُتل في غارة أمريكية بطائرة بلا طيار باليمن في عام 2011، وفقاً لهيئة الإذاعة الكندية CBC.
جدير بالذكر أن أمارناث أماراسينجام، وهو باحث كندي في شؤون الجماعات المتطرفة بجامعة كوينز الكندية، كان أول من أشار إلى أن "خليفة" هو صاحب الصوت في مقاطع الفيديو الدعائية لـ "داعش".
لكن سجلات المحكمة لم توضح ما إذا كان هناك محامٍ موكَّل عن "خليفة" أم لا.