حذرت باريس، الأربعاء 29 سبتمبر/أيلول 2021، مالي من عزلة دولية "محتملة" في حال استعانت بمجموعة "فاغنر" الروسية، وسط تبادل الاتهامات بين الطرفين حول المسؤول عن تدهور العلاقات بين البلدين، بعد أن تمتعت فرنسا لسنين بنفوذ قوي وحضور عسكري في الدولة الإفريقية.
هذا التحذير أتى بعد الاتهام الصادر من مالي على منبر الأمم المتحدة "بتخلي" فرنسا عنها، مبررة بذلك اللجوء إلى "خيارات أخرى"، وهو الأمر الذي ترفضه باريس، مؤكدة أن جيوشها لن تغادر باماكو.
وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي وجهت من جانبها تحذيراً لمالي من أنها ستفقد "دعم المجتمع الدولي" وستتخلى عن "مقومات كاملة من سيادتها" إذا لجأت إلى مجموعة فاغنر الروسية.
وأوضحت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي في مجلس الشيوخ: "إذا دخلت مالي في شراكة مع المرتزقة، فستُعزل وستفقد دعم المجتمع الدولي الملتزم جدا تجاهها، وستتخلى عن مقومات كاملة من سيادتها، وستكون بعيدة عن تنويع شركائها وستنغلق مع مجموعة من المرتزقة".
اتهام فرنسا "بالتخلي" عن مالي
كانت حدة التوتر قد ازدادت بين البلدين مع خطاب رئيس وزراء مالي شوغل كوكالا مايغا، السبت، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي اتهم فيه فرنسا "بالتخلي" عن بلاده "في منتصف الطريق" بقرارها سحب قوة برخان، مبرراً بذلك بحث بلاده عن "شركاء آخرين"، من بينهم "شركات خاصة روسية".
قال رئيس الوزراء المالي: "الوضع الجديد الذي نشأ بسبب انتهاء "برخان"، العملية العسكرية الفرنسية في مالي، والذي يضع مالي أمام أمر واقع ويُعرّضها لما يشبه التخلّي في منتصف الطريق، يقودنا إلى استكشاف السبل والوسائل لكي نضمن على نحو أفضل الأمن مع شركاء آخرين".
وتابع أن المطلوب هو "ملء الفراغ الذي سينشأ حتماً عن إغلاق بعض مواقع برخان في شمال مالي"، مندداً بـ"قلة تشاور" باريس وإعلان "أحادي" صادر من دون تنسيق ثلاثي مع الأمم المتحدة والحكومة المالية.
باريس ترفض الاتهامات
من جهته، صرح مستشار للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الثلاثاء، بأن باريس تأمل من المجلس العسكري الحاكم في مالي "توضيح الأمور" واحترام التزاماته بشأن الانتقال السياسي ومكافحة الإرهاب.
وأوضح مستشار ماكرون: "لا يزال هناك مجال لتوضيح الأمور"، قائلاً: "نحتاج من المجلس العسكري احترام الالتزامات المتعلقة بالانتقال السياسي، وهو أمر ضروري لاستقرار مالي، ونحتاج إلى التزامات واضحة في مكافحة الإرهاب، ونريد أن يمتنع الماليون عن اللجوء إلى خدمات ميليشيا رأينا في جمهورية أفريقيا الوسطى وليبيا الفوضى التي يمكن أن تسببها".
وأضاف الإليزيه: "تم إبلاغنا بعدد من الاتصالات" بين الطرفين، مضيفاً: "نعتقد أنه لا يزال بإمكان الماليين اتخاذ القرار الصحيح".
ولفت إلى أن "البديل واضح بالنسبة لنا، هناك مسألة ثقة مطروحة"، مؤكدة أن اللجوء إلى المرتزقة "لن يكون متوافقاً" مع استمرار مهمة القوات الدولية المشاركة في مكافحة الجهاديين.
القلق من مجموعة فاغنر
كانت فرنسا والاتحاد الأوروبي قد أعربتا سابقاً عن قلقهما حيال توجه مالي إلى روسيا، خلال مبادلات في نيويورك، وفق ما قال لافروف. واعتبرت 13 دولة أوروبية بعضها منخرط في تحالف القوات الخاصة "تاكوبا" في مالي، الجمعة، أنه من غير المقبول أن تتدخل مجموعة فاغنر في البلاد. وذهبت فرنسا وألمانيا وإستونيا أبعد من ذلك، إذ حذرت من أنها ستعيد النظر في وجودها العسكري في مالي في حال تمّ التوصل إلى اتفاق.
ولفتت تقارير إلى أن حكومة مالي التي يهيمن عليها الجيش في باماكو تقترب من التعاقد مع ألف عنصر مسلح من مجموعة فاغنر الأمنية الخاصة الروسية.
ويتواجد عناصر مجموعة فاغنر في دول عدة من بينها ليبيا وجمهورية إفريقيا الوسطى، حيث يتهمون بارتكاب انتهاكات. وتشتبه دول غربية وخصوصاً باريس، في أن مجموعة فاغنر تعمل لحساب الكرملين في المواقع حيث لا يريد أن يظهر رسمياً.
ومن المقرر أن يغادر الجنود الفرنسيون بحلول كانون الأول/ديسمبر القواعد الواقعة في كيدال وتيساليت وتمبكتو في شمال مالي، على أن يتمّ تخفيض عدد القوات الفرنسية في منطقة الساحل من أكثر من خمسة آلاف عنصر حالياً إلى 2500 أو ثلاثة آلاف عنصر بحلول 2023.
لكن وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي أكدت، الإثنين، من باماكو أن فرنسا "لن تغادر مالي" وأنها لا تزال "مصممة" على مواصلة معركتها ضد الإرهاب إلى جانب القوات المالية.