للمرة الثانية خلال العام الجاري، جمَّد القضاء اللبناني، الإثنين 27 سبتمبر/أيلول 2021، مؤقتاً، التحقيقات التي يجريها طارق البيطار، المحقق العدلي بقضية انفجار مرفأ بيروت، بعد طلب لاستبداله قدَّمه وزير الداخلية الأسبق "نهاد المشنوق".
و"المشنوق" نائب حالي في البرلمان وأحد الوزراء السابقين الأربعة الذين ادعى عليهم القاضي "البيطار" في 2 يوليو /تموز الماضي، بقضية انفجار المرفأ، وطلب رفع الحصانة النيابية عنه تمهيداً للتحقيق معه.
حيث ذكرت وكالة الإعلام الوطنية (رسمية) أنه "اعتباراً من هذه اللحظة علّق البيطار تحقيقاته وكل الإجراءات المتعلقة بالملف إلى حين بتِّ محكمة الاستئناف ببيروت في طلب "المشنوق" بالقبول أو الرفض.
كان المكتب الإعلامي لـ"المشنوق" أعلن يوم الجمعة الماضي، في بيان، أنه تقدم بواسطة وكيله المحامي نعوم فرح، بطلب أمام محكمة الاستئناف في بيروت لردِّ القاضي "البيطار" وتعيين محقق عدلي آخر بدلاً منه .
ارتكز طلب "المشنوق" على أن "البيطار تجاوز الدستور اللبناني" الذي أسند صلاحية اتهام الوزراء إلى المجلس النيابي وحده. كما نص الطلب على أن المحاكمة يجب أن تتم أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وليس أمام القضاء العدلي.
حملة تشويه ضد القاضي طارق البيطار
هذه الخطوة جاءت بعد قيام النخبة السياسية اللبنانية بحملة تشويه ضد القاضي طارق البيطار الذي عُيِّن لقيادة التحقيق بعد توجيه اتهامات مماثلة لسلفه من جانب سياسيين أراد استجوابهم بشبهة الإهمال.
من جهته، أبدى رئيس الوزراء اللبناني، نجيب ميقاتي، أمله في أن يستمر البيطار بمنصبه، قائلاً إن لبنان لا يتحمل إقالة قاضٍ ثانٍ بعد أن أدت الدعوى إلى تجميد التحقيق، في انتظار صدور حكم قضائي.
ميقاتي أضاف في تصريح لقناة "إل.بي.سي": "لا معرفة شخصية بالقاضي البيطار، وأسمع أنه فوق كل الشبهات، واليوم كفُّ يده أمرٌ قضائي، وأنا شخصياً لا أتدخل بالقضاء، وأتمنى أن يتابع مهمته بتوازن ونريد التحقيق".
في حين ذكر رئيس الوزراء: "يجب أن تكون له الحماية اللازمة، وبدأنا نأخذ الاحتياطات الأمنية بشأن التهديدات التي قيل إنها طالت القاضي البيطار".
استياء عارم بين أهالي الضحايا
رداً على الإجراء الذي اتُّخذ، الإثنين، قال إبراهيم حطيط وهو ممثل لأسر الضحايا، قُتل شقيق له في الانفجار: "هناك استياء عارم عند الأهالي، ونوع من القرف من الطبقة السياسية".
في السياق، طالبت الأسر التي تتهم الطبقة السياسية بأنها تستغل الحصانات التي تتمتع بها، بتحقيق دولي، قائلة إن التحقيق اللبناني يتوقف بعد كل مرة يبدأ فيها.
بدوره، قال نزار صاغية رئيس "المفكرة القانونية"، وهي مؤسسة للأبحاث والاستشارات، إنه من الواضح أن السياسيين يستخدمون جميع الوسائل القانونية والحصانات لوقف التحقيق، لافتاً إلى أن نظام الحصانات يدافع عن نفسه بطريقة وقحة بلا حدود، على حد تعبيره.
يشار إلى أنه بعد مرور أكثر من عام على وقوع الانفجار لم يتم إحراز تقدم في محاولات محاسبة أي من كبار المسؤولين، بسبب طعن أطراف قوية، من بينها جماعة حزب الله، وآخرين من الطبقة الحاكمة في حياد التحقيق.
كان "البيطار" قد قدّم طلباً في يوليو/تموز الماضي، لاستجواب رئيس الوزراء السابق حسان دياب وغيره من كبار المسؤولين الذين اتهمهم الادعاء بالإهمال في ما يتعلق بالانفجار.
كما أصدر "البيطار"، يوم 16 سبتمبر/أيلول، أمر اعتقال لوزير الأشغال العامة السابق يوسف فنيانوس، بعد أن تغيَّب عن استدعاء للاستجواب، وكان هذا أول أمر اعتقال لمسؤول في القضية.
في المقابل، نفى الجميع ارتكاب أي مخالفة في هذا الانفجار، وهو من أكبر الانفجارات غير النووية المسجلة على مستوى العالم، والذي نتج عن كمية ضخمة من نترات الأمونيوم كانت مخزنة بشكل غير آمن في المرفأ منذ عام 2013.
تجدر الإشارة إلى أنه في 4 أغسطس/آب 2020، وقع انفجار في المرفأ أودى بحياة 217 شخصاً وأصاب نحو 7 آلاف آخرين، فضلاً عن أضرار مادية هائلة في أبنية سكنية وتجارية.